التقى وزير الخارجية الأستاذ علي كرتي، بعدد محدود من رؤساء التحرير قبل أيام داخل النادي الدبلوماسي في الخرطوم، وتمّ في اللقاء تداول العديد من الأفكار حول القضايا العامة ذات الصلة بالعمل الدبلوماسي.. واحتمل الوزير بصبر شديد الآراء الناقدة للأداء الدبلوماسي أو للسياسة الخارجية في فترات سابقة، وسجّل بنفسه كل كلمة أو ملاحظة أبداها المجتمعون، على مدى ثلاث ساعات أو أكثر هي مدة اللقاء المشترك. ونحسب أن الرجل كان سباقاً في لقائه مع عدد من رؤساء التحرير، وقد يجتمع بالبقية الباقية منهم خلال الأيام أو الأسابيع القليلة القادمة للتفاكر وسماع رأي أهل الصحافة والإعلام، بحسبان أنهم من قادة الرأي وصناعه في المجتمع حول سياسات السودان الخارجية بعد التاسع من يوليو القادم، عقب إعلان دولة الجنوب الجديدة، وهذه اللقاءات محمدة للسيد الوزير الذي يشعر أهل الصحافة والإعلام بأنه حريص على تفادي مايكرفونات الإذاعة وكاميرات التلفزة وتفادي السعي المستمر وراء الصحافة والصحفيين.. وهو كما أشرنا بالأمس حريص على ضبط الخطابين السياسي والرسمي، بحيث لا يكون هناك خروج عن النص في التعامل مع أجهزة الإعلام حول السياسة العامة للدولة مثلما كان يحدث في السابق، وما يحدث بين الحين والآخر في الوقت الحالي. أجمع الصحفيون على أن تكون علاقة الخرطوم النموذجية والأقوى مع دولة الجنوب الجديدة، لأن هذا يحقق الكثير ويبسط الأمن في ربوع السودانين الشمالي والجنوبي دون حاجة لأن ترفع أي من العاصمتين السلاح في وجه أختها. وركزت حديثي تحديداً على أهمية تحسين العلاقات مع دول الجوار العربي والأفريقي، وذكرت مصر والسعودية بصفة عربية خاصة وأثيوبيا وأريتريا وتشاد وأفريقيا الوسطى بصفة أفريقية خاصة، على اعتبار أن الفواصل الطبيعية بيننا وبين ليبيا أقوى من أي محاولة تقارب حقيقي، اللهم إلا في حالات دعم المعارضة والحركات المسلحة وإيواء المتمردين مثلما هو حادث الآن في علاقة (ليبيا القذافي) مع بلادنا. وجاء تركيزنا على ضرورة إيلاء الدور الثقافي لبلادنا أهمية عظمي لدى التعامل مع دول القارة، ووجدنا أن السيد الوزير متفهم تماماً ويملك الأمثلة والنماذج العديدة التي تؤكد على أهمية دور الثقافة السودانية في مجالات الفكر والأدب والموسيقى والغناء والدراما والإعلام في كل القارة وفي دول ما يسمى بالحزام السوداني الممتد من أريتريا شرقاً وحتى موريتانيا غرباً. العقل المفتوح والسياسة المنفتحة هما من ضرورات المرحلة.