أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية يبدو أنه (نسيّ نفسه) كما يقول المصريون.. في معرض سبابه وشتمه للمؤتمر الوطني ورده على تصريحات الدكتور نافع علي نافع بشمالية أبيي، فقد وصف أتيم قرنق هذه التصريحات بغير الأخلاقية وغير القانونية وغير السياسية، وشبّهها بحديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول حدود (67) بالنسبة إلى الدولة الفلسطينية، مضيفاً أنه يتوقع أن تكون في الشمال دولة عربية عنصرية عقب الانفصال أشبه بإسرائيل، تعتمد على منطق القوة وليس التاريخ!! أتيم قرنق لابد أنه الآن يُسأل ويستوضح بعنف من جانب ضباط الموساد الذين يقبعون خلف كواليس المسرح السياسي والأمني والاقتصادي الجنوبي، يوزعون الأدوار ويصرفون التعليمات والتوجيهات ويديرون العمل الأمني ويقومون بعمليات الطبخ والتسبيك في مطبخ صنع القرار لحكومة الجنوب، فوصف دولة الشمال بالعنصرية وبكل الأوصاف القبيحة والذميمة أمر مطلوب من وجهة نظر الصهاينة ويقع ضمن خطط ومشاريع تشويه الصورة، ليس فقط بالنسبة للسودان وإنما لكل الدول العربية والإسلامية سواء تلك التي لها علاقات دبلوماسية معها، أو التي تناصبها العداء جهاراً، ولكن أن يصل وصف دولة الشمال بعنصرية تشابه عنصرية إسرائيل، فهذا يعتبر إساءة لإسرائيل في المقام الأول قبل أن تكون إساءة إلى السودان الشمالي، ولأن وصف إسرائيل بالعنصرية يعتبر خطاً أحمر (قاني) لم تقوَ حتى الولاياتالمتحدة القوى العظمى الوحيدة في العالم، على تعديه وتجاوزه خوفاً من الغضب الإسرائيلي وتجنباً لحسابها العسير، لذلك فلن تمرر إسرائيل هذه (الجليطة) لأتيم. { تمسك مدير الهيئة العامة للحج والعمرة بموقفه الرافض لقرار وزير الإرشاد والأوقاف الدكتور أزهري التيجاني القاضي بإيقافه عن العمل وإحالته إلى التحقيق وعدم البت في هذه المشكلة وحسمها، يعتبر سبة في جبين (المؤسسية).. وسابقة خطيرة ستكون أنموذجاً يحتذيه أولئك الذين ينظرون إلى المنصب العام باعتباره تشريفاً و(ضرعاً) يدر لهم مكاسب مادية ومعنوية ومصالح شخصية، وليس باعتباره تكليفاً تترتب عليه مسؤوليات جسام أمام الله أولاً، ثم الناس ثانياً.. وأنه لمن المحزن والمخزي أن يحدث هذا الشد والجذب والتمترس خلف المواقف وهذه (الكنكشة) في مرفق تتعلق أعماله بتنظيم وتيسير أداء فريضة من أجل وأعظم الفرائض.. ومؤدوها هم ضيوف الرحمن، ومن المحزن أيضاً ألا يتم فض الاشتباك في هذه الواقعة الغريبة ووضع حد لها من الجهة الأعلى التي تستطيع بجرة قلم أو حتى بمحادثة هاتفية إنهاء هذا الوضع الشاذ وإزالة هذه الصورة القبيحة حتى يطمئن كل من فرض أو نوى الحج هذا العام.. أن الدولة ستيسر له أداءه بلا أية معوقات بسبب المنازلة والمجابدة ما بين الوزير ومدير الهيئة، والتي إذا لم تفض فإنها ستلقي بظلالها السيئة على كل مراحل الإعداد والتنظيم لها. { على الحكومة ألا تتسرع في الأخذ بفقه الضرورة فيما يتعلق بالقروض الربوية الثلاثة لتمويل سدي سيتيت وأعالي عطبرة ومطار الخرطوم الدولي الجديد، وعجبت لموقف وزير المالية الذي أبدى حرصاً شديداً على قبول هذه القروض وقوله إن الرجوع لمجمع الفقه وهيئة الرقابة غير مجدٍ!! نقول لابد من التروي والأناة وتقليب الأمر من كل وجوهه الفقهية والاقتصادية والتفكير في البدائل الأخري.. الورع والتقوى والخشية من الوقوع في ما حرمه الله، يجب أن يكون حاضراً في عقول وأفئدة من يوكل إليهم التقرير في الأخذ بهذه القروض أو رفضها، لأن الأخذ بالربا والتعامل به يستوجب حرباً من الله ورسوله، فهل الدولة قادرة على خوض حرب كهذه؟! { بعد (موقعة) أبيي، بدأت هجرة عكسية من أجل السلام.. من الجنوب تجاه الشمال دشنها الدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة الجنوب، ونقول عكسية لأنه في الماضي ما قبل موقعة أبيي وفي عهد (جعل الوحدة جاذبة) كانت الهجرة تسلك خطاً ثابتاً حين حدوث أزمة بين الشريكين من الشمال في اتجاه الجنوب، حيث تطير حمائم السلام من المؤتمر الوطني صوب جوبا لاسترضاء صقور الحركة هناك والتربيت على ظهورهم وأكتافهم من أجل الحفاظ على وحدة السودان، أما وقد راحت الوحدة في خبر كان.. فقد تغير الرهان وأصبح غير ذي نفع ولا جدوى.. فتحولت الحمائم إلى صقور جارحة.. ولعل اللقاء الذي جرى بين الرئيس البشير ورياك مشار مؤخراً والذي جرت وقائعه كلها ولمدة ساعة كاملة تحت صهر ولهيب الشمس الحارقة في ساحة القصر الجمهوري يعتبر هو الآخر نذيراً وتدشيناً لحقبة قادمة من التعامل باللغة التي تفهمها الحركة الشعبية ولا تفهم غيرها، وهي رسالة حتماً قد استوعبها الرجل الذي يحسب ضمن العقلاء في الحركة الشعبية وقليل ما هم.. فحواها أن الإبقاء على (الصقور) ضمن الطاقم القيادي للحركة وفي مواقع متقدمة من دوائر صنع القرار في حكومة الجنوب، أمر سيكون باهظ التكاليف بالنسبة للحركة، وأن القيادة السياسية لم يفت في شدة مراسها وقوة شكيمتها دعة الرئاسة وراحتها، ولم تمحَ من ملامحها قط بأس العسكرية وصلابتها ومنها الوقوف لساعة كاملة تحت الشمس، بينما وحدات التكييف المركزي تهدر وترسل أزيزها وظلال أشجار القصر الرئاسي ممدودة لا ترى فيها (رقراق)، فهل وصلت الرسالة؟.. نرجو ذلك.