ü بقراره حل الهيئة القومية للكهرباء وضع السيّد رئيس الجمهورية «اللبنة الأولى» في بناء هيكلي لتداول سلعة الكهرباء وسلطتها!!! وقد بدأت الكهرباء شركة ثم عادت شركات كما بدأت فطوبى «للشركات المتكاملة» غير المتنافسة.. شركة للتوليد.. وشركة للنقل.. وشركة للتوزيع وبهذا تتكامل الأدوار بين الشركات ويستفيد المواطن من جودة الخدمات واستقرارها وانخفاض سعرها. ü فكرة تحويل الهيئة إلى شركات ليست وليدة اللحظة فقد قتلتها عدة لجان بحثاً.. والهيئة القومية للكهرباء وقانون الكهرباء داخل في صميم الاتفاقيات الموقعة بين السودان وصناديق التمويل العربية التي موّلت قيام سد مروي مفخرة التنمية والإرادة السودانية.. وقد أشارت عدة بنود إلى عدم المساس بالهيئة أو هيكلتها إلا بعد الاتفاق مع صناديق التمويل.. ولابد أن هذا قد حدث.. فالعقد شريعة المتعاقدين.. ولكن روح المؤامرة التي تجتاحنا عند كل قرار تحاول أن تجعل من هذا القرار مجرد تصفية حسابات بين إدارة السدود والهيئة وليس هذا بالأمر الصحيح.. ولعل إعفاء المهندس مكاوي في ظروف غامضة هو الذي جعل بعض المحللين يجنحون بأفكارهم نحو تصفية الحسابات والواقع أن الهيئة القومية للكهرباء قد أبلت بلاءً حسناً إذ لم يشهد صيف وخريف الأعوام 2004 و2005 و2006 أية قطوعات مبرمجة بعد دخول محطة قري واحد ومحطة قري اثنين الخدمة عام 2003 م بتكلفة مالية بلغت 142 مليون دولار.. ومع زيادة الطلب ظهرت القطوعات المبرمجة جلية عام 2007 و2008 حيث كان من المقرر دخول كهرباء مروي عام 2008 لكن تأخر بداية إنتاج الكهرباء من سد مروي أدى إلى ظهور القطوعات المبرمجة.. وفي صيف هذا العام فإن محطات قري هي التي سندت كهرباء مروي في الأشهر مارس وإبريل ومايو حيث عملت محطات قري بكامل طاقتها ليلاً ونهاراً على مدار الساعة وكانت تستهلك يومياً أكثر من ألف وخمسمائة طن جازولين أي ما يساوي 2 مليار جنيه يومياً «بالقديم» وكانت وزارة الطاقة قد سمحت باستيراد الجازولين لهذا الغرض وبهذه الكيفية استطاعت محطات قري أن تحافظ على كمية المياه في ترعة الخزان لتتجاوز الحرج في موسم الصيف. وحسب ما علمت فإن هناك تفاهماً وتنسيقاً كاملين بين مركز التحكّم القومي وكهرباء مروي للحفاظ على مستوى التوليد من محطة مروي في حدود 11 ألف قيقاواط ساعة في اليوم أي ما يعادل 500 ميقاواط في اليوم في حين أن محطة مروي مصممة على 1250 ميقاواط في اليوم وبلغت كلفتها أربعة مليارات دولار كما هو معلوم.. وكانت الهيئة تشتري الكيلواط الواحد من مروي بمبلغ (3.19 قرشاً) في حين أن تكلفة الكيلواط الواحد من التوليد الحراري في حدود (17 قرشاً).. وكانت الهيئة حتى تاريخ إلغائها تعمل في تمديد الشبكة القومية حتى غطت الشمالية ونهر النيل والعاصمة القومية والنيل الأبيض حتى الرنك.. والأبيض وسنجة والقضارف وأروما.. ومشروع رجل الفولة الكبير ليغطي جنوب كردفان ودارفور وقد اقتضت مصلحة الدولة العليا أن تلغى الهيئة ويعدل قانون الكهرباء وتقوم عدة شركات مكان الهيئة وفي ذلك خير للمواطن متى ما تكاملت الأدوار بين هذه الشركات من غير تنافس يهزم الفكرة التي دعت إلى إنشاء هذه الشركات. وقد سألني سائل وهو مؤيد لقيام شركات بدلاً عن الهيئة فقال الآن عندنا وزارة للسدود فماذا عن مصير وحدة السدود والتي قامت بقرار جمهوري وبإنشاء وزارة للسدود وتعيين الباشمهندس أسامة عبد الله وزيراً لها فما عاد هناك معنى لاستمرار وجود الوحدة.. خاصة وأن القرار الجمهوري قضى بعدم الجمع بين الوزارة والإدارة أي أن لا يشغل أي وزير في الحكومة منصب رئيس مجلس إدارة أو مدير عام لمنشأة أخرى إذن لا يمكن لأسامة وهو وزير مركزي واسع النشاط كبير المسؤولية أن يتحول كل لحظة وأخرى إلى مدير عام لوحدة السدود ثم يعود وزيراً لوزارة السدود والكهرباء!! فلا بد من قرار لتكتمل المعالجة، وتمنع الازدواجية مع التقدير الكامل لوحدة السدود في ما قامت به. إن عودة أمر الكهرباء إلى شركات يعود بنا إلى عهد شركة النور والتي بدأت تقديم أول خدمات الكهرباء في عاصمة بلادنا عندما كانت شوارعها تسمى باسم فكتوريا ومحمد علي والخديوي والسردار.. يقول نعوم شقير في كتاب جغرافية وتاريخ السودان عن الخرطوم.. وموقعها الطبيعي الجميل يُساعد على إنمائها وقد انتهت إليها سكة الحديد من حلفا في أول يناير 1900م فنمت تجارتها نمواً سريعاً وبلغ عدد سكانها الآن نحو 7000 نسمة ما عدا العساكر ولكن هذا العدد في ازدياد كل يوم والدلائل كثيرة على أنه لن يطول الوقت حتى تعود الى عزها القديم قبل الثورة (المهدية) ثم تتدرج في سلم الارتقاء حتى تصبح (جنة من جنات الأرض إن شاء الله). وبما أن نعوم شقير ليس من أولياء الله الصالحين (حسب تقديري) فإن دعوته لم يصادفها ملك ليقول آمين.. وأكبر العشم في أن تتحول الخرطوم إلى جنة من جنات الأرض تتلألأ فيها الثريات ولا تنقطع الكهرباء وتزدهر تجارتها ولا تمارس الكسر والمواسير معقود على هذه الشركات الوليدة. وهذا هو المفروض.