لا أدري ما الذي يستفزني عندما أسمع هذه العبارة «للوقوف على التجربة ال....» خاصة عندما تجيء الأخبار بعد زيارة وفد سوداني أو جهات متخصصة إلى جهات خارجية بصورة متكررة.. فكم وفد وقف على تجارب كل العالم ولم يكن نصيب البلاد من هذه الوقفات إلا قليلاً.. والمعروف أن معظم النجاحات في القطاعات الاقتصادية تحققها القطاعات الخاصة، ومرد ذلك لحرص المستثمر في ذلك القطاع وقدرته على المتابعة والإنتاج، أما معظم الجهود الرسمية تذهب من ذات الباب الذي في نهايته اعتماد «نماذج» بالقطاع الخاص كمرجعية للإنتاج والاحتذاء.. وولاية الجزيرة هذه الأيام تعكف على إقامة مزرعة نموذجية لإنتاج الأسماك تحت لواء برنامج النهضة الزراعية وخبرات تركية بغرض تمويل المزارع السمكية في المنطقة.. فهل تنجح في إعطاء النموذج الأمثل لسلسلة الوقوف على التجارب الخارجية، نتمنى ذلك.. التعويل على الثروة الحيوانية بعد التاسع من يوليو القادم.. وبعد خروج معظم إسهامات البترول من اقتصاد شمال السودان.. ورغم تأكيدات «وزير الكسرة» بعدم تأثر اقتصاد شمال السودان بذلك، بذات النهج الذي يؤكدون به عدم تأثر المستشفيات بإضراب الأطباء.. سيجد مواطن شمال السودان نفسه مواجهاً بتحديات اقتصادية كبرى، ومن الحكمة فيها التعويل على رفع الصادرات غير البترولية التي أهمها الزراعة بقطاعيها النباتي والحيواني، وبعد أن ذهب مشروع النفرة الزراعية إلى مثواه الأخير ونهض مكانه مشروع النهضة الزراعية، يستوجب ذلك العمل لجعل كل البلاد «خضرة» حتى تجني ثمار القطاع.. كما أن التعويل على قطاع الثروة الحيوانية هو كذلك الأقرب، فقد كان إسهام هذا القطاع قبل اتجاه البلاد بكلياتها نحو البترول إسهاماً فاعلاً في الدخل القومي، وها هي البلاد تضطر للعودة والبحث عن بدائل البترول التي أهملتها الدولة فرحاً وابتهاجاً بالبترول.. فهل جاء التعويل مدعوماً بالإستراتيجيات الفاعلة.. الألبان مشكلة! رغم أن تعدادات الثروة الحيوانية في هذه البلاد مقدرة، إلا أن استخدام الألبان المجففة يجد مساحات واسعة كمؤشر أن سوق الألبان «كاشف» كما يقول أهل السوق، وهذا يعني أن إنتاجها محلياً لم يرتقِ لمستوى تغطية الحاجة، بل أذكر أنني في هذه المساحة من قبل كتبت عن ذلك الإعلان التجاري عن اللبن ال«....» الذي لا ينتج بذلك البلد، باعتبار أنها بلاد بلا مراعي ولا كثافة حيوانية وإنما هو مورد ومن ثم صار مصدراً لنا ونحن أهل الأراضي الزراعية والرعوية والثروة الحيوانية التي تسرح وتمرح ليكون منتجها «اللبني» بهذه الضآلة التي تجعلنا نحتفي بالألبان المجففة والقارورات المنزوعة الديباجات من دولة لدولة.. فهل خرجت علينا الجهات المعنية بالمشاريع الكبرى التي لا نقول سوف تغرق السوق لبناً، ولكن أقلاه أن تسد الحاجة العاجلة لهذه الألبان وبأسعار معقولة.. آخر الكلام: لا بأس أن نقف على التجارب.. وأن نعول على بعض القطاعات الاقتصادية الفاعلة ولكن لابد من أن يكون مسؤولونا الاقتصاديون على قدر من الوضوح والشفافية حتى يدرك المواطن ما عليه في مرحلة ما بعد الانفصال.. بالتأكيد إنها فترة غير «ناعمة» اقتصادياً.... مع محبتي للجميع