تصريحات قيادات الجنوب تشير بضرورة استقلالية الجنوب وفصله عن الشمال ويعتبرونه الخيار الأفضل لهم.. لكن دعاة الانفصال لم يدرسوا هذا الخيار دراسة جيدة ولم يتبينوا آثاره السلبية، وبالرغم من الجهود التي يبذلها سياسيو الشمال لإقناع الساسة الجنوبيين أن خيار الوحدة والوئام والتآخي هو الأفضل والأميز للجنوبيين، لكن انعدام الثقة وعدم استقرار القرار الجنوبي جعل جهود الشمال تذهب أدراج الرياح والعالمون ببواطن الأمور وفقهاء السياسة السودانية والمهتمين بالشأن الجنوبي أكدوا أن ميلاد دولة بالجنوب محفوف بالمخاطرة التي تهدد الأمن والسلام في جنوب البلاد أولاً وشماله لاحقاً، الأمر الذي يؤدي إلى أن تضيع أهم المكاسب والاستحقاقات التي نالها الجنوب من اتفاق نيفاشا التاريخي الذي جاء بعد ولادة متعسرة يصحبها نزيف دامي.. لذا فإن ظاهرة التخبط والتأرجح في القرار الجنوبي أثر وبشكل مباشر على عمليات التنمية والاستثمار وإرساء البنية التحتية في الجنوب ومن ناحية أخرى أن عدم الاستقرار في القرار السياسي.. جعل الساسة ورموز الجنوب يضيعون جل وقتهم في المكايدات السياسية، مع ساسة الحكومة غاضين النظر عن تنفيذ أهم هدف لإتفاق نيفاشا ألا وهو إحداث التغيير في الجنوب وإرساء معالم التنمية والبنية التحتية، فبند قسمة السلطة حسب اتفاق نيفاشا اتاح للجنوبيين مشاركة الحكومة المركزية في المناصب الدستورية والتنفيذية وترك الجزء الجنوبي يدار بواسطة الجنوبيين انفسهم وحسب تقسيم المناصب البرلمانية والوزارية في الحكومة الاتحادية أتاحت الفرصة للجنوبيين لمخالفة شريكهم في السلطة حزب المؤتمر الوطني فانعدمت التفاهمات وغابت لغة الحوار مما أدى إلى خلق مناخ يسوده الشك والريبة فاتجهت الحركة الشعبية للوقوف مع المعارضة الشمالية ضد حزب المؤتمر الوطني وعرقلة القرارات الهامة التي تهم القضايا الوطنية وقضايا الحكم، وأصبحت الحركة الشعبية لا يفهم موقفها هل هي شريك في الحكم؟ أم حزب معارض ضد شريكه المؤتمر الوطني!! الصورة الماثلة في الجنوب الآن أن أمريكا واسرائيل تلعبان دوراً خبيثاً في المجالين السياسي والاستخباري في الجنوب بدفعهما فكرة الانفصال وتعبئة القيادات الجنوبية للاتجاه نحو الانفصال واغراءهم بالحوافز والمساعدات لتقوية موقفهما لتكوين دولتهم الوليدة بعد الاستفتاء والسيناريو الأمريكي الاسرائيلي يشجع الجنوبيين للانفصال بصرف النظر عن التداعيات والمخاطر الذي سيخلفها الانفصال.. فالدور الأمريكي الصهيوني جاءا وهناك بوادر أمل بدأت تلوح في الأفق لحلحلة المشاكل في السودان خاصة مشكلة دارفور (حلا سودانياً سودانياً خالصاً) ولعل التحركات الأخيرة لزعماء القبائل والعشائر الدارفورية واصرارهم لنبذ فكرة الاقتتال واعادة الاستقرار والسلام في ربوع دارفور خير برهان على ذلك.. أما على المستوى الرسمي والصعيد الحكومي فإن الزيارات المتواصلة من قبل القيادات العليا في المؤسسة الرئاسية لبعض البلدان تصب في خانة بذل الجهود لإحلال السلام والاستقرار في البلاد، ولشرح موقف السودان لقضاياه الوطنية والمهددات التي يصوبها له اعداؤه أمريكا واسرائيل اللتان تدركان دون غيرهما الأحوال السائدة الآن في السودان وخاصة بمنطقة دارفور.. فواقع الحال يقول الآن إن دارفور تشهد انخفاضاً ملحوظاً في حد القتال وان معظم النازحين عادوا إلى قراهم، وإن الخدمات الضرورية ومشاريع التنمية بدأت في الانتشار في ربوع ولايات دارفور الكبرى.. وأن هناك حالة من الهدوء بدأت تسود في المنطقة وما عادت الحركات المسلحة تباشر نشاطها القتالي بصورته كما كانت عليه في السنوات الماضية. عموماً.. حسب النشاط الأمريكي الصهيوني الواضح الآن بالجنوب ونظرتهما للمسار الجنوبي خاصة والجنوب مقبل الآن على مرحلة حاسمة.. اجراء عملية الاستفتاء وتكوين دولة وليدة بجنوب السودان، نحسب أن أمريكا واسرائيل قد قرأتا المشهد السياسي السوداني وفهمتا جيداً تضاريس الخريطة الجديدة للسودان للمرحلة القادمة فالسؤال المطروح لماذا التركيز على السودان؟ وهذا الاهتمام الامريكي الصهيوني بضرورة انقسام السودان؟ مع أن سياسة أمريكا المعلنة تنادي باقرار الديمقراطية ونشر السلام في ربوع العالم وضرورة احترام حقوق الانسان.. ولماذا تصر امريكا بفصل الجنوب مع أن الوحدة مع الشمال أفضل من تكوين دولة ناقصة النمو يمكن ان تكون هدفاً للأطماع الأمريكي الصهيوني.. علماً بأن في ظل الخلاف الجنوبي الجنوبي ومع التواجد الامريكي الصهيوني سيجعل من الجنوب منطقة ملتهبة لا يخبو نارها ليصبح الجنوب يسوده نفس مناخ (العراق وافغانستان والصومال).. واذا قيمنا الموقف من زاوية المسار الجنوبي والدور الأمريكي الصهيوني الجديد.. نستشف أن أمريكا وربيتها اسرائيل لهما الرغبة في أن ينفصل الجنوب لمباشرة نشاطهطما الاستخباري للاستحواذ على ثروة الجنوب لكن كلنا ثقة أن يتحرك قادة وساسة الجنوب إلى اكتشاف الدور الامريكي الصهيوني واهدافه في زعزعة الأمن والاستقرار بالجنوب وعلى الجنوبيين التركيز بصفة خاصة على كيفية استغلال ثرواتهم لإرساء دعائم التنمية، وإقامة مراكز للخدمات وإقامة مشاريع البنية التحتية حتى تتبلور معالم دولتهم الجديدة وتلحق بركب الدول المحيطة.