تقرير/ سمية سراج الخرطوم 1-11-2019م (سونا) توعية الشباب بالمخدرات وأضرارها وتأثيرها النفسي أمر مهم، فالمخدرات تعرف بأنّها أي مادة سواء أكانت طبيعية أم مصنَّعة لها خصائص كيميائيّة قادرة على التأثير على الجهاز العصبي في الدّماغ ولها أنواع كثيرة وتشترك جميعها في الإدمان من أوّل جرعة مما يجعل تأثيرها خطيرًا جدًا على الفرد والمجتمع، وحسب الإحصائيات فإنَّ أكثر فئة تنتشر فيها المخدرات بشكلٍ عالٍ جداً هي فئة الشباب التي تعد أهم شريحة في المجتمع. منظمة بت مكلي القومية أقامت مؤتمرا دوليا قوميا ثانٍ بعنوان " تحديات علاج الإدمان والتأهيل في الشرق الأوسط وأفريقيا" بقاعة الصداقة، الذي استضافه السودان في الفترة من 23-26 أكتوبر الماضي بحضور (24 ) دولة، والذي يهدف إلى مناقشة تحديات علاج الإدمان في العالم العربي والأفريقي والإسلامي والذي وجد مشاركة واسعة من مختلف أنحاء العالم من الخبراء والمهتمين بقضية علاج الإدمان، حيث قدم المؤتمر عددا من الأوراق العلمية لمناقشة هذه الظاهرة. أكدت المستشارة لبنى علي رئيس منظمة بت مكلي القومية في الجلسة الافتتاحية ضرورة دعم الدولة، ودعت إلى تبنيها مثل هذه المؤتمرات والعمل على مكافحة المخدرات، وأشارت إلى أن السودان عضو في الشبكة الأفريقية لمكافحة الإدمان وأن منظمتها أنجزت العديد من الأعمال حول هذه الظاهرة، وشددت على أهمية تكاتف الدولة بكل مؤسساتها والمراكز لتبني العلاج وتنفيذ المشروعات الخاصة بعلاج الإدمان وإعادة التأهيل وتقديم الدعم اللوجستي وزيادة التوعية بين الشباب، ودعت لتكاتف وتضافر الجهود الإعلامية لزيادة التوعية ومحاربة المخدرات. وأضافت لبنى أن المجتمع المدني يحتاج لتكاتف أجهزة الدولة الأمنية للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات وسط الشباب وتوفير أجهزة الكشف للجمهور، مطالبة الأجهزة الأمنية بتوفير جهاز فحص بصيلات الشعر الخاص بكشف تعاطي المخدرات لتحديد مستوى الإدمان بالبلاد ولأهميته في تحديد فترة الإدمان للمتعاطين ومدة التعاطي لدى المتعاطين وتسهيل العملية العلاجية وعلاج المشكلات الناتجة عنها، وكشفت عن تعافي ( 45) من متعاطي المخدرات على نفقة المنظمة وعودة ( 35) منهم إلى سوق العمل، ونوهت إلى أن الشبكة العربية الأفريقية لتحديات علاج الإدمان تضم 18 دولة وقد تم عبرها إنشاء مركز دراسات البحوث والظواهر السالبة. من جانبه قال مستشار الإدارة العامة لمكافحة المخدرات اللواء شرطة بروفيسور أحمد عمر الجمل إن الإدارة استطاعت من خلال الجهود التي بذلتها خفض العرض للمخدرات بمهنية عالية وخفض الطلب عليها وذلك من خلال التعاون مع العديد من الجهات، وأكد أن التحديات تعتبر من المشكلات التي ينبغي الاهتمام بها، وأشار إلى أن العلاج أخذ منحى متخصصا بقيام العديد من المراكز التي ساهمت في العلاج. ودعا إلى أهمية قيام مركز قومي لمعالجة الإدمان وإعادة التأهيل بالمجان وقال إنهم يتوقعون إنشاءه قريبا وإدخال العلاج ضمن التأمين الصحي. من جهته قال الناطق الرسمي لقوات الدعم السريع العميد ركن جمال جمعة آدم إن المؤتمر يستهدف أهم شريحة معرضة الآن لخطر الإدمان وهي الشباب الذي يقاس بها مستوى ما يقدمه إنسان لأي دولة ويهتم به كثير من علماء التنمية البشرية لوضعه الخطط المستقبلية، وتمنى أن يخرج المؤتمر بتوصيات تضع الحلول للمشاكل الراهنة الخاصة بمعالجة الإدمان، وأكد أهمية التوعية بمخاطر المخدرات. كما أكد جمعة دعم ورعاية الدعم السريع للمؤتمر ومواصلة هذه الجهود من حيث المسؤولية والإنسانية والأخلاقية التي تصب في مصلحة إنسان السودان والمنطقة المستهدفة وللحفاظ على الشباب من هوى أنفسهم وهوى المجتمع وجشع وطمع المروجين وتجار السموم، وأكد أن من واجبات الدعم السريع المشاركة في مكافحة التهريب بكل أنواعه والمخدرات بصفة خاصة التي هي السبب في عملية الإدمان، وأشار إلى أن قواته ضبطت في أكتوبر الماضي سبعة ملايين حبة مخدرة عابرة لاستهداف شباب الدول العربية والإسلامية. كما أوضح د. محمد مصطفى من المنظمة العربية لمكافحة المخدرات، أن المخدرات تعد كارثة عالمية تغزو الدول العربية وتحتاج إلى مكافحتها ومحاربتها بتضافر جميع الجهود المحلية والدولية وحث القانونيين والأمنيين على ضرورة تعديل القوانين الخاصة بالمخدرات وأشار إلى أنه ستعقد عدد من الاتفاقيات وسيكون للسودان الحظ الأكبر سواء بالعلاج أم التدريب، وأشار إلى أهمية المخابرات في مكافحة مثل هذه الظاهرة. مستشار وزارة العدل سالم علي بلايل أكد خلال مخاطبته المؤتمر أهمية المؤتمر، وأبان أنه تناول قضية في غاية الأهمية وهي قضية تحديات الإدمان وإعادة التأهيل، وثمن جهود مكافحة مرض الإدمان الذي يهدد الشباب، وأشار لأهميته ووضع الحلول لحماية الشباب، وأضاف أن وزارة العدل تهتم بمخرجات المؤتمر لتكون عوناً لها في صياغة القوانين. وأكد ممثل وزارة العدل المستشار سالم علي بلايل أن مخرجات هذا المؤتمر ستعين الوزارة كثيرا في وضع القوانين الرادعة، وأكد أن المخدرات مهدد خطير على حياة الشباب ولذا ينبغي الاهتمام بالشباب والعمل على حمايتهم لمواصلة جهودهم في تنمية الشعوب. من جهته قدم دكتور ياسين يوسف القدال ورقة بعنوان "خدمات الصحة النفسية في السودان بين الحاضر والمستقبل وتجارب علاج الإدمان في السودان"، سرد من خلالها خدمات الصحة النفسية التي يجب أن تتوفر لتقديم خدمة صحية نفسية بصورة جديدة، وأبان كثيرا من المشاكل التي تعترض مسيرة عملهم في مستشفيات السودان منها ضعف الخدمات الصحية المقدمة للمرضى. . وقدم د. القدال عددا من التوصيات من بينها وجود سياسة قومية لمكافحة المخدرات وتوفير الأدوية لتصبح في متناول اليد، إلى جانب وضع ميزانية وتمويل لخدمات الصحة النفسية مع توفير كمية من الأسرة بالمستشفيات، كما أوصى بأهمية وجود أطباء نفسيين في كل الولايات، لان نسبة الموجودين منهم بالخرطوم تمثل 90% وتوجد نسبة ضئيلة جدا في باقي الولايات، وطالب بوجود ممرضين نفسيين وتدريبهم وتأهيلهم لمرافقة المرضى. وأكد د. القدال أهمية وجود معالجين نفسيين في كل التخصصات، ووجود مرشدين اجتماعيين في مجال الصحة النفسية مع تقديم برامج لبعض الشرائح المستهدفة بالإضافة إلى وضع خطة متكاملة للعلاج النفسي. كما قدم ماجد العلوش من الشقيقة فلسطين ورقة بعنوان "تجربة مركز الصديق الطيب في العلاج والوقاية"، بدأ حديثه بعبارة "نحن نعالج ولا نعاقب" وتوجد حقيقة واحدة أن المدمن مريض ولابد للدولة أن تقدم له العلاج، وأبان أنه لا توجد حالة مرضية ميئوس منها ولكي نتواصل مع المشكلة الاجتماعية للمدمن لابد من البداية من الصفر بمعرفة جذور المشكلة الأولية ولابد لنا أن نواصل فيما توصل له السابقون لكي نسير في بناء برامج خاصة لدولنا العربية والإسلامية.. وقال العلوش إن من البرامج العلاجية والوقائية للمدمنين أن لا ننتظر الدولة أن تقدم لهم أي خدمة، بل نسعى مع الشباب في وضع برامج التوعية والرعاية. وأشار إلى أنهم في فلسطين يعملون كمجتمع مدني رغم الحصار من أجل بلادهم، حيث تم افتتاح مركز للعلاج بمدينة غزة. ولفت العلوش إلى أنهم أدخلوا العلاج البديل للفئات المستهدفة بالعلاج، حيث ينقسم العلاج إلى عدة مراحل، المرحلة الأولى مصاحبة أحد المدمنين السابقين المتعافى لأحد المرضى، وتأتي بعدها مرحلة الإرشاد الجماعي والفردي وكذلك برامج الرعاية اللاحقة تعمل بشكل عام في قضية التقبل ليصبح المدمن نظيفا من المخدرات، وفي داخل مراكز العلاج عند وصول المريض يخضع لكل الفحوصات المعملية لتشخيص كيفية الطريقة التي يجب أن يمر بها العلاج ويعطى الأدوية بمساعدة الطبيب. جوزفين فليس قدمت ورقة بعنوان" معالجة الكحول والأثر الصحي للمتعاطي" أوضحت فيها لعلاج أي مشكلة لابد من معرفة السبب الأساسي، القلق والهم يكون أحد أسباب الاكتئاب وبعض الأطفال يشعرون بعدم الأهمية تجاههم من الأسرة وإخوانهم وصعوبة وجود أصدقاء، الأطفال أحياناً يعاقبون بسبب أشياء لا يدركونها تحدث عفوياً. وأوضحت أنهم في الولاياتالأمريكية من المؤسف الشديد أن الذين يعانون من أمراض نفسية يعزلون عن أقرانهم، فإن من أسباب العلاج للمريض النفسي أن يجد الاهتمام من الذين حوله في المجتمع، ويجب التعامل مع المريض النفسي مبكرا وإذا لم يعالج يزيد في المخدرات والخمور حتى يدمن. عواطف الربيع مشاركة من فلسطين الشقيقة أكدت في ورقتها "الوقاية من ناحية الجانب العلمي" أن البرنامج الوقائي يقدم للفئات المستهدفة من الشباب اليافعين والناشئين وطلاب المدارس بتدريب المشرفين والمرشدين وبرنامج طلاب الجامعات وبتدريب اختصاصيين إعلاميين لتحقيق الأهداف والوقاية والتوعوية بتطبيق قانون مكافحة المخدرات واستخدام الإعلام في التوعية لتكون لدينا لغة إعلامية مؤثرة، وبالتعاون مع عدة مؤسسات رسمية وزارة التربية والتعليم، المجلس الأعلى للشباب، تدريب الأئمة والوعاظ ومؤسسات دولية لدينا معهم برامج مشتركة وضرورة تبادل الخبرات. والتوصيات التي قدمت في نهاية المؤتمر تضمنت أن تتولى قيادة قوات الدعم السريع بناء مراكز تأهيلية متكاملة لعلاج مرضى الإدمان، بجانب إنشاء مستشفى خاص متخصص في علاج الإدمان وإعادة التأهيل ويكون العلاج فيهما بالمجان بإعداد ومصاحبة كادر طبي متخصص والتأكد من صحة المعالج النفسي، وأشارت المستشارة لبنى علي إلى أهمية التأمين الصحي كانت من التوصيات المهمة في العام السابق، الدعوة لتبني برنامج المناهج التعليمية والتوعية ابتداء من الرياض ومراحل الثانوي مروراً بالجامعات وتوضيح مخاطر تعاطي المخدرات، وأشارت لبنى إلى ضرورة إجازة قانون مكافحة التبغ بالسودان وفي عالمنا العربي بتكوين لجنة وطنية لمكافحته باعتباره برنامجا وطنيا، وأوضحت أهمية التوعية الصحية وإزالة الوصمة من المريض النفسي بإدراج الأسرة أولادها في مراكز العلاج. المساجد والخلاوى ودور ديننا في التوعية بالمخاطرعبر الخطب والدروس، وكذلك الدعوة لتبني قناة تلفزيونية عربية أفريقية متخصصة في التوعية، والعمل على تفعيل وسائل وتطوير المشروعات القانونية وتنفيذها بين الدول العربية والشبكة العربية الأفريقية لتحديد علاج الإدمان. ضرورة عمل وتصميم بروتوكولات إعلامية تناسب بيئة كل دولة على حدة والسودان بصفة خاصة مع الاستفادة من البروتوكولات والبرامج العلاجية الأخرى حول العالم، ضرورة وجود بدائل مهنية لتجار ومزارعي ومروجي المخدرات خاصة في المغرب العربي ومنطقة الردوم في السودان بوضع استراتيجية لاستثمار الأراضي المزروعة بالقات والحشيش وتحويلها لمنتجات زراعية أخرى. العمل على التوسع في إنشاء مؤسسات ومواعين للتدريب والتأهيل على أن تكون هناك إدارة تسمى "الإدارة القومية للإدمان" في وزارة الصحة وإجراء الدراسات الإحصائية لتحديد نسبة الإدمان بالتنسيق بين الهيئة العربية والمؤسسات في الدول الأخرى لتوفير المعلومات والحماية والتوعية والتأهيل. تضمن الهيئة العربية لمكافحة المخدرات رصد جائزة سنوية تمنح للمنظمات والمؤسسات ومراكز البحوث العلمية الناشطة في ابتكار البحوث في مجال التوعية. واختتمت لبنى توصيات المؤتمر وقدمت الدعوة لكل الدول المشاركة بالتواصل الفعلي وتبادل المعلومات. الجدير بالذكر أن منظمة بت مكلي القومية، منظمة خيرية لها عدة أنشطة مشروعات أهمها حملة مكافحة المخدرات والدورات التدريبية للشباب في التوعية بالمخدرات وتعاطي الإدمان، فقد نظمت أول مؤتمر لها بالسودان في أكتوبر 2018م اشتمل على كثير من التوصيات.