قلبي انفطر حزناً... بعد رؤيتي لخريطة السودان الجديدة.. تلك الخريطة التي «ألفتها» عيوننا منذ الصغر.. وحفظناها عن ظهر قلب بكل تعرجاتها وأنهارها ومدنها وقراها.. فهي جزء من تاريخنا وتراثنا ووطنيتنا.. من منا كان يتوقع أن ما حدث سوف يحدث.. من منا تخيل أن السودان سينشطر إلى دولتين.. من منا كان يتوقع أن يأتي يوم ونصبح نحن والإخوة الجنوبيون «جيراناً» بعد أن كنا «إخوة» يحضننا وطن واحد .. «لا شمال بلا جنوب ولا جنوب بلا شمال كلنا أخوان».. وبذلك دُحضت مقولة «ما عاش من يفصلنا».. وداعاً يا «منقو» فقد عاش من يفصلنا ووقع الانفصال..!! ü كنا نفاخر بأننا أكبر دولة عربية و أفريقية مساحةً.. ولكن بعد انفصال الجنوب أصبحنا الدولة الثانية أفريقياً.. والثالثة عربياً.. الكل متوجس من فترة ما بعد الانفصال.. «شمال وجنوب».. صدقوني أنه موقف صعب.. سوف تختل فيه الكثير من الموازين.. وتختلط فيه الكثير من الأمور... أغلبية الجنوبيين رافضين فكرة الرحيل والانتقال إلى الجنوب... وقد أرجع معظهم الرفض.. إلى شعورهم بعدم الأمان والسلام في «جنوبهم».. وقال آخرون إنهم ذهبوا ولم يجدوا وظائف مثل التي كانت تأويهم في الشمال.. وقال بعضهم إنهم ولدوا في الشمال وهذا يعطيهم «الحق» في العيش في الشمال.. والغريب في الأمر والمضحك أن بعض الإخوة الجنوبيين قالوا إنهم سوف يفتقدون «الأكلات» الشمالية.. ü معظم الشماليين يرفضون وجود الجنوبيين بعد الانفصال.. مبررين ذلك بأن الجنوبيين هم الذين طلبوا الانفصال وسعوا إليه.. وبذلك لا يحق لهم العيش في الشمال.. وكونوا «منتديات» و «مجمعات» تنادي برحيل الجنوبيين.. وهناك من رتب للاحتفال بهذا اليوم.. ü هذا من الناحية الشعبية.. أما على الصعيد الحكومي والسياسي.. فالأمر واضح للعيان.. ولا يحتاج إلى شرح أو توقعات.. الحكومتان «مؤتمر وطني وحركة شعبية».. وقعتا في ورطة لا فرار منها.. برغم من أنهما تكابران وتخفيان هذا الأمر.. فقد وقع «الفأس في الرأس» وقُضى الأمر.. وحدث الانفصال.. إنه يوم السبت 9/ يوليو2011م.. يوم سوف يحفر في ذاكرة السودانيين.. يوماً سيحدد مصير دولتين.. واحدة لها كيانها وحكمها ودساتيرها واستقرارها الأمني والسياسي والاقتصادي ومتوقع لها التدهور في الكثير من هذه النواحي.. والأخرى مازالت في مرحلة «الحبيان» تتعلم المشي .. إما أن تتعلم المشي وإما أن تتعثر.. فكلها توقعات بما سيحدث..!! ü ادعو معي أن يحفظ الله سوداننا وأن يلم شملنا وأن لا يعرضنا لانفصال آخر يهز ما تبقى من تمكسنا وكياننا.. اللهم آمين.