«هشام» شاب تشع ملامحه نوراً والقاً، ثري ارستقراطي.. بيئته الجوفاء جعلته يتيه عجباً بنفسه، ويده العليا على أصدقائه سودته عليهم فانتفخ كبالون في سماوات الوهم وظن أنه فوق البشر!! الحياة في متناول يده يقطف من زهرتها ما يشاء بلا رادع... ومفاتيح كل الأبواب المغلقة يديرها كيفما يشاء فلا شيء في قاموسه اسمه المستحيل...!! ولأن طموحه لايعرف الحدود، آثر أن يهاجر إلى تلك البلاد الأوربية بحجة إكمال تعليمه، لكنه في الواقع كان يبحث عن مزيد من الانفتاح... والحريات المتاحة.. دون قيد أو شرط..! وبعد أن ارتوت كل حواسه بمرور الشهور.. نهل فيها من كل الملذات.. أصابه الملل... والفتور... «هكذا الإنسان إذا عاش بلا هدف أو مبادئ.. لو ملك كل الدنيا لامس الفراغ والضجر...» حدَّث أحد أصدقائه بما يحس فأشأر عليه بالعمل أو الدراسة ومحاولة تغيير حياته...! فالتحق بإحدى الكليات يدرس بعض اللغات. صادفها هناك.. أنثى.. كل ما فيها يجبرك على احترامها... جمالها الهادي الخالي من المساحيق.. جديتها في الدراسة.. ملابسها البسيطة.. ولغتها العربية...! ووقع الارستقراطي المدلل في هوى تلك الحسناء المهاجرة.. التي كانت تدرس وتعمل لتعول نفسها ووالدتها التي هاجرت معها بعد الحرب.. ولا أحد لها في الدنيا سواها...! حاول كثيراً أن يسلط عليها سيف وسامته وأمواله.. لكنها محصنة ضد محاولات كل الشباب لفؤادها البكر الذي آثر الكفاح والحلال... «نوع من النفوس الكبيرة التي ترفع شأنها بما تملك من كرامتها!!».. أصابه تجاهلها بشرخ في شبابه الذي لا يستعصى عليه شيء.. و أحس بأنها «الشيء الوحيد» الذي تمناه ولم يستطع الحصول عليه فكيف السبيل وقد خذله المال... «فهناك أناس لا يبهرهم بريق الذهب لأن أصلهم من ذهب»!! عزّت على صاحبنا نفسه واستجلى عنها كل الحقائق وأخيراً خضع لسلطات الرغبة العارمة «وركب موجة الأخلاق» بعدما عرف بأنها وحدها مفتاحه للدخول لذلك الحصن الذي استعصى عليه الدخول بطرق ملتوية.. «كانت تلحظ ملاحقته واهتمامه بكثير من اللهفة المغلفة بالخوف والحذر دون أن تظهر له ذلك.. «حتى لبس ثوب الحملان» وطرق الباب الباب خاطباً بعدما أدرك أنه لن ينالها إلا إذا منحها اسمه...! ثوب زفافها الأبيض.. جعلها كالملاك.. وعبق أريجها يملأ خياشيمه وشيء من صدره يتلجلج «لقد انتصرت عليك بكبريائها» لكن مهلاً سيدتي الجميلة سأرد الصفعة إلى الخد الأسيل فأنا قد تزوجتك زواجاً «مؤقتاً» طالما كان هو السبيل للوصول إليك...! ثلاثة أيام كالحلم للعروس السعيدة.. استيقظت من نومها دون أن تدري أن «الحية في مخدعها نفثت في أحلامها السموم» هجع الكون وآب كل حي إلى مضجعه.. وعندما قرر الفجر أن يطلق سراح الليل تفقدته إلى جوارها لكنها وجدت بدلاً عنه ورقة طلاقها بينما طائرته تحلق ليرجع إلى بلاده... ترى ألا يعرف أن المادة (11) من قانون الأحوال الشخصية تعرِّف الزواج بأنه «عقد بين رجل وامرأة على نية التأبيد» أو ربما يعرف لكنه من تلك النفوس التي لا يعمر في داخلها إلا الخراب.. فلو ملكت الدنيا بيمينها لنعق البوم على شمالها»...!