ساورته بعض الشكوك بأن ابن عمه قام باغتصابه ليلاً أثناء نومهما سوياً داخل غرفة بمنزل خالهما بمنطقة أمبدة بأم درمان، وظلت هذه الشكوك تلاحقه يوماً بعد يوم.. وبما أن الشك قاتل ويجعل الإنسان يغلي كالمرجل، قرر الانتقام والثأر لشرفه المغتصب على يد ابن عمه على حد تعبيره، فجاءت الليلة الحاسمة لوضع النقاط على الحروف فظل «أ. م» مستيقظاً يراقب من في المنزل والشرر يتطاير من عينيه، وبعد أن أسدل الليل خماره على المكان تسلل «أ. م» وهو يحمل سكيناً وتوجه نحو مرقد ابن عمه ليشفي غليله، فاستل سكيناً فسدد بها عدة طعنات قاتلة صاحبتها حالة هياج شديد من «أ. م» استدعت نهوض جميع أفراد الأسرة من نوم عميق مهرولين نحو مصدر الصوت فإذا بالضيف الذي حل عليهم قبل أيام ينزف دماء وأن «أ. م» يحمل سكيناً في يده بها آثار دماء، اندهش الجميع فيما أصيب البعض بحالة ذهول وتجمدت الدماء في عروقهم، إلا أن حكيمهم لم يجد بداً سوى الاتصال بالشرطة والتي سارعت بالوصول إلى مسرح الجريمة بعد أن حررت بلاغاً بقسم شرطة أمبدة تحت المادة «139» من القانون الجنائي، واستخرجت أورنيك «8» جنائي أسعفت بموجبه المجني عليه للمستشفى، إلا أنه لفظ أنفاسه متأثراً بجروحه، وتم إرسال الجثة للمشرحة بموجب أمر تشريح صادر من نيابة أمبدة، وأكد تقرير الطبيب الذي قام بتشريح الجثة أن سبب الوفاة النزيف الحاد نتيجة الإصابة بآلة حادة تشبه السكين، ليتم تعديل مادة الاتهام في مواجهة المتهم إلى المادة «130» القتل العمد، وبعد القبض عليه واستجوابه قال للشرطة إن ابن عمه اعتدى عليه أثناء نومه فقرر قتله، وتوجه نحو مرقده لتنفيذ جريمته وبالفعل قام بطعنه، إلا أنه تفاجأ بأنه طعن شقيق الشخص المراد قتله والذي جاء ضيفاً إلى المنزل قبل أيام وأن الشخص الذي خطط لقتله نجا من الحادث، وسجل المتهم اعترافاً كذلك أمام القاضي، وبعد اكتمال التحريات أحيل ملف الدعوى للمحكمة للفصل في القضية، وبعد أن استمعت المحكمة للاتهام واستجوبت المتهم واستمعت لكافة دفوعه أتضح أن المتهم كان يعاني من مرض نفسي وأنه عادة ما يتوهم أشياء غير حقيقية حسب إفادات أفراد الأسرة التي كان يقيم معها، فتوصلت المحكمة التي ترأسها مولانا سامي شبو إلى إدانة المتهم تحت طائلة المادة «131» من القانون الجنائي لسنة 1991م القتل شبه العمد، ودفعت المحكمة إلى أن المتهم يعاني من الجنون فقضت عليه بالسجن «5» سنوات ودفع الدية كاملة وقدرها «40» ألف جنيه، وبعد إحالة ملف الدعوى لمحكمة الاستئناف ألغت العقوبة والإدانة التي أصدرتها محكمة جنايات أمبدة وقررت إعادة ملف القضية ووجهتها بالاستماع للطبيب الذي كان يعالج المتهم والتأكد من صحة المتهم العقلية لحظة ارتكابه للجريمة.