الاستوائيون في جنوب السودان نضب معين صبرهم من تهميش الحركة الشعبية لهم ، ويعلمون ان الاستفتاء غاب غوسين او ادني ! لا يحتملون – اللف والدوران – ولا يتهاونون في دعم جيش الرب لزعزعة الامن في المناطق الجنوبية لجنوب السودان ، واذكر هناك حديث حاكم ولاية الاستوائية الوسطى " كلمنت واني " حيث قال (اذا لم يرغب اخواننا الدينكا فى جنوب موحد، فلا مانع لدينا من العيش في جنوب فيدرالي ) جاء هذا الحديث معبرا عن الوحشية التي تقوم بها قبائل الدينكا تحت – غطاء الحركة الشعبية – ضد غيرهم من القبائل الاخرى في جنوب السودان والاقليات المستضعفة ! الدينكا يمارسون تسلطهم على بقية القبائل ، ويعتبرون انهم اوصياء عليهم ، خاصو وانهم يسيطرون على دفه حكم الجنوب الان بقيادة الفريق اول سلفاكير ميارديت ، رغم ان جوزيف لاقو – وهو من الاستوائيين - عندما كان نائبا للرئيس الراحل جعفر نميري لم يتستغل منصبه للتعالي على قبيلة الدينكا او غيرها من القبائل الاخرى ، بل كان وطنيا غيوراً ! الأب ساترنينو لوهري عندما اتهمه زملاؤه بانه انفصالي ، قال لهم (إن الجنوب ليس لديه رغبة في الانفصال عن الشمال، ولو كانت هذه رغبته ليس هناك قوة على وجه الأرض تمنع الجنوبيين من المطالبة بالإنفصال، والجنوب سوف ينفصل عن الشمال عندما يريد الشمال ذلك ويقرره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق القهر السياسي والإجتماعي والإقتصادي) وهذا القهر بالتأكيد لم يحدث ، إذ يعيش ابناء الجنوب والشمال في توادد وترابط وتواصل كامل .. سواء كان في الشمال او الجنوب ! وعندما قامت الحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 1983م أعلنت أنها حركة وحدوية كما ورد في المانيفستو. وجد هذا التوجه الوحدوى تأييداً كبيراً فى الشمال الذى لم يكن يتوقع أن تطالب حركة جنوبية بالوحدة مع الشمال. لكن الحركة الشعبية في نفس الوقت لم تقم بأي مجهود ايجابي لتعزيز هذا التوجه الوحدوي على ارض الواقع، إذ لم تكثف العمل السياسى وسط المقاتلين حتى تغير المفاهيم الإنفصالية للجيش الشعبى ، فكان التركيز على العمل العسكري دون الإهتمام بالجانب السياسي. الأمر الآخر هو أن المؤسسة السياسية خضعت للمؤسسة العسكرية واصبحت المؤسسة العسكرية منذ ذلك الوقت مهيمنة على الاوضاع ولم تقم بعد ذلك قائمة للمؤسسة السياسية. ولاول مرة اصبح الفكر العسكري موجها للفكر السياسي على عكس الوضع الثورى الطبيعي المعروف. والان ومع سباق مارثون الاستفتاء والصراع بين قيامه في موعده وتأجيله ، كثرت التوقعات ولا احد يستطيع ان يتكهن بما سيحدث تجاه مصير جنوب السودان ، ولكن الحركة الشعبية هى المسؤول الاول والاخير عن مستقبل الجنوب . وسلفاكير الذي يوجد على رأس الرمح اول من يسأل عن مصير الملايين من ابناء الجنوب ، ولكن سلفاكير نفسه يعيش حالة من – القلق والتوتر – بعد ان كثر الحديث حول انتهاء مهمته بعد إجراء الاستفتاء .. واسطورة النوير التي تبشر بالدكتور رياك مشار زعيما للمرحلة القادمة من حكم الاقليم الجنوبي ! والامور الان تترنح بين الوحدة والانفصال ، وقادة الحركة يلوحون بالإنفصال واستقلال الاقليم عن الشمال ! وكثيرون يعلمون ان الحركة لا تمتلك قرارها ! مصر تطلب تأجيل الاستفتاء ! الاممالمتحدة تفضل تأجيله ايضاً ! كل الاحتمالات واردة الان ، وتتسابق تياراتها نحو اودية المجهول .. حيث الضبابية وإنعدام الرؤية احياناً ! ولأن اودية المجهول لا تحتاج خبراء ولا ادلة لتوضيح معالم الطريق التي هى غير معروفة ، فان الآمال تصبح معلقة بتطلعات الشعب ودرايته بمصيره ومصير ابناءه في المستقبل ، ولا بد من دعم هذا الاتجاه ، وغض البصر عن حديث السياسيين واجنداتهم – مدفوعة القيمة - لان استقرار السودان في وحدته ووحدة اراضيه كاملة غير منقوصة ! الادباء والكتاب لم يعطيهم السياسيون اعتبارا في هذا السباق .. وقد سطروا في جدران الخارطة الفنية والسياسية سابقا " خطوطاً من ذهب " ولا يزالون ، ظلت خالدة في وجدان كل الشعب السوداني حتى الان ، برغم رحيل اغلبهم عن دنيانا ! كل اجزائه لنا وطن اذ نباهي به ونفتتن نتغنى بحسنه ابدا دونه لا يروقنا حسن حيث كنا حدت بنا ذكر ملؤها الشوق كلنا شجن نتملى جماله لنرى هل لترفيه عيشه ثمن خير هذي الدماء نبذلها كالفدائي حين يمتحن بسخاء بجرأة بقوى لا يني جهدها ولا تهن تستهين الخطوب عن جلد تلك تنهال وهي تتزن أيها الناس نحن من نفر عمروا الارض حيث ما قطنوا يذكر المجد كلما ذكروا وهو يعتز حين يقترن حكموا العدل في الورى زمنا اترى هل يعود ذا الزمن ولان الزمن الجميل لن يعود ، لا بأس من محاولات لصورة طبق الاصل منه حتى ينعم ابناء هذا الشعب بالاخاء والترابط والمحبة في ظل وطن واحد ( يسع الجميع .. وزيادة )