رغم أن الخرطوم يحفها النيل إلا أن الناظر لحال المواطنين في محلياتهم المختلفة يلاحظ حجم المعاناة وجوانب المشكلة والأزمة الطاحنة التي يعيشها مواطنو ولاية الخرطوم أينما وطأت قدمك بمختلف أحيائها ومناطقها.. ومازال مسلسل وسيناريوهات معاناة المواطنين في الحصول على المياه يتكرر سنوياً بكل محليات الولاية..وهذه الأيام شهدنا موجة الاحتجاجات التي عمت بعض أحياء العاصمة بسبب انعدام المياه ومعها السؤال الذي يبحث الناس عن إجابة له لماذا حدث هذا؟ وقبل أن نجيب عن هذا السؤال نعيد للأذهان الحوار الذي أجريناه في «آخر لحظة» مع المدير العام لهيئة مياه الخرطوم المهندس خالد إبراهيم حسن الذي أكد فيه بالحرف الواحد بتاريخ 5/12/2009 بعدم تكرار مشكلة الصيف الماضي، ولكن لم يفِ خالد بوعده الذي قطعه بتقديم استقالته بعد تكرار سيناريو قطوعات المياه في العام 2010 - 2011م. وكان قد قال المهندس بملء فمه ل(آخر لحظة) بعد تكرار مشكلة صيف 2008 «إذا ما تكررت سأغادر مكاني هذا..!! وأعلن في الحوار عن خطة الهيئة الطموحة للعام 2010، والتي حملت العديد من البشريات لمعالجة كافة مشاكل المياه بالولاية.. ولكن.. ولكن.. أين هي المعالجات...! وأشار مدير الهيئة لإدخال عدد من المحطات الجديدة وأن إنتاجها من المياه حوالي 750 ألف متر مكعب في اليوم، بالإضافة للعمل الجاري للتحديث وتطوير أكثر من «44» شبكة أطوالها مئات الكيلومترات. وذكر ل(آخر لحظة) في الحوار أن محطة سوبا مصممة لتنتج 100 ألف متر، وأن هناك بعض التعديلات في الطلمبات وغيرها ويمكن تشغيلها حتى 120 ألف متر مكعب، زائداً أن إنتاجها في العام 2009 «107» ألف متر مكعب. وقد حملت خطته على حد قوله العديد من البشريات لمناطق السلمة والأزهري ومايو والإنقاذ ومعالجة مشكلة كل سكان الولاية. .. واذا أنزلنا هذه الخطة والبشريات على أرض الواقع فإننا نجد أنه لم يتحقق حلم المواطنين بتوفير المياه وقد أصبحت مجرد (ونسة)، فالأزمة مازالت قائمة بل استفحلت بكل أحياء ومناطق الولاية وبعدد من مربعات الأزهري والسلمة. كشف التحقيق الذي قامت به (آخر لحظة) في صيف العام 2010 بمختلف أحياء ومناطق ولاية الخرطوم عن حجم معاناة المواطنين في الحصول على المياه بالسهر أمام المواسير وسحابات المياه (الموتورات) التي سئمت وملت لكي تجود عليهم بقطرات من المياه.. بالأمس القريب وقفت (آخر لحظة) على حجم هذه المعاناة والأزمة الطاحنة التي امتدت لسنوات وشهور من خلال جولتها، ووجدت سيناريو الأعوام السابقة لا يزال يراوح مكانه، بل تفاقمت المشكلة لعدم إيجاد حلول جذرية من قبل الهيئة.. فأين أنتم يا هيئة مياه الخرطوم؟! أزمة طاحنة: خرج سكان منطقة بري، ومن ثم مواطنو منطقة الدباسين بالخرطوم بسبب أزمة المياه التي استمرت لمدة عام، حيث اشتكوا ل(آخر لحظة) عن حجم معاناتهم الكبيرة، موضحين أن شبكة المياه منذ الستينات لم يحدث لها تحديث وتوقفت عمليات الحفر بالبئر. مشيرين لقيامهم بدفع مبلغ 5 جنيه شهرياً منذ سنوات عن كل مواطن، وأن السهر أمام المواسير أصبح غير مجد فالمياه جفت من المنطقة!! صيحات عصيان: فيما جأر مواطنو الريف الشمالي بحري منطقة الخليلة بالشكوى ل(آخر لحظة) قالوا: لقد (تعبنا) موضحين بأنهم مازالوا يعانون من مشكلة العطش التي استمرت لمدة عام، وأن المواسير أصبحت تطلق صيحات (العصيان) والشخير رغم أنهم يقطنون بالقرب من النيل. موضحين أن محطة (النية) شمال بحري التي تم افتتاحها في العام 2009 لمعالجة مشكلة المياه بالريف الشمالي لم تعالج مشكلة الخليلة، مشيرين لعدم وجود حلول جذرية من قبل المسؤولين ولايحصلون على المياه حتى (بالسحابات)، وأنهم رجعوا إلى عهد الدلو والشراب مباشرة من النيل، وقد لجأ البعض لإيجار عمال لنقل المياه من النيل. وأكدوا ل(آخر لحظة) على عدم استجابة هيئة المياه بمعالجة كسورات المواسير ببعض المناطق، فكيف لنا معالجة مشكلة المياه وأن شمال بحري مازال يعاني من مشكلة العطش؟! واصلت (آخر لحظة) جولتها بأحياء ومناطق الولاية وقد كانت منطقة الحلة الجديدة مربع (10 E) إحدى محطاتها، حيث حكى المواطنون مشكلتهم الكبيرة في الحصول على المياه وأنهم يظلون في حالة سهر حتى الساعة الثالثة صباحاً مع قطرات المواسير مشيرين لتشريد طلاب خلاوي شيخ العبيد كافة وأن الخلوة لا يوجد بها صهريج. اشتكى سكان القوز والرميلة والسجانة والدروشاب جنوب مربع 10 وشمال، وبعض مربعات وامتدادات الفتيحاب أبو سعد وبحري وأم درمان والثورات وتوتي، قالوا: إنهم لا يدرون ماهي الأسباب التي أدت لوجود هذه الأزمة التي تتكرر سنوياً وحتى لو كانت هناك مشكلة لتمت معالجتها. موضحين بأنهم رجعوا لحمام (الميتين) بالجرادل وشراء مياه الصحة من البقالات، وأن البعض تحول ظروفه دون ذلك.. وأشاروا لعدم وجود ماء في إحدى المناطق حتى لغسل (الجنازة).. مبدين استغرابهم لهذه الأزمة التي تستفحل عاماً بعد عام وهيئة مياه الخرطوم لم تحرك ساكناً، وقد أصبح كلامها ووعودها للاستهلاك السياسي وحبراً على ورق.. متسائلين لماذا تعطش العاصمة سنوياً..؟!! وأين هي الحلول الجذرية من قبل القائمين على أمرها..؟! وأين الشعار المرفوع (عاصمة حضارية)!! إن انعدام المياه ليس بجديد على العاصمة فبعض المناطق تعاني منذ سنوات، وأخرى تصمد والأمر مستمر للأسوأ، موضحين أن الحزن أصاب الأشجار و«الإزيار».. وما يسمعون الا صيحات الشخير من المواسير. وإنهم أصبحوا في حيرة شديدة، وأشار البعض لوجودها ليلاً وانعدامها صباحاً ببعض المناطق وأن السهر هدَّ أجسامهم.. قائلين لقد فقدنا الثقة في هيئة مياه الخرطوم إذ أنها لم تستجب بالإسراع في معالجة كسورات المياه فكيف لها معالجة مشكلة الولاية. موضحين أن الهيئة لعبت دوراً كبيراً في توالد الباعوض وعودة الملاريا مرة أخرى بسبب هذه الكسورات.وقالوا إن الأزمة والسيناريو الذي يتكرر سنوياً قد أرهقهم كثيراً تارة بشراء المياه وأخرى بدفع فواتيرها.