بغداد 25-10-2019م(ا ف ب )- نزل العراقيون مساء الخميس إلى الشوارع مجددا للتنديد بالطبقة السياسية، وذلك بعد مظاهرات بدأت في مطلع أكتوبر راح ضحيتها 150 متظاهرا. وتأتي مظاهرات الخميس قبل ساعات من احتجاجات مرتقبة لأنصار رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر. ووُضعت جميع قوات الأمن في حالة تأهب مساء الخميس من قبل حكومة عادل عبد المهدي التي وصلت قبل عام واحد فقط إلى السلطة. واستخدمت القوات الأمنية العراقية ليل الخميس الجمعة خراطيم المياه لتفريق متظاهرين مناهضين للحكومة عند مدخل المنطقة الخضراء في وسط العاصمة بغداد، والتي تضم مقار رسمية ودبلوماسية، بحسب ما أفاد شهود. وفي مواجهة قوات الأمن، يعتزم مقتدى الصدر وضع كل ثقله في ميزان الحركة الاحتجاجية التي تندد بفساد الزعماء وتطالب بوظائف وخدمات في بلد غني بالنفط ولكنه يعاني نقصا مزمنا في الكهرباء ومياه الشرب. والصدر الذي كان في طليعة الاحتجاجات من أجل مكافحة الفساد، دعا أنصاره إلى التظاهر، كما طلب من فصائل "سرايا السلام" المسلحة التي يتزعمها الاستعداد "لحماية المتظاهرين"، ما أثار مخاوف من حصول مزيد من أعمال العنف. وفي أوائل أكتوبر، قُتل 157 شخصا، معظمهم متظاهرون، وفق حصيلة رسمية. وفي ساحة التحرير في بغداد، تجمع مئات المتظاهرين الخميس هاتفين "كلهم سارقون"، في إشارة إلى الطبقة السياسية. وتوجه وزير الداخلية ياسين الياسري إلى ميدان التحرير مساء الخميس لكي يؤكد للمتظاهرين أن قوات الأمن منتشرة ل"حمايتهم"، بحسب ما جاء في بيان رسمي. وفي مدينة الناصرية (300 كلم جنوببغداد)، دعا متظاهرون إلى "اعتصامات حتى سقوط النظام". ومن المتوقع أن تتسع رقعة التظاهرات صباح الجمعة، على أن ينضم إليها في فترة بعد الظهر أنصار الصدر الذي يدعم تحالف "سائرون" البرلماني الفائز في الانتخابات التشريعية في مايو 2018. وكان الصدر قد دعا في وقت سابق إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة في البلد ذي الغالبية الشيعية. واقتحم أنصار الصدر المنطقة الخضراء في 2016 ودخلوا البرلمان ومكتب رئيس الوزراء. وفي استعراض واضح للقوة، كانت فصائل "سرايا السلام" قد خرجت في وقت سابق في مسيرات مسلحة في معقلها في مدينة الصدر. ومن المنتظر أن يُلقي ممثل آية الله علي السيستاني، أعلى مرجعية شيعية في العراق، خطبة ظهر الجمعة. وقبل أسبوعين، أعطى السيستاني مهلة للحكومة من أجل التحقيق في أعمال العنف والاستجابة لمطالب المتظاهرين. وليل الخميس الجمعة، وجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خطابا إلى الأمة دافع فيه عن إنجازاته، واتهم أسلافه بأنهم سلموه دولة ذات اقتصاد مستنزف وأمن هش. كما انتقد الصدر من دون أن يُسميه. وكانت الحكومة العراقية قد أصدرت في 6 أكتوبر الجاري سلسلة قرارات "هامة" خلال جلسة استثنائية عقدت برئاسة عبد المهدي، تضمنت حزمة إصلاحات من أجل تهدئة غضب المتظاهرين. وتتصاعد منذ أيام عدة الدعوات إلى التظاهر الجمعة، الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لتولي حكومة عبد المهدي مهماتها، وانتهاء مهلة الأسبوعين التي منحتها المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في البلاد للسلطات، للاستجابة إلى مطالب المحتجين. ويشير خبراء إلى أن عدم اعتماد إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب في بلد يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فسادا في العالم، ليس إلا تأجيلا للمشكلة.