هيكل الاتحاد مسئولية الدولة وليست الفيفا يدور هذه الأيام صراع وجدل عنيف بين الاتحاد العام بقيادة الأخ مجدي شمس الدين وبين الدولة ممثلة في لجنة مشروع القانون الجديد بقيادة الأخ عبدالقادرمحمد زين وفي ذات الوقت الذي يتصاعد الصراع بينهما تدخل الفيفا طرفاً يطالب الاتحاد بأن يعدل نظامه الأساسي ليتوافق مع لوائح الفيفا وبمهارة وخبرة يوجه مجدي مطالبة الفيفا بما يحقق لهم المزيد من الهيمنة على الاتحاد تحت دعوى الأهلية والديمقراطية (كلمة الحق التي يراد بها دائماً باطل).. الدولة ممثلة في لجنة الأخ عبدالقادر تعمل من أجل مزيد من سلطة الدولة بينما يعمل الاتحاد من أجل رفع يدها تماماً وبصورة مطلقة حتى يتمكن الاتحاد من الهيمنة تماماً على المؤسسة الرياضية الأهلية، وفي رأيي كلاهما يطالب بما ليس له حق فيه حيث يخلو الصراع من تأمين العلاقة السوية التي تحفظ حقوق الطرفين دون تغول من طرف على آخر وهو ما تنادي به الفيفا نفسها ولا ترفضه وتحرص على تمتين العلاقة بين الطرفين مع احترام المبادئ الأساسية للفيفا أو الاتحادات الدولية، فالاتحاد يسخر الفيفا لتمرير كل ما يحقق هيمنته مع أنه نفسه يتجنب الانصياع لقانون الفيفا عندما يرى أن في هذا الانصياع ما يؤثر على هيمنته وما يؤكد ذلك: 1- في الوقت الذي يدفع الاتحاد بالفيفا لأن ترفض وجود المفوضية حتى لا تضمن في النظام الأساسي وهو ما سبق وطالبت به الفيفا إبان الأزمة الأخيرة نجد الاتحاد في نفس الوقت يقترح العودة لمسجل الهيئات بدلاً عن المفوضية فأي تناقض أكثر من هذا، فالاتحاد هو الذي استبدل المسجل بالمفوضية عندما كان في حالة حرب مع المسجل عصام عطا ذلك الأسد الذي وقف بجانب القانون ونجح في الحد من تسلط الاتحاد لو لا أن السيد الوزير يومها (كسر ضهره) لصالح الاتحاد حتى استبدل الموقع بالمفوضية التي يريد الاتحاد أن يستبدلها ثانية بالمسجل والأسباب معروفة. 2- وهنا (امسكوا الخشب) الاتحاد الذي يطالب بتوافق النظام الأساسي للاتحاد مع الفيفا يفعل هذا بما يحقق مصالحه حيث أن هذا الاتحاد نفسه رفض ولا يزال يرفض العمل بقانون الفيفا الذي ألغى منصب السكرتير واستبدله بأمين عام متقرغ وظيفياً وهو ذات المنصب الذى يحتله مجدي الذي يقود التفاوض مع الفيفا وهو منصب ملغي ووجود مجدي فيه مخالف لقانون الفيفا ولكن الاتحاد بعث برسالة تهديد للفيفا يطلب منها عدم تطبيق هذه المادة على الاتحاد السوداني لأن هذه المادة تتعارض مع قانون الدولة الذي ينص على منصب السكرتير وتجاوبت الفيفا وقبلت هنا مخالفة قانونها حتى يبقى مجدي في موقعه تحت حماية قانون الدولة وليس الفيفا، (انظروا كيف يتم التعامل بمكيالين) ولا أدري ماذا يفعل مجدي لو أن الدولة الآن قررت أن يكون إلغاء منصب السكرتير هو أول بند توافق على إضافته في النظام الأساسي خضوعاً للفيفا. الدولة سواء مثلت بالوزارة أو لجنة القانون تنساق في الفخ الذي ينصبه الاتحاد لحاجة في نفس يعقوب والذي يشعل الحرب بينهما ويضعهما في موقف التضارب في المصالح وهذا ما يراهن عليه الاتحاد لحماية مصالحه باللعب على الحبلين، حبل الفيفا في مواجهة الدولة وحبل الدولة في مواجهة الفيفا.. أي نظرة تحليلية لهذا الموقف تؤكد بكل أسف أن الاتحاد نجح في أن يضع الوزارة تحت عباءته بسيف الفيفا الذي يشهره دون وجه حق والذي لا يخلو من الغرض كما أن الدولة عبر مسيرتها التاريخية غائبة عن الوعي بحقوقها ولو أنها أدركت طبيعة العلاقة التي تجمعها بالفيفا والحدود الفاصلة بين حقوق كل طرف لما غرقت الدولة في هذه المتاهات والأزمات التي يفجرها الاتحاد من حين لآخر لحاجة في نفس يعقوب لهذا كنت أتوقع من الوزارة أن تحدد أولاً موجهات وحدود العلاقة بين الدولة والفيفا والتي أجملها في نقطتين: 1- أولاً إن النظام الرياضي أي الهيكل الذي يقوم عليه الاتحاد هو شأن خاص بالدولة والفيفا ليست طرفاً على الإطلاق للتدخل فيه وليس في قانونها ما يشير له الهيكل فالدولة هي التي تنشئ الاتحاد على الهيكل الذي تريده. وقد نجح قادة الاتحاد أن يصوروا أن الهيكل الحالي (الفاشل بكل المقاييس) هو جزء من منظومة الفيفا وأن الدولة ملزمة به وهذا غير صحيح ومن هنا تبدأ مسئولية الدولة في الاهتمام بهذا الحق الذي أهملته لجهلها وهو أن تقرر وبإرادتها الحرة كيف يكون هيكل الاتحاد لتبدأ الحركة الإصلاحية لهذا وقبل أن ينصب مجدي نفسه نداً للدولة أمام الفيفا لتقرر الدولة إن كان هيكل اتحاده هذا هو المناسب وهو ما تشير كل الدلائل على أنه فاشل بعد التحول نحو الفيدرالية وتحويل الأندية للولايات مما يقتضي قيام اتحاد قومي يقوم هيكله على الأندية القومية. 2- المحور الثاني الدولة ملزمة ما دامت ارتضت الانتساب للفيفا أن تلتزم بما يتطلبه هذا الالتزام من الشروط التي ينص عليها قانون الفيفا وليس هناك مجال للخروج عليها هنا لا بد أن تقف الدولة على متطلبات الفيفا والتي لا تخرج عن استقلالية الاتحاد في أن يدير النشاط بعيداً عن تدخل الدولة ووفق اللوائح الفنية المنظمة للنشاط الصادرة عن الفيفا. وبهذا لا أرى أي سبب لوجود صراع بين الطرفين إذا ما التزم كل طرف حقوقه، أما أن يفرض الاتحاد هيكله الحالي على الدولة ليسخره على هذا النحو نداً وخصماً أقوى فهذا ما لا تقبل به الا دولة غائبة عن الوعي.. فالحقيقة أنه لا مكان للاتحاد في المنظومة لو أن الدولة مارست حقها في الهيكلة وكفلت للفيفا متطلبات الالتزام بلوائحها الفنية. أما أن تنساق الدولة لهذه الحرب فهي خاسرة وعلى الدولة أن تستأصل الداء من جذوره ولن يصعب عليها الوصول لكلمة سواء مع الفيفا لعدم وجود تناقض بسن الطرفين ما دام كل منهما يلتزم حدود صلاحياته المعترف بها من الجانبين.