قررت لجنة المتابعة العربية التابعة لجامعة الدول العربية التوجه إلى الأممالمتحدة لطلب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، والتحرك لتقديم طلب العضوية الكاملة في كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن يأتي التحرك العربي باتجاه طلب العضوية لفلسطين في ذات اليوم الذي اعترفت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة - بالإجماع- بعضوية جنوب السودان ليصبح العضو رقم (193) في المنظمة الدولية. قرار لجنة المتابعة أعلنه الأمين العام الجديد للجامعة نبيل العربي في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الوازري للجنة التابعة للمبادرة العربية للسلام في الدوحة، في اليوم ذاته الذي كانت تشهد فيه العاصمة القطرية التوقيع على وثيقة سلام دارفور، برعاية قطرية ودولية وعربية وأفريقية وبحضور عدد من الرؤساء والمسؤولين العرب والأفارقة، وهذا تزامن لافت للنظر إن لم يكن يدعو للدهشة، ربما هيأته الصدفة من غير ترتيب مقصود. فاجتماع لجنة المتابعة ترأسته قطر ممثلة برئيس وزرائها وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. وقال العربي إن رئيس اللجنة(قطر) والأمين العام للجامعة ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية و(من يرغب بالالتحاق) سيقومون بمتابعة القرار في أورقة الأممالمتحدة ومع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لكن العربي لم يقدم إطاراً زمنياً يشير إلى تنفيذ هذا التحرك أثناء دورة الانعقاد المقبلة للجمعية العامة في سبتمبر القادم، بينما أوضح مسؤول فلسطيني شارك في الاجتماع أن الجامعة العربية عينت لجنة لتحديد المواعيد، وفي ذلك إشارة واضحة يفهم منها المراقب أن قرار طلب العضوية لفلسطين ليس أمراً محسوماً، وربما يكون(كرتاً)للضغط على إسرائيل التي ترفض من حيث المبدأ إعلان فلسطين دولة مستقلة من جانب واحد وتعتبر الخطوة بمثابة (مشروع حرب جديدة) مثلما رفضت وترفض وقف بناء المستوطنات والتوسع في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المقترحة. لكن من وجهة النظر العملية، فإنه كما أعلن كبير المفاوضين الفلسطيين صائب عريقات ، هناك (117) دولة تعترف الآن بالدولة الفلسطينية، وأن الهدف من اجتماع الدوحة هو (تعزيز الدعم العربي لحصول دولة فلسطين على عضوية الأممالمتحدة)، واعتبر عريقات أن رفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما لهذا التحرك(غير قانوني) والمفهوم أن الرفض الأمريكي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، سيترتب عليه(فيتو)في مجلس الأمن الذي هو المدخل لإحالة الطلب إلى الجمعية العامة، والأهم من ذلك أنه قد يترتب عليه أيضاً وقف المساعدات التي تقدمها واشنطن للسلطة الفلسطينية إذا ما اشتد النزاع وتباعدت المواقف. ومع ذلك أصر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة على القول(يجب أن نذهب إلى الأممالمتحدة بآليات محددة قررتها اللجنة الوزارية، بالفيتو الأمريكي أو من دونه لن نتنازل عن حقنا). فموقف واشنطن - كما هو معلوم- يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل، لكنه يريد أن تأتي هذه الدولة بالتفاهم مع إسرائيل عبر مفاوضات مباشرة، لا عن طريق الشرعية الدولية وقراراتها التي تتنكر لها إسرائيل ولا تقيم لها وزناً منذ احتلالها لما تبقى من أرض فلسطين إبان حرب حزيران 1967م. حالياً تتمتع السلطة الفلسطينية بوضع(مراقب) في الأممالمتحدة، لكن يبدو أن القيادة الفلسطينية، التي تدرك أن مثل هذا الاعتراف لن يغير في واقع الاحتلال شيئاً إن لم يصمم المجتمع الدولي، فمثلاً في مجلس الأمن على الخصوص، على اتخاذ قرارات حاسمة تجبر إسرائيل على وقف الاستيطان وإخلاء الأراضي التي تستولى عليها بالقوة، لا تأمل - هذه القيادة- في أكثر من تطوير محدود لعضوية فلسطين من وضع مراقب إلى وضع(دولة غير عضو) بحسب لوائح الأممالمتحدة، وذلك ما يتطلب موافقة الجمعية العامة فقط، دون المرور على مجلس الأمن، كما هو الحال بالنسبة للعضوية الكاملة. في متاهة التفاوض غير المجدي التي غاصت فيها المقاومة الفلسطينية منذ اتفاقية أوسلو، والتي فقد من خلالها الفلسطينيون جل أراضيهم عبر إجراءات الاستيطان والجدار العازل وتجريف الأراضي الزراعية والتوغل المنظم داخل القدسالشرقية بما في ذلك مقابر الصحابة قرب باحة الأقصى الشريف نجد أن القيادة الفلسطينية لم يعد لديها بدائل عملية بين يديها تجعل إسرائيل تفكر أكثر من مرة أو تتردد في فعل ما تريد، فالقيادة الحالية - ممثلة في محمود عباس وصحبة- انحصرت مراهنتهم من أجل التحرير على إقناع الأطراف الدولية بالضغط على إسرائيل، ونسيت أن هذه الأطراف ذاتها هي التي كانت وراء المؤامرة الصهيونية- الاستعمارية الدولية التي قادت إلى قيام الدولة العبرية ورعايتها وحمايتها- وبالتالي فإنها ليست في وارد بذل أي جهد أو القيام بأي ضغط على إسرائيل، بل هي تتفاعل وتتحرك وفق الخطة الإسرائيلية، وأكبر دليل على ذلك هو موقف الإدارة الحالية من المستوطنات، فبعد الإعلانات المدوية من قبل أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون بضرورة وقف بناء المستوطنات، أضطرت هذه الإدارة إلى التراجع غير المنتظم عن تلك المطالبات والإعلانات، وفي النهاية الخضوع لرغبة إسرائيل المصرة على مواصلة الاستيطان، استجابة للضغوط الداخلية للوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة ذا الأسنان الحادة والذي يعرف كيف ينتصر في لعبة عض الأصابع.