دعا خبير قانونى الحكومة السودانية الى التعامل مع ظاهرة الاتجار بالبشر باعتبارها جريمة تقتضى الضرورة منعها ،خاصة بعد تصنيفها بأنها ثالث أكبر تجارة "غير مشروعة" في العالم . وقال الدكتور عبد القادر ورسمه غالب المستشار القانوني و أستاذ القانون بالجامعة الأمريكية بالبحرين والذى يحمل الجنسية السودانية أن على الحكومة السودانية التعامل مع جريمة الاتجار بالبشر بكل جدية لمنعها و السيطرة علي آثارها. ومضى في حديثه (لسونا) قائلا "علينا الاستفادة من التجارب العالمية مع الحرص علي اعتماد وتطبيق المعاهدات الدولية المعنية، و في نفس الوقت، إصدار التشريعات القانونية الملائمة مع توفير التجهيزات الإدارية اللازمة والمقتدرة لتنفيذ القانون" وشدد على ضرورة التصدي المهني والقانوني للجريمة المنافية لأبسط القيم الإنسانية والمعتقدات الدينية. وقال ورسمه إن للجريمة العديد من الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأبشع ما فيها انعدام الجانب الإنساني لأن مرتكبها يتناسى أنه يتعامل مع بشر مثله. داعيا الى ضرورة التصدى بقوة ومحاربة تلك التجارة لانعكاساتها الضارة علي كل المجتمع. وأوضح الخبير السوداني أن جريمة الاتجار بالبشر تعتبر ثالث أكبر تجارة "غير مشروعة" في العالم بعد تجارة بيع السلاح المهرب وبيع المخدرات بكافة أنواعها. وبين أن أنشطة الاتجار بالبشر تزدهر لأنها تحقق أرباحا بالمليارات حيث يُنقل ملايين البشر عبر الحدود الدولية سنويا للاتجار بهم كسلع رخيصة، أو يتم استغلال الضعفاء محليا. وتؤكد تقارير مكتب الأممالمتحدة للمخدرات والجريمة، المكتب المعني بالبرنامج العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر عالمية هذه الظاهرة وأن ملايين الأشخاص يتم المتاجرة بهم وما ينتج من أرباح غير شرعية يقدر بالمليارات من الدولارات. وقال دكتور عبد القادر إن دول العالم حرصت علي إصدار قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر، و تم تعريف جريمة الاتجار بالأشخاص "... يقصد بالاتجار بالأشخاص، تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة الاستغلال، و ذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ أو إساءة استعمال سلطة ما علي ذلك الشخص أو بأي وسيلة أخري غير مشروعة سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة. و يشمل إساءة الاستغلال، استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء........". وتمثل النساء النسبة الأكبر من ضحايا الاتجار بالبشر عبر الحدود والأغلبية تتم المتاجرة بهم للأغراض الجنسية لممارسة الدعارة بالقسر والرق الأبيض أو الإجبار على الخدمة في المنازل والعمل بأجور زهيدة وفي ظروف عمل مجحفة وغير إنسانية. وتطرق الى الأسباب التى تؤدى الى ممارسة الجريمة والاثار السلبية التى تترتب عليها والتى تمثل انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان في الحياة والعمل والحرية والتحرر من العبودية بجميع أشكالها. بالإضافة للإضرار بالصحة العامة و ما يحدث من صدمات نفسية و أمراض جسدية و جنسية يصعب تجاوزها، والاثر البالغ على الاقتصاد القومي عن طريق دخول أموال غير مشروعة بسبب ارتكاب جريمة غسل الأموال و جرائم الإرهاب الضارة بالاقتصاد الوطني مع الإضرار بسوق العمالة و ظروف العمل. ونسبة لخطورة آثار الجريمة علي المستويين الدولي والمحلي. تم اتخاذ العديد من الخطوات الدولية لمكافحته عبر العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية و منها علي سبيل المثال اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة والبروتوكولين المكملين لها بما في ذلك بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وذلك كمنظومة متكاملة للحماية من العنف والانتهاكات والسعي الدائم للتعاون مع الآليات الدولية المستقلة المعنية بالاتجار بالبشر بما في ذلك مقرر الأممالمتحدة المعني بالاتجار بالبشر وأعماله المستمرة لمكافحته وإنهاء جميع أشكال الإساءة لحقوق الأفراد وخاصة حقوق العمالة الوافدة وفقا لأهداف التشريعات الوطنية والمعاهدات الدولية. وهناك اتفاقيات دولية هامة نذكر منها الإعلان والميثاق العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة ، الاتفاقية الخاصة بالرق، اتفاقية حظر الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير، الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق وتجارة الرقيق والأعراف والممارسات الشبيهة بالرق. وهناك حقائق دامغة توضح خطورة الموقف لا يمكن تجاوزها بل يجب أخذها في الحسبان مثل تقارير منظمات العمل الدولية التي تشير إلى أن هناك أكثر من 12 مليون شخص يقعون ضحايا للعمالة القسرية أو السخرة سواء كانت بأجر أو بدون أجر. وتقارير منظمة اليونيسيف التي تشير إلى أن ملايين من الأطفال من الجنسين يجبرون علي البغاء سنويا وهناك أعداد متزايدة من النساء يتم إغراؤهن يوميا للدخول في عالم الجنس السياحي خاصة في البلدان الفقيرة. وتشير التقارير أيضا لبعض المشاريع التي تتصل بشكل وثيق بجرائم الاتجار بالبشر كعمليات غسل الأموال وجرائم الإرهاب وتهريب المخدرات وتهريب البشر والمتاجرة بالأعضاء.