والخرطوم.. الولاية المتفتحة المعطاءة تفتتح مهرجانها الأثير، مهرجان ملتقى النيلين للشعر العربي، وتحشد في ضفاف نيلها الخالد عمالقة الشعر العربي من الأردن وفلسطين، ومن القاهرة وبيروت، ومن دمشق وتونس الخضراء، التي يغني شعبها كله اليوم: إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر إذا كانت الخرطوم قد فعلت هذا فقد أحسنت صنعاً، وهي تقدم لنا في اليوم الأول شاعر السودان الكبير سيف الدين الدسوقي الذي أدهش الحاضرين.. والحضور الشعري العربي الكبير باشراقته الكبيرة (خذني الى النيل)، والتي ينفض فيها وعثاء الغربة والاغتراب، ويحن الى أمه الرؤوم والى أمه أم درمان والى وطنه الكبير. سيف الدين الدسوقي لنا معه حكايات واشراقات ومواقف خالدة في منابر الأدب والشعر في الوطن العربي، كشاعر كبير نعتز به نحن في الوطن ومحافله، ونعتز به بصفة خاصة نحن أخوانه في الاتحاد العام للأدباء والكُتَّاب السودانيين، بل يعتز به أدباء السودان كافة، وإن أنسى فلا أنسى ذلك الموقف الرهيب الذي احتشدت له أسماع وقلوب وعشاق الشعر العربي في قاهرة المعز منذ بضعة أعوام، في شرفات فندق سونيستا الفاخر في القاهرة، عندما تدافعت جموع الأدباء العرب لتستمع الى سيف الدسوقي، وكان لهم عتاب شديد حاصرونا به في الاتحاد، وفي أروقة اتحاد الأدباء العرب، بالحاحهم لنا، أين كان هذا الشاعر العظيم، ولِم تحجبون عنا هذه الجواهر، فقلنا لهم أن شاعرنا ملء السمع والبصر، ولكن لم تتح مثل هذه الفرصة في مثل هذا الحشد الجامع، كان سيف نجم هذه المحافل وما يزال، وكنا نفخر به وسنظل ولا نزال.. في محبته ومودته ود خالص كخلود شعره، ولا غرو فسليل البيت الطيبي تجري في عروقه دماء الإبداع كابراً عن كابر.. وها هو اليوم في مهرجان الخرطوم للشعر العربي يعيد لنا ذاكرة الاشراق مرة أخرى، الدعاء له بالصحة والعافية وباقة من الود والتقدير لمن جعلوا ذلك ممكناً، العالم الدكتور محمد الواثق والوالي الأريب الدكتور عبد الرحمن الخضر، والأديب اللمَّاح الوزير محمد عوض البارودي.