الثورة هي التغيير.. وليس تغيير وجوه الحكم واستبدال سادة بسادة.. الثورة على الأنظمة المستبدة تعني تمكين الإرادة الشعبية، وتعني تطويع القوانين والتشريعات لصالح الشعب، وتعني مساواة الجميع أمام القانون وتعني أن الحاكم هو خادم الشعب. يلح علينا سؤال ضروري حول تعريف وتوصيف ما جرى وما يجري في بعض دول المنطقة أو ما يسمى بربيع الثورات.. وهل ما حدث ويحدث هو ثورات حقيقية أم احتجاجات شعبية استبدلت طاقم حكم بآخر!؟ بالنظر للحدث ومسرحه العربي لا نستطيع الجزم بأن ما حدث نتيجة تلك الثورات الشعبية هو تغيير ثوري لصالح الجماهير بلغة أهل اليسار أو تحول لصالح الشعب بلغة أهل الوسط، لأن الذي أعقب تلك الثورات إما قطع رأس النظام الحاكم مثلما حدث في تونس أو إسقاط رموز النظام مرة واحدة أو بالتدريج مع الابقاء على المؤسسات وعلى كثير من القائمين بأمر تلك المؤسسات على أمل التغيير الحقيقي باتاحة أجواء ديمقراطية تكفل حرية العمل السياسي وحرية الرأي والحريات العامة مثلما حدث في مصر عقب تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك الذي بتنحيه لم يسقط النظام على الأرض (بب) بل أمسك المجلس العسكري بهيكل الدولة وحماها من السقوط الداوي والفوضى البائنة. لن تكون هناك ثورة شعبية كاملة ما لم يتم تغيير القوانين والتشريعات وتعديلها لصالح الشعب لتحمي مصالحه لا مصالح حزب أو جماعة أو فرد، وتغيير القوانين والتشريعات يتطلب وقتاً طويلاً كما يتطلب أخذ ورد الشعوب وأصحاب المصالح الذين تمثلهم أحزابهم ومنظماتهم واتحاداتهم المهنية والفئوية والأهلية. الشعوب تثور على القوانين المقيدة للحريات والمكبلة للرأي والتي تمنح حق التصرف في الحق العام لفئة وتمنع ذلك عن فئات. نحن الآن سنواجه بعد أيام قليلة واقعاً وطنياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وأمنياً جديداً بانفصال الجنوب.. دعونا نراجع القوانين والتشريعات.. دعونا نعيد ترتيب أوضاع الاتحادات والنقابات والمنظمات لتتماشى مع الواقع الجديد الذي ستصبح عليه بلادنا بعد التاسع من يوليو المقبل، وليت مؤشرات التغيير في الجهاز السياسي والتنفيذي التي ستصاحب الواقع الجديد، ليتها شملت بعض الاتحادات المهنية التي لا تمثل إلا مكتبها التنفيذي في بعض الأحيان أو لا تمثل إلا رئيس الاتحاد وأمينه العام في كثير من الأحيان.. والنماذج كثيرة.