التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين
نشر في آخر لحظة يوم 26 - 05 - 2011


بين الوقاية المطلوبة وعلاج الآثار
رؤية شرعية
مقدمة:
قال الصحابي الجليل «عبد الله بن عمر » رضي الله عنهما مخاطباً الكعبة الشريفة (بيت الله الحرام) قائلاً: ((ما أعظم حرمتك ولكن بني آدم أعظم حرمة منك)).
فإن ما تلاقيه نفس بني آدم من الجنسين من اعتداءات وإمتهان لكرامتها جراء ظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين، لهو أمرُ مخالف لكل ما أمر به الإسلام والشرع من تكريم لها (ولقد كرمنا بنى آدم) فالنفس البشرية عزيزة ومكرمة وأعظم من أن تخدش كرامتها، فضلاً عن أن يُلقى بها على قارعة الطريق، أو في أماكن القمامة والأوساخ حية كانت أم ميتة، ولا سبب في ذلك سوى نزوة من جهة رخيصة أملت على نفسها فعل ذلك، حفاظاً على سمعتها المزعومة، وذلك بعد أن قضت وطرها في دقائق معدودة، مُشبعة رغبتها الدنيئة، فآثرت السلامة من موآخذة الآخرين لها وحسابها، فلم تتردد في أن تلقي بتلك النفس البريئة في ذلك المكان أو تقتلها، مخافة أن يحدث لها ما يعكر صفو حياتها الرخيصة، الذي يجب أن يتوفر ويكون، ولو كان على جماجم الآخرين وذهاب أرواحهم، إنها الأنانية الحيوانية والافتقار إلي الرحمة والأخلاق التي لا يتصور وجودها عند هؤلاء من ضعاف النفوس.
وكل ذلك يرجع لغياب أدوار كان يجب أن يقوم بها المجتمع من واجب تربوي ودعوي وقائي، فالشريعة أولت ذلك الأمر أهتماماً بالغاً، فتحدث القرآن حديثاً زاجراً، وعُضّد ذلك بالسنة النبوية لمن تُحدِثُهم أنفسهم بالإقدام على ارتكاب مثل هذه الأفعال المنكرة.
ومما يجدر ذكره هنا أن هذه الظاهرة هي مأساة مركبة من عدة جرائم، وليس الأمر مقصوراً على خروج أطفال لا نسب لهم، وإنما هناك جرائم أخرى، مثل القتل واختلاط الأنساب، وغالباً ما يلازمان هذه الظاهرة.
كما أننا نتناول هذه الظاهرة من جانب واحد، ونعكف عليه عكوفاً، دائماً ما يكون على حساب جوانب أخرى، ربما كانت أهم منه بكثير، وهو إننا نطرق كثيراً على الجانب العلاجي، وتدارك الآثار لهذه الظاهرة، بالتفكير في كيفية التخفيف من آثارها التي يعاني منها أولئك الذين خرجوا للحياة في إطار غير شرعي، وقليلاً ما نتحدث عن كيفية استئصال هذه الظاهرة، والقضاء عليها على النحو الذي نفكر به في كثير من القضايا الأخرى، كظاهرة (ختان الإناث) والذي كان الشعار هو العمل على (القضاء عليه) بكل ما أوتي الناس من قوة، هذا بخلاف ما نسلكه من منهج في التفكير والحديث عن ظاهرة «الإطفال مجهولي الأبوين»، فقليلاً ما نتحدث عن الجانب الوقائي، وإذا ما تحدثنا فيه مررنا عليه مروراً سريعاً مقتصرين الحديث عنه في بيان (حرمة الزنا) والتنفير من ذلك بالدعوة من خلال المنابر المختلفة، مُذكِّريْن الناس بالآيات والأحاديث الواردة في جريمة الزنا، وكيف أنه من كبائر الذنوب، وما سَنهُ الشرع من عقوبات شديدة على من يَقدِم عليه، في حين إننا لا نولي ذلك الجانب الوقائي، بالإضافة إلي ما نركز عليه من جانب دعوي ووعظي لا نوليه من اهتمام مطلوب، من شأنه أن يعمل على تجفيف الظاهرة واجتثاثها من جذورها تماماً، مما يريح الجميع من عبء العمل على وضع تدابير علاجية مستمرة دوماً، وذات تكاليف مادية باهظة واهتمامات مرهقة للغاية.
في تعريف الطفل مجهول الأبوين :
ورد في تعريفه بأنه:
(هو من طرحه أهله خوفاً من العيلة «الفقر» أو فراراً من «الوصمة») .
مكانته:
وهو في الشرع- أي الطفل مجهول الأبوين نفسُ محترمة تستحق الحفظ والرعاية والحرية، لأن الأصل في بنى آدم الحرية وأن الله خلق آدم وذريته احراراً.
حكمه:
ولا يعتبر ابن زنا ما لم يثبت أنه أتى من سفاح، فالأصل أنه (ابن مشروع ابن حلال).
في التعامل مع أمه:
جاء في دليل الفالحين لمحمد الشافعي:
(أن إمرأة من جهينة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت: يارسول الله أصبت حداً فأقمه علي فدعى نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني).
وفي رواية لمسلم(إمرأة من غامد) وفيه أنها قالت (طهرني) قال المصنف: فيه دليل على أن الحد يكفر ذنب المعصية التي حد لها وقد جاء ذلك صريحاً في حديث عبادة بن الصامت (ومن فعل شئياً من ذلك فعوقب عليه في الدنيا فهو كفارته) رواه مسلم.
أحسن إليها:
وقد جاء في دليل الفالحين لمحمد الشافعي قال:(أمره بقوله: أحسن إليها خوفاً عليها من أن تحمل الغيرة ولحوق العار أقاربها فيؤذوها ورحمة لها إذا تابت فحرص عليه الصلاة والسلام معها لما في نفوس الناس من النفرة من مثلها وإسماعها الكلام المؤذي ونحو ذلك فنهى عن ذلك كله).
فإذا وضعت فأتني بها:
قال فيه تأخير حد الزنى عن الحامل إلى أن تضع وتسقيه اللبن لئلا يموت الجنين.
حكمه من وجده «ملتقطه»:
ويجب على واجده أن يلتقطه، ولا يجوز له تركه أو تعريضه للهلاك، وذلك لقوله تعالى (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً).
في حق الكفالة:
ولواجده «ملتقطه» حق الكفالة من غيره إذا توفرت فيه شروط الكفالة لقوله (ص) (من سبق إلي ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به).
في نسب اللقيط «مجهول الأبوين»:
إن التبني ممنوع في شريعتنا الإسلامية لقوله تعالى (أدعوهم لآبائهم). ولكن يُعطى أسم الأب لهذا الطفل إذا ما اعترف به أبوه.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله:
(إن الولد وأن لم يكن ولادته من أب شرعي يمكن أن ينسب لمن كان سبباً في وجوده وإن كان غير شرعي) بدليل قول العابد جريج للطفل: من أبوك؟ فقال الطفل: أبي الراعي فلان والراعي كان قد زنى بأمه).
ورد ذلك في قصة جريج العابد الذي اتهمه الناس بأنه هو الذي زنى بفتاة من فتياتهم وعلقت منه، وهبَّّّّّ الناس يُخرِّبون صومعته واقتادوه للساحة ليقتصوا منه، ولكنه عندما قدم للعقاب استمهل حتى يصلي ركعتين، ثم طلب الغلام وهمس في أذنه من أبوك؟ فقال: أبي فلان الراعي.. فهلل الناس وكبروا.
الولد للفراش وللعاهر الحجر:
أما حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر) يقول فيه شيخ الإسلام ابن تيميه: (هذا في حالة أن الوالد لا يقر به) أما إذا أقرّ به فيعطى نسبه.
وقد استلحق معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه زياد ابن ابيه المولود على فراش الحارث بن كلده لكون أبي سفيان كان يقول (هو من نطفته).
في حالة عدم معرفة والد الطفل:
أما في حالة عدم معرفة والد الطفل، فهذا الأمر محل اجتهاد يمكن أن يضاف أو ينسب لأي أسم على أن والده فقد أو مات وهذا لا شك أحق من أن يُخبر بحاله أو أن يترك دون نسب يضاف إليه.
في الترهيب من جريمة الزنا:
نحن مأمورون بأن نتحدث دوماً عن ما ينفر الناس ويمنعهم من أنْ يقدموا على هذه الجريمة الشنعاء جريمة الزنا وذلك بالتخويف استدلالاً بالآيات القرآنية والنصوص الحديثية من السنة النبوية التي هي كافية جداً لأنْ تزجر مَنْ كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وقد تحدثنا كثيراً في هذا حتى صارت تلك الجريمة (جريمة الزنا) مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأصبح التكرار في ذلك من باب الذكرى، لأن الذكرى تنفع المؤمنين. ولكن يلاحظ مع هذا المجهود أن هناك من ضعاف النفوس- وهُم كثُر- يمارسون ذلك ولا ينزجرون أبداً، ويشهد على ذلك نمو الظاهرة وتفشيها -ظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين- وربما كان السبب في عدم الاستجابة لتلك النداءات، هو بُعد المجتمع عن تعاليمه الإسلامية السمحة، وضُعف الجانب الإيماني بطريقة إجمالية، ولحزمة أخرى من الأسباب غير ظاهرة تُبين أن الأمر ليس موقوفاً فقط على إيراد آيات وأحاديث وإنما لابد من مشاركات أخرى تساعد في بناء الشخصية المسلمة التي تكون مستعدة للتفاعل مع مثل هذه النصوص القرآنية أو الحديثية، ويكون لها الاستعداد التأثيري، وهذا بالطبع لا يتم فقط من خلال تلاوة آيات، أو قراءة أحاديث، وإنما يتم ذلك من خلال مشاركات لجهات عديدة في إعداد المؤمن الذي يكون قابلاً لذلك. ولكن وبهذه الوتيرة في السير، ربما احتاج الناس إلي زمن طويل والناس في ضيق من أمرهم بسبب تنامي الظاهرة واستفحالها المستمر، مما يدعي ضرورة اتخاذ تدابير أخرى تدعم ذلك الخط الوعظي الإرشادي، لتفادي ما يتوقع من نتائج وخيمة، فإذن لابد من تفكير مبدع لاكتشاف حلول ناجعة، من شأنها أن تعمل على مقاومة تلك الظاهرة والعمل على تجفيفها نهائياً، لا أن يقتصر الدور على صور التعامل مع تداعياتها وما تفرزه من مخاطر وآثار سالبة.
الضرر يدفع بقدر الإمكان:
العنوان الجانبي أعلاه هو نص لقاعدة فقهية تقول الضرر يدفع بقدر الإمكان وهي قاعدة متفرعة من قاعدة أصلية نصها لا ضرر ولا ضرار والتي في أصلها قول للرسول صلى الله عليه وسلم يعني لابد من اتخاذ شئ من التدابير والوقاية للنجاة من حدوث مثل تلك الأضرار التي تنشأ بسبب خروج أطفال مجهولي الأبوين على هذه الحياة، ومعلوم أننا كدعاة ومرشدين إسلاميين مأمورين حتى في حالة عدم تمكُننا من إزالة المنكر بالكلية؛ أن نعمل على تخفيفه على أقل تقدير، وهو ما يطلق عليه أهل العلم والفقه ب تخفيف المنكر وأهون الشرين ، ومن ذلك تماماً ما يقع فيه الناس عامة والمسلمون خاصة في ما يعرف بممارسة الجنس على غير وجهه المشروع مما يترتب عليه الكثير من المضار والمفاسد، الأمر الذي دفع الكثير من الخيّرين للمناداة بطريقة نقلل بها من تلك المضار فكان من ضمن ما أُقترح في ذلك النصح باستخدام الواقي للتوقي من أغلب تلك الجرائم المركبة التي هي بسبب ما يعرف بظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين.
1/ الواقي يقي من ظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين:
إن من يستعمل الواقي ينتفي في حقه احتمال حدوث حمل وخروج أطفال غير شرعيين للحياة، فيكون أمره مقتصر على مصيبة الزنا، وبذلك يكون الواقي مانعاً من أن يعاني المجتمع من إيجاد أطفال غير شرعيين، وهذا طريق قوي لتجفيف هذه الظاهرة، بل قلعها من جذورها والقضاء عليها تماماً.
وقد وردت حادثة في كتب التراث (أن رجلاً اقتيد إلي حاكم هو وأبن له من الزنا فقال له الحاكم: يا هذا.. قبحك الله أما قد عزلت يوم أن زنيت حتى لا تأتي وأنت تحمل على سوأتيك زنا وابن زنا).
2/ الواقي يقي من الوقوع في جرائم القتل:
وبدون استخدام الواقي تكون الفتاة معرضة لاحتمال أن تعلق من هذا الزاني وتحمل منه، ثم تفكر في التخلص من هذا الحمل خوفاً من العار من أيامه الأولى، مبتدئة بفكرة الإجهاض، وهو ممنوع، لأنه قتل للروح أيضاً، أو يساورها هذا التفكير بعد ان تضعه، فتفكر في قتله بعد ولادته، وهو بلا ريب قتل للنفس التي حرم الله إلا بالحق، أو تلقى به على الطرقات لتدعسه المارة من الدواب أو السيارات، أو لتنهشه القطط والكلاب، او في أحسن الأحوال تذهب به إلي دور تعني بأمثاله، وغالباً ما يموت هو وأمثاله بسبب فوات كثير مما يحتاجه من ضروريات للحياة، ولكن إذا ما استخدم الواقي كان في استخدامه عاصماً من أن يدخل المجتمع في مثل تلك المتاهات والمفاسد.
فإذن يمكن أن نقول أن استخدام الواقي يمنع من أنْ يُمتحن أولئك الزناة بقتل هذه النفس البريئة، فيكون جرماً على جرم، وقد لا تنجو هذه الفتاة الزانية هي الأخرى من أن تُقتل إذا ما أنكشف امرها عند اهلها، فعادة ما تقوم بعض الأسر والقبائل بقتل أولئك الفتيات حفاظاً على مكانتهم الاجتماعية كما يزعمون.
إذاً يمكن أن نقول أيضاً:
أن استخدام الواقي يقي من جريمة قتل قد تكون مركبة، يكثر فيها المجرمون، وبعدم استخدامه ربما صار أولياء الزانية المساكين قتلة لبنتهم، وصارت الأم قاتلة لأبنها، وكثر القتل بسبب جريمة كان يجب أن لا تتعدى إطارها المحرم، وهو الزنا الذي لا يزيد الشرع في العقوبة فيه على مائة جلدة إذا كانت الفتاة بكراً باتفاق، وإذا كانت ثيباً على خلاف.
فأنظر إلي ضرورة ما ننادي باستخدامه، وكيف أنه يُجنب الناس جميعاً الدخول في ذلك الازدحام من المفاسد لينحصر الضرر فقط على الزناة دون أن يتعداه إلي المجتمع بخروج أطفال مجهولي الأبوين، وجرائم للقتل متعددة، أو في أحسن الأحوال أن يكون أولئك اللقطاء في مجتمع يعاني منهم ويعانون منه.
3/ الواقي يقي من اختلاط الانساب:
صحيح أن الذنب تمضي لذته، ولكن تبقى آفاته وآثامه، فقد يزنى الشخص بذات زوج أمرأة متزوجة فتحمل منه وتلحق تلك الزوجة المزنى بها ذلك المولود بزوجها، فيمنع الميراث أهله، يعني أنه يرث معهم وهو ليس بوارث، فيأخذ ما ليس له، بل انكأ من ذلك ما يحدث من تغيير للإنساب والفرش، ويتصل ذلك ويستمر إلي الأبد فيظهر آباء وهم ليسوا بآباء، وأعمام وهم ليسوا بأعمام، وتعتمد قرابات أخرى عديدة وأرحام، وهي ليست كذلك، ويستمر ذلك ويتواصل باستمرار الحياة والتناسل بين هؤلاء مع أناس قد لا تجمعهم أصلاً لا قبيلة ولا وطن ولا دين مع ذلك الزوج، فضلاً عن رحم ذلك كله بسببه شؤم لحظة من لذة كان يمكن الوقاية منه والتحسب باستخدام الواقي.
شبهة والرد عليها:
وإذا سلمنا جدلاً أن الواقي حرام، ولا يجوز استخدامه لما له من مفاسد بالدعوة إلي استخدامه، كقولهم إنه يشجع الناس على الزنا فنقول وإن كنا لا نسلم بهذه الشبهة إلاّ جدلاً، فنقول لهؤلاء المعترضين سائلينهم: أيهما أشد مفسدة وأكثر ضرراً .. استخدام الواقي مع توقع تشجيعه للبعض على أن يزنوا أم عدم الاستخدام الذي يتيقن بسببه حدوث كثير من المخاطر والمفاسد، على رأسها حدوث حمل وخروج أطفال مجهولي الأبوين، والتفكير في قتل الطفل وربما قتلت أمه خوفاً من العار واحتمال نقل كثير من الأمراض الجنسية كالأيدز وغيره ؟.
لا شك ان الضرر الأشد يبين ويظهر جلياً من جراء عدم استخدامنا للواقي، هذا إذا ما استندنا على القاعدة التي تقول (إذا ما دار الأمر بين فعل واحدة من المفسدتين وتفويت الأخرى عملنا بالمفسدة الدنيا).
ولا شك أن الاكتفاء بجريمة الزنا للزناة اصحاب النفس الرخيصة أخف عليهم وأهون من أن يشركوا معه جرائم أخرى عديدة، وهذا في حالة التسليم بأن ما ذكره المخالف من تحفظ بأن استخدام الواقي يشجع على الزنا، وفعل الفاحشة، وهو ليس كذلك لأنه إذا كان ذلك كذلك فطرد هذا التفكير وهذا الفهم يقضي بعدم جواز صناعة الأدوية التي من شأنها أن تعالج مرضى الاتصالات الجنسية كالإيدز والسيلان والزهري، لأن ذلك قد يشجعهم على الزنا، لطالما أنهم في مأمن بصناعة هذه الأدوية المعالجة حتى بعد الإصابة بها.
ثم نحن أيضاً نطرح سؤالاً في تقديرنا هاماً جدا وهو هل إذا ما أبتعد مريد الزنا عن الزنا فقط مخافة الوقوع في مرض الإيدز أو أي مرض اتصال جنسي هل له أجر تارك الزنا كما يتركه المسلم مخافة ربه؟!.
إذاً نحن مأمورون بأن نوجّه المسلم توجيهاً سليماً، ونخيفه بالله لا بالأمراض، فذلك التخوف السابق مضمونه، بل معناه إذا لم تتركوا الزنا أصبتم بالإيدز فيترك الناس الزنا خوفاً من الأيدز وليس من الله وهذا كله ناتج من ذلك التوجيه الأعوج القائل لا تجيزوا استخدام الواقي فيشجع الناس على الزناً لأنهم يأمنون الوقوع من الإصابة بالإيدز، فدعوا الإيدز يخيفهم من الزنا لا الدين والإسلام.
وكذلك بهذا المنطق أن (العزل) الذي أوصى به ذلك الحاكم المسلم ذلك الرجل بقوله أما قد عزلت يوم أن زنيت حتى لا تحمل على سوأتيك زنا وابن زنا. فبهذا المنطق يعني أن العزل يساعد ويشجع على الزنا والإقدام على الفاحشة، في حين أن العزل كان معروفاً ومباحاً في زمنه(ص) كنا نعزل والقرآن ينزل حديث صحيح.
الواقي ثم الواقي ثم الواقي:
ولذلك يمكننا القول بأنه:
خير علاج لما نحن فيه من مشكلة كبرى تسمى الأطفال مجهولي الأبوين هو التركيز على استخدام الواقي، والنصح به، بل والتحذير من تركه ليكون بذلك خطة ناجعة في القضاء على هذه الظاهرة ويكون ما تبقى من جهد موفور في اتخاذ التدابير الأخرى من علاج لمن هم موجودون الآن على قيد الحياة، وهم شريحة محددة يمكن السيطرة على مضارها وآثارها السيئة، والعمل على توفير ما يلزم لها.
ولا أحب أن أختم بأن ذلك لا شك أنه يقود إلي ما يسمى بالاحتفال يوماً من الأيام بخلو المجتمع من تلك الظاهرة فرحين، ولكن بالطبع أنه لا أحد يسعد أبداً بوجود ظاهرة كتلك. والله المستعان
د.: يوسف الكودة
الخرطوم 4/4/2011م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.