تقرير : هند الأمين الخرطوم 3-10-2019م (سونا)- تعد السياحة باعثاً أساسياً للتنمية المستدامة ومطلباً اقتصادياً مهماً لتحفز الاستثمارات السياحية والطبيعية والبيئية والثقافية، وتعتبر رافداً أساسياً في التنمية الاقتصادية مما جعل العديد من الدول تأخذها كمصدر مهم من مصادر الدخل الوطني وترتبط بالتنمية الاقتصادية ارتباطاً وثيقاً بعد أن كانت عِلماً مجرداً وهي أحد العناصر الأساسية للنشاط الاقتصادي في الدول السياحية، واهتمت بها المنظمات العالمية كالبنك الدولي ومنظمة اليونسكو التي أصبحت تنظر إلى السياحة كعامل أساسي ومهم للتقريب بين الثقافات. ويتجه العالم نحو توظيف التقنيات الحديثة في التنمية المستدامة وهي التنمية الاقتصادية والاجتماعية المتجددة والقابلة للاستمرار دون الأضرار بنوعية الموارد الطبيعية التي تستخدم في الأنشطة البشرية وتعتمد عليها عملية التنمية. وتسعى العديد من الدول وخاصة الدول التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة إلى تطوير وتنشيط القطاع السياحي لما يُحدثه من تنمية اقتصادية واجتماعية، ولا تبنى أساسيات السياحة على اعتبارات اقتصادية وتكنولوجية، ولكن يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الحفاظ على البيئة وتنوعها واحتياجات السكان المضيفين عامة والذين يعملون في الحقل السياحي خاصة. ويعد السودان من الدول البكر التي تزخر بالكثير من المقومات السياحية وبمختلف أنواعها وذلك لتنوع بيئاته الجغرافية والتاريخية والثقافية، ففي الشمال آثار الممالك النوبية القديمة التي تعتبر مهداً لأقدم الحضارات البشرية، حيث الأهرامات والمعابد الفرعونية، وفي الشرق سواحل البحر الأحمر الساحرة والجزر المرجانية الفريدة التي تشكل موطنا للأسماك الملونة والعديد من الكائنات البحرية المدارية وفي الغرب تمتد الصحارى الرملية والقمم البركانية في مناخ يشبة مناخ البحر البحر الأبيض المتوسط، وإضافة إلى ذلك توجد الثقافة المحلية المتمثلة في القبائل والأثنيات المتعددة والمختلفة وتظهر في نماذج الموسيقية والأزياء التقليدية الرائعة والرقص الفريد الخاص بتلك القبائل. وتنتشر في السودان الآثار التاريخية التي تعكس الحضارات المختلفة التي مرت على البلاد بدءاً من آثار النوبة وآثار سلطنة الفور في الغرب والفونج في الوسط ثم الآثار الاستعمارية والمهدية في سائر أنحاء السودان الآثار النوبية التي تسطر الحضارة السودانية القديمة وتحكي أن إنسان السودان وهو الأقدم بحسب الاكتشافات التي أكدت ذلك مؤخرا. وتشمخ الأهرامات النوبية في شمال السودان بولاية نهر النيل في مدينة مروي، أو "البجراوية" هو الاسم القديم للمدينة وكانت عاصمة المملكة الكوشية وتحوي الأهرامات التي أقامها الحكام الكوشيون في (السودان) عام 300 قبل الميلاد. واشتهرت النوبة بكثرة بناء الأهرامات حيث كان النوبيون يعتقدون أن ملوكهم آلهة أحياء ولما يموتون هم وملكاتهم لابد من دفنهم في مدافن عظيمة لهذا يوجد بها أهرامات عديدة أكثر مما موجود حاليا بمصر ويصل عددها إلى حوالي 220 هرماً، وهي من أقدم الأهرامات في وادي النيل، وإلى جانب الأهرامات توجد عدة معابد قديمة منها معبد الأسد أبادماك ومعبد آمون والكشك الروماني وكلها تقع في مدينة النقعة، إضافة إلى منطقة المصورات الصفراء وبها بعض الآثار النوبية القديمة. وفي شرق السودان توجد آثار سواكنالمدينة التاريخية القديمة على ساحل البحر الأحمر شيدت على جزيرة مرجانية ويحيط بها سور له خمس بوابات تتميز مبانيها القديمة بالزخارف والنقوش الجميلة وتوجد على بعد ميلين منها ثمانية أبراج أثرية للمراقبة زارها الكثير من الرحالة العرب. ويتمتع السودان بالمناطق السياحية والمناظر الطبيعية مما أتاح فيه مناظر خلابة، فشواطئ البحر الأحمر تمتاز بنقاء المياه وخلوها من التلوث البحري وشفافيتها وتستقطب حاليا جزءًا كبيرًا من السواح خاصة محبي رياضة الغطس تحت الماء والرياضات المائية الأخرى، وتزخر شواطئ البحر الأحمر بالشعب المرجانية، كما توجد به جزيرة سنقنيب وهي الجزيرة الوحيدة بالبحر الأحمر التي تكتمل فيها دائرة الشعاب المرجانية الحلقية "الأتول" وخليج دنقناب والمنطقة ويزخر بالتنوع البحري الساحر. وفي الغرب بوسط دارفور ينتصب جبل مرة يحكي تاريخ الغرب العريض بارتفاع 10.000 قدم فوق سطح الأرض وله مجموعة من السلاسل بطول 240 كلم وعرض 80 كيلو تتخللها الشلالات والبحيرات البركانية ويعد ثاني أعلى قمة في السودان يسود فيه طقس البحر المتوسط توجد به مجموعة كبيرة من البراكين والطيور المهاجرة وتوجد به العديد من المناظر الطبيعية الخلابة وأعداد كبيرة من الحيوانات مثل القرود منها ماهو نادر وله مجموعة من أنواع الغطاء النباتي يتكون من بيوت صغيرة مكونة من الحجارة وشكلها دائري وبه مجموعة من الحيوانات البرية المختلفة والنادرة الوجود وبه أيضا محمية الزغاوة. وتعد شلالاته من أجمل المناظر في الجبل وتوجد مجموعة من الشلالات منها: شلال نيرتتي وشلال مرتجلو وشلال سوني وشلال قلول، هذه الشلالات ساعدت على المناخ المعتدل للجبل وبه بحيرة بركانية فوق فوهة الجبل وتتوفر فيه مياه كبريتية ويعتبر منطقة جذب سياحي وهنالك محمية تعتبر واحدة من أكبر تجمعات تكاثر الطيور المستوطنة بالسودان والطيور المهاجرة إليه، خاصة الأوز والبط والحباري واللقالق. وتوجد في السودان عدة محميات طبيعية تتنوع فيها الحياة البرية والنباتية والمناخات وتشكل مقصداً للباحثين والسياح والمهتمين بالحياة البرية، حيث تستوطن فيها أنواع كثيرة من الحيوانات البرية والطيور والحشرات إلى جانب الأنواع المختلفة من النباتات بما فيها الأشجار والشجيرات والأعشاب. ومن أبرز المحميات السودانية: حظيرة الدندر في جنوب شرق السودان ومحمية الردوم في جنوب غرب دارفور ومحمية جبال الحسانية بولاية نهر النيل ومحمية الغزالة ومحمية وادي هور بشمال دارفورة محمية المثلث ( تايا - باسندا - القلابات) بولاية القضارف ومحمية جبل الدائر بمحلية الرهد بولاية شمال كردفان وغابة امبارونة في ولاية الجزيرة وغابة السنط في ولاية الخرطوم. وتعد حظيرة الدندر من أجمل المحميات الطبيعية وتضم مجموعة كبيرة من الحيوانات البرية والطيور وتتمتع الحظيرة بموقع فريد، حيث تغطيها السهول الغنية بالحشائش والنباتات والأدغال، إلى جانب بركة وبحيرة وهي ملتقيات نهر، وتجمع أهم الحيوانات التي توجد بالمحمية: الجاموس الأفريقي، وحيد القرن، الأفيال، ظبي القصب البشمات ظبي الماء، (الكتمبور)، التماسيح، الزراف، التيتل النلت، الأسود، الضباع، الحلوف، أبو شوك (القنفذ)، القط أبو ريشات، النسانيس والغزلان وغيرها من الحيوانات الصغيرة. وتجري بأراضي السودان العديد من الأنهار أهمها نهر النيل والنيل الأبيض والأزرق والأنهار الموسمية، ويعتبر مقرن النيلين من أجمل المناظر الطبيعية وهو المنطقة التي يلتقي فيها النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم في مشهد طبيعي رائع وخلاب، حيث يلاحظ المرء كيف تسير مياه النيل الأزرق الطينية الداكنة إلى جانب مياه النيل الأبيض الصافية، ثم يختلطان مع بعضهما ويصحبان نهراً واحداً بمياه خفيفة الزرقة. كما تعتبر المحميات البحرية من أهم المحميات في السودان وهي موطن لأكثر الحيوات البحرية تنوعاً، بما في ذلك الأنواع المهددة بالأنقراض من أسماك القرش السلاحف البحرية والدلافين وبقر البحر والشفانين وسمك الأسد وغيرها من الأحياء البحرية النادرة. وفي الشمال يعتبر شلال السبلوقة الواقع في ولاية نهر النيل مقصدًا للسياح لطبيعة المنطقة الجبلية وضيق مجرى النيل فيه مما يؤدي إلى تدفق مائي فريد والمنطقة تضم العديد من أجناس الحياة البرية كالطيور والحيوانات المختلفة. وتسعى حكومة السودان إلى توظيف تلكم المقومات الفريدة التي اجتمعت في دولة السودان لتأخذ السياحة أولوية قصوى في منظومة الدولة الجديدة وتطوير المعطيات التي تسهم في الجذب السياحي. وقال الدكتور جراهام عبد القادر وكيل وزارة الثقافة والإعلام إن السياحة كنز لا ينضب وديبلوماسية شعبية في بناء العلاقات بين الدول، وتوفر الفوائد المادية والمعنوية وتدخل في إطار التنمية المستدامة، وقال في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للسياحة الذي تم مؤخرا إن إحصائيات للسياح الذين دخلوا البلاد مؤخرا برغم ضعف الإعلام السياحي وضعف التشريعات الخاصة بالاستثمار السياحي زادت بنسبة 6%. وأبان أن العام 2018 بلغ عدد السياح 130 ألفا سائحا جاء إلى البلاد من شتى بقاع العالم. ويشهد سوق السياحة السودانية نموا ملحوظا وفقا للأرقام والإحصائيات المتوفرة من المواعين الايوائية (الفنادق والنزل السياحية)، بالإضافة إلى مناطق السياحة ووكالات السفر والنقل العاملة بقطاع السياحة أيضا المطاعم التي تترك انطباعا طيبا للزائر عن السودان. وترجع العقبات التي تواجه السياحة في السودان إلى الصورة الإعلامية السالبة التي تعكس عنه بالخارج وعدم الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد وعدد من العوامل الأخرى التي اجتمعت لتفرض واقع السياحة الآن بالتالي تحتاج عملية صناعة السياحة في السودان للصبر ووضع الخطط والبرامج وتوجيه الإعلام بصورة إيجابية. وتعتمد تنمية وصناعة السياحة على عدد من العوامل أبرزها تحسين نوعية الحياة للمجتمع المضيف وحماية المراكز السياحية والطبيعية والبيئية داخل البلد، احترام الموروث الثقافي للمجتمع والحفاظ على القيم والتقاليد والعادات والمساهمة في فهم العلاقات الثقافية والتسامح، التأكيد على الخطط السياحية الطويلة الأمد مع توفير ما ينتج عنها من منافع اقتصادية وتوزيعها بصورة عادلة على الجهات المساهمة، ومنها توفير فرص العمل لتحسين دخل الفرد ومحاربة الفقر، تطوير السياحة كمصدر دائم للدخل وذلك بترسيخ المفاهيم السياحية والوعي بها عند الحكومة والمجتمع وتقديم نوعية عالية من المعلومات والخبرات السياحية بالشكل المناسب.