السؤال المهم هنا أيهما يحتاج الجنوب التنمية أم الانفصال، والأخير لا يأتي إلا عبر صناديق الاقتراع أي ديمقراطية التعبير.. لكن الجنوب يحتاج للتنمية أولاً، أي بمعنى أدق تنمية الإنسان وتوفير احتياجاته والخدمات المتنوعة التي يحتاجها.. لذا التنمية تأخذ أولوية قبل الديمقراطية... فالتنمية هي أن نخلق الوعي ونوجه الإنسان نحو التفكير الحضاري.. التنمية هي التغيير للأحسن والأفيد للإنسان، وفي النهاية التنمية تقود إلى الديمقراطية التي تحتاج إلى رعاية متواصلة، فهي مثل شجرة تنمو بالسقي والعناية، وعادةً أن شجرة الديمقراطية لا تخضز إلا بعد مرور عقود وعقود من الزمن. إن الإنسان الجنوبي- بوصفه الحالي والبيئة التي يعيش فيها- يحتاج إلى تنمية راسخة لانتشاله من حالة الفقر إلى حالة الانتعاش الاقتصادي.. ولتغيير حالة الإنسان الجنوبي البيئية نحتاج لإدخال خدمات التعليم والصحة والطرق والكباري وتغيير الخط الاجتماعي الذي اعتاد عليه وتشكيل مجتمع متحضر خلاق.. إن التنمية تحتل المرتبة الأولى في احتياجات الإنسان الجنوبي وليس الانفصال أو تكوين دولة وليدة ربما تأخذ سنوات عديدة حتى تبلغ النضج، ولن يتم ذلك إلا على حساب المواطن الجنوبي. إرساء معالم التنمية في الجنوب مطلب هام ومرهون بتحقيق الاستقرار السياسي وإقرار السلم والأمان.. لذا فالجري وراء الانفصال في الوقت الراهن سيفرز تداعيات تعرقل مسيرة التنمية في الجنوب، وبالتالي حرمان المواطن الجنوبي من الاحتياجات الضرورية لسنوات مقبلة، ولربما يدفع بجموع من الجنوبيين إلى هجرة جماعية إلى الشمال للبحث عن أوضاع معيشية أفضل وخدمات معدومة بالجنوب. الإنسان الجنوبي يحتاج إلى تنمية حقيقية.. تنمية تغيِّر نمط حياته التقليدية إلى حياة أفضل حياة تتوفر فيها كل الخدمات الضرورية التي يحتاج إليها .. إذن التنمية قبل كل شئ.. التنمية تقود إلى الاستقرار والتطور.. التنمية تغير في المفاهيم بيد أن بعض سياسيِّ الجنوب.. ينظرون إلى الانفصال هو الخلاص من الشمال.. لكنهم لا يدركون المخاطر والمآزق من جراء انفصال ينقصه استقرار أمني وسياسي.. التنمية هي الأساس المتين للأمن والحرية لأي مجتمع لذا ما معنى الاستقلال وتكوين دولة بدون استقرار سياسي وأمني.. السؤال الموجه لغلاة الانفصال.. ماهي المشاريع التنموية التي حدثت في الجنوب منذ اتفاق نيفاشا 2005م وحتى الآن.. وما هي مجهودات السادة الجنوبيين في إرساء قواعد التنمية مع أن- حسب تقاسم الثروة- المبالغ المخصصة للجنوب قد حولت بالتمام والكمال.. والسؤال الذي يلي السؤال الأول.. هل جنى الإنسان الجنوبي ثمار مخصصات نيفاشا للجنوب، خاصةً أن مخصصات التنمية لمدة خمس سنوات لتكملها بالجنوب وكان لزاماً على القيادات الجنوبية العمل على إرساء معالم التنمية بالجنوب وحث الكوادر الجنوبية للانتقال للجنوب لإحداث التنمية فهل حدث ذلك؟؟ سؤال إجابته ذهبت أدراج الرياح. تجارب بعض البلدان تنقل لنا أن السير في طريق التنمية هو أقرب مسافة للوصول إلى النهضة والتغيير للأفضل.. لكن الانشطارات والانقسام لا يجلب إلا المشاكل والتعقيدات وتأخير تطور المجتمعات.. والاستقرار مربوط بالتنمية لأن التنمية تزيد درجة الوعي.. وتعيد صياغة الإنسان لذا أثبتت التجارب أن الاستقرار والأمن والأمان وراءها التنمية وخاصة تنمية الإنسان في قدراته ومهاراته وتوفير حاجاته الضرورية. عموماً نقول إن مجتمعاً مثل الجنوب يحتاج في المقام الأول لتنمية شاملة ومستدامة تقودها عناصر تؤمن بمصلحة الجنوب وإنسانه ليس بهدف تحقيق رغبات خاصة تجهض التجربة الوليدة نتيجة لإغفال أساسيات هامة تتمثل في مراعاة الوقت والتحضيرات الهامة قبل الإقدام على الخطوة. الانفصال.. الانفصال.. الانفصال شعار تتمسك به فئة من المتعصبين الجنوبيين وكان لزاماً أن يتمسكوا بشعار التنمية وتحقيقها.. للوصول إلى نهوض حقيقي بالمجتمع الجنوبي.. وإذا ظن البعض أن التصويت عبر صناديق الاقتراع في الاستفتاء القادم سيقود إلى الانفصال ويفسر ذلك أنها ديمقراطية الاختيار.. فالديمقراطية بدون نضج سياسي وتنموي لاتشكل مجتمعاً مستقراً يسوده الأمن والحرية. وبرغم كل التداخلات على شبكة المشهد السياسي الجنوبي ستظل الوحدة هي الخيار الأفضل للجنوبيين على الأقل في السنوات العشر القادمة.