لا براءة في هذا الزمان (الغابر) إلا براءة الاختراع.. أو براءة المتهم من التهمة المنسوبة اليه.. أو براءة الذئب من دم بن يعقوب.. ضاعت البراءة من سوق العولمة وتاهت وسط زحام الموبقات المهلكات.. ولن يعيدها ألف بلاغ للشرطة ولا مليون ملصق فقدان. خرجت البراءة ولم تعد بعد أن التهمها (الغول) هي وشليل وفاطمة السمحة.. وتربية الحبوبات، وحرص الأمهات !! تاهت البراءة وجرفها تيار الانقلاب.. والثقة في الناس وطوفان أمراض نفيسة مستعصية وقلوب مريضة. وماتت البراءة بإهمال الأمهات.. وترك العيال في الشوارع لقمة سائغة لفصيلة حتى الآن لا أجد لها مسمى، هي بلا شك دون الحيوانات في سلسلة الأحياء، تفكك دواخلها نسيجاً نسيجاً وخلية خلية، وأصيبت بداء فتاك قتل في دواخلها كل معاني البشرية قتلوا حرام.. ونظراتها البريئة تلعن كل مفرط في طفولة وبراءة لا تحمي نفسها.. انتزعوا (شيماء) من ثدي أمها.. وإذاقوها ألواناً من عذاب تنهد لها الجبال.. ويشيب لها الولدان. إن العقوبة التي تتجرعها الأسرة المفرطة المهملة في صغارها تساوي أكثر بكثير من الحرص والمراقبة ولكن ماهي عقوبة هؤلاء.. القتلة المغتصبين. فلنتفق أولاً هل هم بشر؟! إذا كانت الإجابة بلا فلم نعاملهم معاملة البشر قال (صلى الله عليه وسلم) ولا يزني الرجل حين يزني وهو مؤمن.. ولا يقتل الرجل حين يقتل وهو مؤمن.. لقد تجردوا من البشرية والإيمان فصار (عجم كفار). أتعلمون أن الاغتصاب إذا اقترن بالقتل كانت عقوبته الإعدام، والأعدام هو عقوبة القتل إذن، أين هي عقوبة الاغتصاب؟ صحيح أن الموت هو أصعب عقاب، ولكن هل اكتفوا هم بالقتل لقد أذاقوا (البراءة) مر العذاب وانتهكوها.. بفارق كبير بين القوة والعمر.. هل يتخيل أحد مدى الصدمة والألم الذي يصيب الصغير المغتصب؟ لماذا لا يفصل كل بلاغ على حده فيحاكم المغتصب أولاً بجريمة الاغتصاب.. وهتك العرض.. ويعاقب بدنياً ومعنوياً... فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم.. ولما لا يخص كل من يغتصب طفل صغير ويجلد ويسجن ثم بعد ذلك يحاكم بالقتل، إن الإعدام في هذه الحالة ليس لأنه اغتصب بل لأنه قتل؟. ولو تعلمون أن قتل الروح والبراءة أعمق أثراً من كل أنواع القتل للجسد... لماذا يظل قانون العقوبات السوداني أصماً وأخرس.. في جريمة الاغتصاب لماذا لا يعدل ويكون أشبه بقوانين كثير من البلاد التي تعاقب بالأعدام. إن أنسانية الإنسان وموت الوالدين في كل لحظة تساوي ألف قانون.. وتستحق ألف جلسة كمجلس الوزراء، فهناك جرائم تستحق الردع فعقوبة الاتجار في المخدرات هي السجن المؤبد لأن المخدرات تدمر العقول.. وماذا عن تدمير النفوس؟.. وماذا عن اغتيال البراءة ألا تساوي شيئاً.. زاوية أخيرة: سنظل ننادي برجوع الأمن ولن يعود الأمن إلا بالردع.. سنظل حتى نموت.. بكبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر!!