خروجاً عن مألوف الأيام العادية نكتب اليوم عن أمر ظل يشغل كل الأسر السودانية وكل عريس وعروس، وهو أمر الإنجاب، فما أن تُعلن الأسرة الجديدة الصغيرة عن النبأ السعيد إلا وترتفع الأكف بأن يكون المولود الجديد (ولد) وإن جاء بنتاً تجيء من الآخرين عبارات التهنئة مقرونة بلهجة المواساة لتكون: (مبروك.. وإن شاء الله من المستورات والبجيبو الله كلو كويس).. وهكذا. جاء في الأنباء أن أسرة اتّجهت لفتح بلاغ في مواجهة إحدى المستشفيات بالخرطوم، إذ تمّ إبلاغ الزوج الذي أدخل زوجته إلى ذلك المستشفى للولادة بأن زوجته أنجبت له (ولداً) فانطلقت الزغاريد وذبحت الذبائح.. ولكن سرعان ما تم إخبار الأب بأن المولود قد توفي ولم يعش إلا دقائق معدودة، ليلف الحزن جميع أفراد الأسرة الذين طلبوا تسليمهم جثمان الطفل الوليد لدفنه لكنّهم فوجئوا عن تسلّم الجثمان بأن المتوفاة أنثى وليست ذكراً. وبدأت الأسئلة الحائرة تبحث عن إجابات لدى المستشفى ولدى الذين قاموا بإجراء عملية الولادة ونحسب أنّ الأمر ستتكشف عنه حقائق مذهلة لكننا لا نُريد استباق التحقيقات. لا زلنا في محطة تفضيل (الولد) على (البنت) وقد سألني سائل من الأقربين عن الصفات التي تجعل (الولد) أفضل من (البنت) في عيون البعض.. فقلت له إنني لا أعرف صفة تميز إنساناً عن آخر إلا بالاستقامة والصدق والأمانة والالتزام بالخلق الحميد وقبل كل هذا التمسك بكتاب الله وسنة رسوله.. ولكن ومع ذلك أرى أن الصفات المحمودة والمطلوبة لتكون لدى الرجل هي صفات غير محمودة ومنكرة إذا ما اقترنت بالمرأة. سألني السائل كيف..؟.. فقلت إن أفضل صفات الرجل هي الكرم والشجاعة وإجادة القتال والنزال بينما ليس مطلوباً من المرأة أن تكون كريمة مضيافة بيتها مفتوح (للغاشي) و(الماشي) لأنّه عند ذلك تقال حولها الأقاويل وتنسج حولها القصص.. كما أنّه ليس مطلوباً منها أن تكون شجاعة تواجه المقاتلين والمخاطر إذ إن طبيعتها تختلف عن طبيعة الرجل في التكوين الجسدي والعاطفي والنفسي بينما المطلوب من الرجل أن يكون حامياً للمرأة والأسرة والمجتمع والوطن كله.. ونحن نقول في أدبنا الغنائي مشيدين بالمرأة:- محمية الحمى الما حام حماها دخيل .. وهكذا ظللنا نتحدّث حول أمر ليس حوله اتّفاق عام وإن آمنا بأن القوامة للرجل وأن شهادة رجل واحد تقابلها شهادة امرأتين حتى إن نسيت إحداهما تذكرها الأخرى. وقال لي صديقي سائلاً يرجو إجابة: (أليس هناك جماعة تفضل البنت على الولد..؟) حقيقة حرت ولم أعرف إجابة إلا أنني استدركت وقلت له إن جماعة الكونكان فقط هم الذين يفضلون البنت على الولد وكل جماعة الكوتشينة بألعابها المختلفة لأن الملك (الشايب) يأتي على قمة الورق تليه الملكة التي نسميها (البنت) ثم (الولد) فالعشرة والتسعة.. وهكذا إلى أصغر كرت في الورق وهو (الدو) أو الاثنين إذ يعتبر أهل الكونكان أن (الآس) هو الأعلى والأكثر رفعة من غيره في كل ألعاب الورق. ونختم بقول الله تعالى: (آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضة من الله إنّ الله كان عليماً حكيماً) النساء. ونقول: تدخل البنت الواحدة والاثنتان والثلاث أبواهما الجنة إذا أحسنا تربيتهن.. والولد الصالح يقبل الله منه الدعاء لوالديه بعد انقطاع العمل ويشمل البنت والولد. ونختم بالدعاء: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. آمين .. و.. جمعة مباركة