إشارات سالبة ظل يرسلها جهاز التشويش الإسرائيلي للحكومة المصرية بغية عدم خلق علاقات تعاون وتكامل مصري سوداني، والذي من المفترض أن يتوج بتفعيل اتفاقية الحريات الأربع من الجانب المصري وبالتالي فتح الحدود بين البلدين، لكن إسرائيل وحفاظاً على مصالحها العليا ظلت تُعلن عن تبنهيا المستمر لهجمات صاروخية على سيارات محملة بالسلاح تقول انه في الغالب الأعم إيراني الصنع، وتتم عملية القصف تلك داخل الحدود السودانية دولة المعبر تلقاء غزة، في المقابل فان تلك السيناريوهات مرصودة لدى الخرطوم التي اعتبرتها على لسان وزير خارجيتها رسائل سالبة للجانب المصري القصد منها حثه على التفكير ملياً قبل فتح الحدود مع السودان، وأشار علي كرتي في تصريحات منشورة أمس إلى أن إسرائيل تقوم بالتشويش على العلاقات السودانية المصرية التي ظلت محل اهتمام مباشر من الرئيس البشير منذ توليه السلطة. غير أن مصر ظلت على الدوام تنظر إلى السودان من باب الوصاية والشقيق الأكبر خاصة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك ، فيما يبدو أن سماء العلاقة بين البلدين شهدت صفاءً جزئياً بعد عهد مبارك مصحوباً بسعي حثيث من الحكومة السودانية التي قادت خطوات في اتجاه تطوير العلاقة بين البلدين والخروج بها من نفق مبارك المظلم، ولم يفت على وزير الخارجية تذكير القيادة المصرية الحالية بأن الخرطوم تسعي في مقابل تجاهل مصري، وأوضح الوزير قائلاً خلال زيارته مطلع الأسبوع الحالي للقاهرة « الرئيس البشير منذ توليه للسلطة وهو يمد يد العون مع مصر، ولكن مصر لم تلتفت إلى السودان على الرغم من أن التجربة أثبتت أن السودان عمق استراتيجي لمصر). ولمّا كانت مصر وعلى مدى العصور الماضية تُشكل الثقل والعمق العربي لاسيما في مواجهة إسرائيل فان الأخيرة تتابع باهتمام بالغ أي تقارب مصري مع الدول الإقليمية خاصة السودان باعتبار أنه يُمثل بوابة أفريقيا نحو المد العربي الإسلامي وهو أكثر ما تخشاه إسرائيل ان يصل ذاك المد إلى أفريقيا الأرض البكر بمواردها الطبيعية والمائية، ويذهب متابعون إلى أن إسرائيل حريصة على عدم حدوث اتفاق مصري سوداني حول رؤية واحدة خاصة اذا كانت تلك الرؤية سالبة تجاه تل أبيب، في مقابل ذلك تعمل على شغل العالم العربي بنزاعات داخلية فيما يُعرف بسياسة شد الأطراف . وأوضح مصدر دبلوماسي ل« الصحافة » أن إسرائيل ترمي بسياستها إلى عدم تمكين السودان من خلق علاقة جيدة مع مصر ما يعني توفير حماية إقليمية له « وأضاف « من مصلحة إسرائيل الإستراتيجية عدم بناء علاقة بين مصر والسودان»، واعتبر المصدر أن السودان يحتاج إلى مصر في تثبيت الهوية العربية في المنابر الدولية. في الوقت الذي التفتت فيه إسرائيل لتحاصر خاصرة العالم العربي بإقامتها علاقات تتميز بالعمق مع دولة جنوب السودان وهي اذ تفعل تكون قد كررت تجربتها في دولة ارتريا التي تقدم لها كل أنواع الدعم اللوجستي و بدا أن الود متبادل بين تل أبيب وجوبا حيث كشفت الأخيرة أنه لولا إسرائيل لما كانت هناك دولة اسمها جنوب السودان، وأعلن رئيسها سلفاكير لدى زيارته إسرائيل خواتيم العام المنصرم إلى أن دولته ستحتاج إلى القادة الإسرائيليين خاصة أولئك الذين يملكون إمكانات وطاقات واسعة في كل المجالات داخل وخارج إسرائيل بتعاون تقني وصحي وزراعي وصناعي. وعلى الرغم من ذلك فان الأفضل بالنسبة للخرطوم هو ذاك الوجود الإسرائيلي العلني في الجنوب من الوجود غير العلني وغير الرسمي الذي استمر عشرات السنين في دعم حركات التمرد بالجنوب « حسب وصف كرتي ، كما أن الحكومة تعتبره معوقا رئيسا يقف حائلاً بين تقدم العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان وبالتالي فقد تقدمت بطلب صريح للجامعة العربية ومصر تحديداً للعب دور أكبر في تقديم النصح لدولة جنوب السودان بأن علاقاتها مع الخرطوم أفضل من علاقاتها مع أية دولة أخرى. وقال وزير الخارجية طلبنا منهم أن يبلغوا جوبا أن يعوا أن تحسين علاقاتهم بالخرطوم هو الأفضل لهم ويجب أن تكون العلاقات أفضل، خاصة أن المجموعة المسيطرة في جوبا غير مقتنعة بان الاستفادة من علاقات الجوار وجعل الحدود وسيلة للتواصل هو الطريق الأفضل للجانبين ونأمل ان تكون للضغوط السياسية تأثير في هذا الموضوع. ويرى محللون أن فشل سياسات الدول العربية جميعا وخاصة مصر في عهد مبارك خلال ثلاثة عقود ونيف والذي كان وكيلاً لإسرائيل في مصر هو الذي أدى إلى تمدد إسرائيل ناحية الدولة الوليدة وذلك لتحقيق أهداف عقائدية كقضية المياه أو أهداف إستراتيجية كوقف الزحف الإسلامي جنوباً، في السياق فان التحركات التي تقوم بها الحكومة السودانية في الوقت الراهن تصب في اتجاه زيادة التواجد العربي والمصري في جنوب السودان لمحاولة مراقبة وإضعاف دور إسرائيل في الجنوب. وتحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية العبيد أحمد مروح عن تأثير إسرائيل على القاهرة بعدم تبني أي خط يدعو إلى إقامة علاقة تكامل مع الجار الجنوبي مستخدمة في ذلك أسلوب الإيحاء، وأضاف المروح ل« الصحافة » « توحي إسرائيل إلى صناع القرار في مصر وتدخل في روعهم الاستراتيجي أن بناء علاقات جيدة مع الخرطوم من شأنه أن يؤثر على الأمن القومي المصري وذلك عبر حديثها عن تهريب السلاح» وبالتالي فان ذلك من شأنه أن يعرقل تنفيذ الحريات الأربع وفتح الحدود كما يمكن أن يؤثر سلباً على ملف قضية حلايب. وهو ما لم يستبعده المحلل السياسي المصري هاني رسلان على الرغم من تأكيده أن حماية الحدود شأن يخص الأجهزة الأمنية التي تعمل بصورة منفصلة من مؤسسة صنع القرار في مصر، وقال رسلان ل« الصحافة » عبر الهاتف أمس « ان الإيحاءات الإسرائيلية لن تؤثر على مسار العلاقات بين السودان ومص، فمن ناحية إستراتيجية هناك شبه وفاق تام على أهمية تلك العلاقة « وزاد « قد يكون هناك تأثير من ناحية أمنية وبالتالي تأثير على الشق السياسي يكون نتاجه التريث في بعض القضايا بين البلدين كفتح الحدود»، وشرح رسلان ان توجهات الرأي العام المصري تشير إلى رفض إقامة أي علاقة مع إسرائيل على الرغم من تطبيع النظام السابق لعلاقته مع تل أبيب. نقلاً عن صحيفة الصحافة 5/1/2012م