قصيدة أنا سودانى التى كتبها الشاعر السودانى الفذ/ محمد عثمان عبدالرحيم ولحنها، وتغنى بها سيد الأناشيد، الوطنى الغيور المرحوم/ حسن خليفة العطبراوى من الأناشيد التى تهز وجدان كل سوداني، حقيقي رجلاً كان أو امرأة، طفلاً كان أم شيخاً، شمالياً كان أم جنوبياً، فمن لم تهزه هذه القصيدة عليه أن يراجع سودانيته وانتماءه لهذا الوطن المنكوب بأهله، أقول إن مثل هذه القصيدة إن لم ينتج الشاعر غيرها لكانت تكفي أن يلج بها أبواب تاريخ السودان من أوسع أبوابه، ويسنم قائمة أفضل شعراء السودان. إن لم يلحنها العطبراوى بهذا اللحن المتفرد لما جاءت بلحن غيره، فهي قصيدة عبقرية لحنت نفسها بنفسها. أكتب هذا المقال بعد أن بدأ الشارع يتساءل، كيف سيكون السودان بعد عام من الآن؟ هل سيتم الانفصال أم كل هذه المهاترات هدفها الأساسي هو المزايدات بين الشريكين، وتهديد وابتزاز من النخبة الجنوبية المثقفة للشمال، والمؤتمر والوطني، والنخبة المثقفة السودانية الشمالية، والأحزاب السياسية شمالية وجنوبية؟ نقول لهم: كل أجزائه لنا وطن إذ نباهى به ونفتتن نتغنى بحسنه أبداً دونه لا يروقنا حسن حيث كنا حدت بنا ذكر ملؤها الشوق كلنا شجن نتملى جماله لنرى هل لترفيه عيشه ثمن خير هذه الدماء نبذلها كالفدائي حين يمتحن بسخاء بجرأة بقوى لا ينى جهدها ولا تهن تستهين الخطوب عن جلد تلك تنهال وهى تتزن نعم، كل أجزائه لنا وطن من حلفا الى نيمولي، ومن بورتسودان حتى الجنينة، كيف نتنازل عن أي شبر من هذا الوطن الذي نعشق ولاتشبهه أية بقعة من بقاع البسيطة جغرافية وبيئة وبشرا، وثقافة وقبائل وعادات وتقاليد وتاريخ..الخ. كيف نترك لمجموعة مأجورة أو مخدوعة، أو ذات مصالح خاصة، أوغير مسؤولة، أن تتحكم فى مصير المليون ميل مربع، والأربعين مليونا من البشر الذين يملكونه. ماذا سنقول للأجيال القادمة؟ وماذا سنفعل تجاه التشظي المتوقع بالجنوب إذا ماتحقق انفصاله؟ هل ستتفرج حكومة الشمال على ماسيدور من حروب وخلافه بجنوبنا الحبيب، إذا ما حققت تلك المجموعة قاصرة النظر أهدافها؟ نقول لهم: تستهين الخطوب عن جلد تلك تنهال وهى تتزن أيها الناس نحن من نفر عمروا الأرض حيث ماقطنوا يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حين يقترن حكموا العدل فى الورى زمناً أترى هل يعود ذا الزمن ردد الدهر حسن سيرتهم مابها حطة ولا درن نزحوا لا ليظلموا أحداً لا ولا لاضطهاد من أمنوا وكثيرون فى صدورهم تتنرى الأحقاد والإحن وضح لنا طوال العقد الأخير أن الكثير من الدول المجاورة بكل تصنيفاتها الجغرافية والعرقية والدينية والسياسية والاقتصادية، والدول المتقدمة (العالم الأول)، التى تريد أن تتحكم فى بقية دول العالم تحقد على السودان شعباً وثقافة، حاضراً ومستقبلاً، حيث أننا أمة تمتلك كل شيء، ويمكنها الانطلاق بقوة ذاتية يفجرها شعبنا الذي لا ينقصه الخيرات والعلم و المال، إذا ما صفت النفوس بين أبناء هذه الأمة التى تعمر الأرض، حيث ما قطنت منذ فجر التاريخ وماقبل تاريخ الفراعنة، ونبتة وعلوة ومروى والسلطنة الزرقاء، وسلطنة دارفور..الخ.. من تلك الدول يملك مثل هذا التاريخ وهم يعلمون مقدراتنا، شماليون وجنوبيون، ويحاولون طمسها وتدمير مقدراتنا والهاؤنا عن مخططاتنا المستقبلية واستنفاذنا بشرياً واقتصادياً، وغرس الأحقاد والاحن بيننا، حتى لا نصبح قوة كبرى بمنطقة نحن مؤهلون لقيادتها ثقافياً وسياسياً واقتصادياً. أيقظ الدهر بينهم فتناً ولكم أفنت الورى الفتن يابلاداً حوت مآثرنا كالفراديس فيضها منن فجر النيل فى أباطحها يكفل العيش وهى تحتضن رقصت تلكم الرياض له وتثنت غصونها اللدن وتغنى هزازها فرحاً كعشوق حدا به الشجن حفل الشيب والشباب معاً وبتقديسه القمين عنوا نحن بالروح للسودان فدا فلتدم أنت أيها الوطن نقولها بملء الفم: نحن بالروح للسودان فدا كسودانيين من أبناء الشمال، فهل يرددها أخوتنا أبناء الجنوب؟ هل يتمنون دوام الوطن كما نتمنى؟ هل يقدسون تاريخه كما نفعل نحن وهم جزء أصيل من تاريخنا وحاضرنا الذى لن نتنازل عنه، حتى وإن تم الانفصال.. سيتم تدريس تاريخ السودان بمدارس الشمال وجامعاته كما هو، فهل سيكتب الجنوب تاريخاً جديداً لتدريسه بمدارسه وجامعاته؟ أم سيلغي منهج التاريخ من المدارس والجامعات؟ أما إذا ما كان سيدرس هو ذات مايدرس فى الشمال فسيتساءل المتلقي: إذن ماهو سبب الانفصال؟ سألني البعض ماذا سيحدث بعد الانفصال تجاه ديون السودان؟ من أين سيمول الجنوب ميزانيته؟ ماذا سيحدث إذا تعرض الجنوب لغزو عسكري من دول الجوار طمعاً فيه؟ وهل لديه قوة عسكرية تقابل قوة يوغندا أوكينيا أوالكنغو، وتستطيع مواجهتها ودحرها؟ هل استطاعوا اخراج الجيش اليوغندي الذي دخل الى السودان لمحاربة جيش الرب اليوغندي المتمرد منذ عدة سنوات؟ ما هى طموحات الصفوة الجنوبية بالنسبة لبناء دولة الجنوب؟ هل يطمحون في أن يصبح الجنوب مثل كينيا أم يوغندا أم تنزانيا، وهي الدول التي نزحوا اليها أثناء الحرب؟ هل هذه الدول كقدوة يجب أن تحتذى، وهل هي راضية عن نفسها؟ هل يمكن تحقيق هذه الطموحات وأفضل منها فى اطار السودان الموحد؟ هل سيتحمل مواطنو الجنوب تسلط الحركة الشعبية وتسلط الدينكا على بقية القبائل؟ هل ستقبل الأحزاب الجنوبية الأخرى تسلط الحركة وتستسلم لها أم ستدخل الغابة؟ ماذا إذا أعلنت الولايات الجنوبية التي لا يشكل فيها الدينكا أغلبية انفصالها عن الجنوب المنفصل؟ هل ستحاربها حكومة الجنوب أم ستقبل بالأمر الواقع، أم ستخضعها لتقرير المصير؟ هل سيعود أبناء الجنوب الذين ولدوا بالشمال أو تربوا فيه، أو قضوا أغلبية عمرهم بالشمال الى الجنوب؟ ماذا يعرفون عن الجنوب وعاداته وتقاليده؟ هل سيصبرون على بناء دولة من الصفر؟ هل سيقبلهم الشمال مرة أخرى؟ ماذا عن كبار تجار وسياسيي الجنوب الذين لهم ممتلكات ضخمة بالشمال وشركات..الخ. هل سيعودون الى جنوبهم ويحملون معهم أموالهم للاستثمار فى الجنوب وتنميته والبدء من الصفر مرة أخرى؟ هذه أسئلة مشروعة، قد أجيب عليها فى مقالات أخرى، أو قد يرد عليها الآخرون، ونقولها مرة أخرى: نحن بالروح للسودان فدا فلتدم أنت أيها الوطن. أ. د /الأمين العام بالانابة الحزب الاتحادى الديموقراطى الأصل