إذا كان البارودي قد بعث نهضة الشعر العربي بعد كبوته، وبعد عهود التخلف في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، فخلق نهضة أدبية شعرية انتقلت بالشعر العربي إلى أعلى عليين... وابتكر اشراقاته التي اشتملت على الحوليات وأمهات القصائد ومنها روائعه:(سواي بترديد الأغاريد يطرب)، البائية التي غيرت مسار شعرنا العربي إلى أن يصل إلى أراجيز بحر الحفيف والرجو: (عم الحيا واستنت الجداول) و(فاضت الغدران والمناهل). إذا كان الشاعر الفريق القائد ووزير الحربية- ثم رئيس الوزراء.. شاعرنا الفذ محمود سامي البارودي قد فعل كل ذلك.. فوزيرنا الشاب العالم المثقف الدكتور محمود عوض البارودي وزير الثقافة والإعلام، وفي عاصمة الشعر والأدب الخرطوم قد أعاد لنا مجد الشعر العربي بإقامته مهرجان الخرطوم الدولي للشعر العربي، تحت مسمى ملتقى النيلين للشعر العربي والذي حلمنا به سنين عدداً. وأنا أخترت هذا العنوان.. وربطته بسيف الشعر لأقول لحملة الأقلام إن الذي بعث الشعر العربي في القرون الثلاثة الأخيرة هو أحد الضباط العظام فريق ركن ومقاتل شرس عنيد.. ومناضل وطني جسور وثأئر حمل السيف والقلم.. هو حامل لواء الشعر البارودي.. ولعل هذا يذكرنا بحملة السيوف والأقلام في بلادنا من نالوا الرتب العسكرية الرفيعة، ثم قادوا مواكب الشعر والأدب والابداع مثلما أحسنوا القيادة في قواتهم النظامية.هذه السانحة التي اخترعها الدكتور البارودي، اذكرتني حاملي السيوف ولواء الشعر، مبارك المغربي عاشق النيل، ومحمود أبوبكر(صه ياكناري)، وعوض مالك(أغنيات في المساء)، وأبوبكر عبد الله حامد (مادمت أنت سعيد)، وشاعر الإشراقات الصوفية والصور الرائعة اللواء الخير عبد الجليل المشرف، والشاعر الضابط المهندس الراحل يوسف مصطفى التني(في الفؤاد ترعاه العناية)، وصاحب السرائر الذي تألق نجمه في الصدى الأول.. والقائمة تطول، وإذا كان ذكر هؤلاء الجنرالات الأدباء الكبار يحلو.. فكفاهم فخراً أنهم الرواد وكفاهم فخراً أن أحد قادتهم على مستوى الوطن العربي قد شارك في نهضة الأدب والشعر. وإذا كان توافق الأسماء فألاً حسناً، فإنني أبعث من القلب بتحية صادقة لأخي الأديب الحقوقي الدكتور محمد عوض البارودي الذي تخصص في الدراسات الدولية لحقوق الإنسان، فإذا به كوزير ثقافة ينصف إنسان السودان ويسعده بهذا المرجان الشعري الجميل.. مهرجان ملتقى النيلين للشعر العربي.