الإستراتيجية القومية الشاملة «سياسات الحكومات» قررت تعديل الأجور بنسبة 250% خلال أربع سنوات «1999- 2002» وهو ما لم يتحقق حتى العام 2011. ورؤية مبادئ الإستراتيجية بالنسبة للحد الأدنى للأجور قررت المبادئ: - تحقيق حد أدنى لمستوى الأجور يحفظ للعامل مستوى حياة طيبة. - ضمان الأجر المتساوي للعمل المتساوي. - توفير الحماية ضد استغلال جهد العاملين. - خفض حدة الفقر. والحد الأدنى للأجور هو الأجر اللازم لعيش الكفاف للحفاظ على حياة العامل وكفاءته، والذي عرفه العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية «بضمان أجر يوف أحوال العيش الكريم للعامل وأسرته» وهو من حقوق الإنسان بنص المادة «23» من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتضمنت الاتفاقية الدولية رقم «26» والاتفاقية رقم «131» والتوصيات 30، 89، 90 المعايير الدولية للحد الأدنى للأجور وهي:- 1- يكون الحد الأدنى للأجور قوة القانون، فلا يجوز تخفيضه ويترتب على عدم تطبيقه التعرض للعقوبات الجنائية. 2- تشمل العناصر التي تؤخذ في الاعتبار لتحديد الحد الأدنى بقدر الإمكان وبما يتفق مع الممارسات والظروف الوطنية: أ. احتياجات العمال وعائلاتهم مع مراعاة المستوى العام للأجور في البلد وتكاليف المعيشة. ب. العوامل الاقتصادية ومنها متطلبات التنمية الاقتصادية ومستويات الإنتاجية. 3- تلتزم كل دولة بإقامة جهاز يمكن من خلاله تحديد الأجور الدنيا لمجموعات العاملين بأجر. 4- اتخاذ التدابير الملائمة مثل قيام نظام تفتيش كافٍ تعززه التدابير اللازمة الأخرى لضمان التطبيق الفعال. 5- الحد الأدنى للأجور يطبق على جميع العمال الوطنيين وغير الوطنيين. 6- لا يجوز الاتفاق فردياً أو جماعياً على أجور أقل من المستويات الدنيا المقررة. 7- تحديد المستويات الدنيا للأجور لبعض المهن أو فروع من المهن التي لا توجدأي ترتيبات لتنظيم الأجور فيها تنظيما فعالاً عن طريق اتفاق جماعي أو غيره، وتكون الأجور فيها منخفضة بصورة غير عادية. الاتفاقية العربية رقم «15» لعام 1983 بشأن تحديد وحماية الأجور، عالجت في الباب الثالث، الحد الأدنى للأجور في النقاط التالية: { يقصد بالحد الأدنى العام للأجور: المستوى المقدر للأجر ليكون كافياً لإشباع الحاجات الضرورية للعامل وأسرته للعيش بمستوى إنساني لائق. { يشمل الحد الأدنى للأجور في تطبيقه جميع الفئات العمالية. { تشكل كل دولة لجنة أو لجان تمثل فيها الحكومة وأصحاب العمل مهمتها تحديد الحد الأدنى للأجور. { تراعي لجنة الحد الأدنى للأجور عند تحديدها للأجور حركة الأسعار وكيفية التوازن بينهما، ومعرفة مستوى تكاليف المعيشة. { تراجع اللجنة الحد الأدنى للأجور دورياً لفترات لا تزيد عن سنة، وذلك لتواكب الأجور الحقيقية مستوى تكاليف المعيشة. فالحد الأدنى للأجور بالمعايير الدولية يقوم على مفهوم الأجر الاجتماعي. والاتفاقية العربية لمستويات العمل و التي أجازها المجلس الوطني في السودان نصت على: 1. تضع كل دولة أنظمة لتحديد حد أدنى للأجور لضمان سد حاجات العمال الأساسية، ويراعى في هذا التحديد الاختلافات القائمة بين مختلف الصناعات والمناطق. 2. تشكيل لجان مشتركة في كل منطقة لاقتراح تحديد الحد الأدنى للأجور، وذلك على فترات دورية. وتضم اللجنة ممثلين عن العمال وأصحاب العمل والجهات الإدارية المختصة. 3. تطبيق المساواة في الأجر وعدم التمييز بين العمال لأي سبب كان وهي المساواة التي تفرضها قواعد العدالة.ومعلوم أن الحد الأدنى للأجور يطبق في كافة أحوال دفع الأجر، بالإنتاج أو العوملة أو غيرها، فلا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدنى للأجور. وفي السودان، يلغي مشروع قانون العمل القومي 2011 قانون الحد الأدنى للأجور 1974 وقانون لجان الأجور وشروط الخدمة 1976 لتصبح نصوصهما جزءاً منه. ويقرر القانون السوداني بشأن الحد الأدنى للأجور الآتي: 1. يطبق على جميع العاملين من الرجال والنساء. 2. يحدده ويعدله مجلس الوزراء ويطبق في كافة أحوال دفع الأجر شهرياً أو نصف شهري أو أسبوعي أو يومي أو بأي طريق آخر. 3. يجوز للسلطة المختصة تشكيل لجان للأجور وشروط الخدمة لأي فئة من العمال أو الصناعات أو المهن المختلفة بغرض تحديد الأجور وشروط الخدمة. 4. تشكيل اللجان من عدد متساوي من العمال وأصحاب العمل ترشحهم تنظيماتهم بالإضافة إلى ذوي الخبرة والاختصاص ويكون رئيسها من غير العمال وأصحاب العمل ومقررها من وزارة العمل القومية أو الولائية بحسب الحال. فالسودان مستوفي لمعظم المعايير الدولية والإقليمية بشأن الحد الأدنى للأجور، مع ذلك يواجه عمال السودان أربعة مصاعب رئيسية هي: أولاً: أن الحد الأدنى للأجور يقل عن حد الكفاف بحسب الإحصائيات والدراسات الرسمية. وأكد المجلس الأعلى للأجور في سبتمبر 2010 أن الفجوة لا تزال قائمة بين الحد الأدنى للأجور وتغطية تكاليف المعيشة والأجر اللازم لعيش الكفاف. ثانياً: غياب آليات تفتيش العمل وصعوبة تكوين النقابات العمالية بسبب عرقلة بعض أصحاب العمل قيام النقابات وأيضاً بسبب القيود على قيام النقابات سواء بأخذ الإذن أو بالحد الأدنى اللازم من العمال لتكوين الوحدة النقابية «مائة عامل» فلا يطبق الحد الأدنى للأجور في معظم المنشآت. ثالثاً: لا يحدد قانون العمل الفترات الدورية لمراجعة الحد الأدنى للأجور، ونتيجة لذلك لم تتم مراجعة له منذ العام 2006. رابعاً: إهمال الأخذ بتوصيات المجلس الأعلى للأجور في حين أنه يمثل في الحقيقة جميع الأطراف «أصحاب العمل، الحكومة، العمال، الخبراء». إن تفشي البطالة، وفقدان الوظائف، والعوز والحاجة تجبر العمال دائماً على قبول أي شروط للعمل مهما كانت مجحفة أو منافية للقوانين. ولا يستطيعون رفع الشكاوى لأن مصائرهم معلومة، الفصل من الخدمة، وذلك يتطلب من النقابات والمنظمات غير الحكومية مجهودات مضاعفة في الرقابة على إنفاذ القانون، حيث أن أكبر المعوقات لتقدم ورفاهية العمال هو تجميد العمل بالقوانين. وأمام المجلس الوطني والمجلس التشريعي لولاية الخرطوم مهمة استكمال نقص النصوص القانونية وأن تضمن التشريعات حقوق العمال في حدها الأدنى بالنص على:- 1. دورية النظر في الحد الأدنى للأجور «والاتفاقية العربية رأت نظره دورياً». 2. تطبيق الحد الأدنى للأجور على جميع العمال الوطنيين وغير السودانيين. 3. لا يقل الحد الأدنى للأجور عن حد الكفاف. 4. رفع الشكاوى والدعاوى نيابة عن الغير لحماية العمال البسطاء. توضيح: بالإشارة لما ورد في الجزء الثاني من المقال السابق فإن قانون العمل الساري لم يحدد مواعيد دفع الأجور بخلاف مشروع قانون 2011 الذي حدد ثلاثة أيام كحد أقصى بعد نهاية الشهر.