التقدم المستمر للحياة والقفزات الهائلة للتكنولوجيا جعلت الحياة أسهل.. وربما أصعب من ناحية أخرى.. لكن في العلاقات بين الناس بمختلف مسمياتها أصبحت أسهل.. فسهل جداً اليوم الاتصال بمن تريد في أي زمن تريد.. فالحديث أصبح همساً.. وسراً... فكثير من الفتيات اليوم أصبحت عندهن عادة الحديث الليلي- (تحت البطانية)- هي الأكثر رواجاً.. فما أن يغفو جميع من في المنزل حتى تبدأ مسامرات الهاتف.. والأحاديث الطويلة التي ربما تمتد الى ساعات الصباح الأولى، ولو حاولت أن تستنج فحوى هذه الأحاديث.. لن يسعفك الخيال ولو اسعفك .. (طار عقلك). وشركات الاتصالات ساعدت كثيراً، بل أنها صاحبة الفكرة الأولى نسبة لتخفيض الاتصال في هذه الأثناء من الليل، وفي بعض الشبكات (فري) بمعنى حديث مجاني.. كل الذي يخسره المتصل هو الوقت... والراحة.. والنوم.. واعتقد أن سمار الليل هؤلاء من أكثر المستفيدين من سلبيات التكنولوجيا ومن أكثر المساهمين فيها. وأعتقد أن عدم الرقابة الحاسمة في المنزل والتوعية المسبقة لمثل هذه الممارسات، تضر في المقام الأول بصحة الإنسان ومقدرته على التركيز.. وثانياً تساعد على ارتكاب الأخطاء التي ربما يندم عليها الإنسان في وقت من الأوقات.. أو ربما تصبح أخطاء لا تغتفر... وتوقع في مشاكل ليس لها حل.. لأن مثل هذه التصرفات أصحابها دائماً أعمارهم تحت سن النضج، وأغلب الاتصالات تتم من طرف الفتيات لأنها تتصل حسب ظروفها (بعد ما الناس ينومو)، وأيضاً حتى لا يتم سماع جرس التلفون (أو ممكن نقول عدم صبر) و(شفقة).. الهاتف أصبح الحل السحري لكل المشاوير الطويلة، ولكل الأحاديث المدفونة، وأيضاً أصبح وسيلة للقاءات الممنوعة.. والممنوع مرغوب. أجيالنا الصغيرة تحتاج للنصيحة والصبر... والاهتمام.. والتشجيع.. وأن نسمع لهم ولأفكارهم دون أن نستخف بمقدراتهم أو مشاكلهم.. حتى ولو كانت عاطفية.. علينا أن نفتح قلوبنا وعقولنا ونستوعب أحاسيسهم حتى نكسر حاجز الصمت بيننا وبينهم.. وتستطيع البنت ببساطة أن تحكي لأمها... أو أختها.. دون خوف.. وهذا سيحد كثيراً من حجم المشكلات وفداحة الأخطاء.. وأيضاً الشاب يستطيع التعبير بحرية عن أفكاره وأحاسيسه ويجد الدعم والتشجيع. فمعاً لتغيير جديد في مفاهيم التعامل وحدود الحرية، والبحث عن الذات دون خجل من إحساس.. أو خوف من قريب... أو هاجس من انفعال... ومعاً لفتح صفحة جديدة للمصارحة والمطارحة.