وصلتني رسالة من إحدي الأخوات مذيلة باسمها كاملاً وقد يكون اسمها وقد لا يكون.. قالت إننا نتدخل فيما لا يعنينا ونتسربل بثياب الواعظين، دون أن يكون لنا وجه حق.. ونحارب الشباب لأننا نعاني من عقد نفسية.. ووصفت حفل عرض الأزياء الذي داهمته السلطات مؤخراً بأنه من أرقى أنواع الفنون ومن واجب الدولة والمجتمع أن يشجعاه لا أن يحارباه.. وأن ارتداء الفتيات للموضة هو تحضر ورقي ووجه حسن للسودان.. وأن أمثالنا لا يريدون للبلد أن تتطور، ونزيدها تخلفاً على تخلف.. والكثير من (الخطرفات) التي تدعو للشفقة والرثاء على حالها وحال الكثيرين من شبابنا، وبالأخص شاباتنا.. فهذه مثال للكثيرات بذات الفهم الناقص، ومن يحسبن أن الحضارة في عرض المفاتن للرجال في الشوارع وغيرها.. والحضارة جعل الوجه أشبه بورقة عبثت بها ألوان طفل في الروضة.. يردن أن يسرن (على حل شعرهن) يفعلن ما يردن.. دون أن ينظرن لحلال أو حرام، أو تبعات أفعالهن وأثرها على المجتمع.. يردن أن نبارك لهن تبرجهن، وللشباب تشبههم بالنساء.. يردن أن نصبح (ديوثين)، لا نسمع لا نرى، لا نتكلم.. وكما يقول المثل: (يجدنها عند الغافل).. فنحن لسنا أوصياء على أحد ولا نرتدي عباءات العلماء والوعاظ.. ولكنه دورنا نحو ديننا وأهلنا ومجتمعنا.. أن نذكر الناس، وأن نكون لهم المرآة التي يرون من خلالها حقيقة الأشياء.. مثل ماهم مرآتنا التي نرى فيها أثر ما نكتب.. يوجهوننا ويصوبوننا . إن التبرج سادتي ليس ممارسات فردية.. كلنا يعلم عواقبه الوخيمة، وما فيه من المثالب، وقرنه بالكبائر.. وأسباب التبرج معروفة لدينا، من جهل بالدين، وضعف في الإيمان وحب الظهور مجاراة المجتمع. إن القضية قضية أمة.. لها أبعاد فكرية وثقافية، لأن التبرج ليس مجرد سلوك فردي.. وأظنكم تتفقون معنا أن هناك من يدعم هذا التبرج خاصة من بعض التجار، بدليل أن أسواقنا غرقى في الملابس الضيقة.. ملابس لا تصلح إلا في الغرف الضيقة.. ترتديها الزوجة لزوجها.. هي معروضة (على عينك يا تاجر)، دون رقيب من ضمير أو من الدولة، التي يجب أن تحارب ذلك.. ملابس نشاهدها في الشارع العام، تصف وتشف وتكشف حالنا المائل. أما الممارسات الشبابية التي ظهرت مؤخراً هي ليست صدفة، وهي تؤكد ما ذهبنا إليه، وتؤكد أن هناك من يدعم الفجور، ويروج له، ويدافع عنه، ويعمل على إفساد مجتمعنا المسلم المحافظ.. وحشوه عقول شبابه بالأفكار التي تدافع عنها صاحبة الرسالة.. الشابة المسكينة التي نرأف لحالها ونشفق عليها.. وأمثالها كُثر ممن لم يسمعن بالتوجيهات القرآنية، التي تمنع النساء من إبداء زينتهن إلا لبعولتهن.. فجعلن الشارع كله بعولتهن ينظر إلى محاسنهن.. فركاب الحافلة بعولتهن.. والمارة في الشوارع بعولتهن.. والزملاء في الجامعة بعولتهن.. يتبرجن ويتزين لهم.. هذا هو فهمهن.. وأفعالهن التي لا تحتاج لذي بصر أن يبصرها. هؤلاء هن فريسة داعمي الفساد.. بدءاً بالتجار الذين يستوردون هذه النوعية من الملابس.. وحتي أصحاب القنوات الفضائية التي تروج للفسق والفجور والمجون. إن صاحبة الرسالة مثال بسيط لحال بعض شبابنا.. الذي هو من مسئولية المجتمع والدولة.. ولولا أهمية الموضوع لما أبديت اهتماماً بالرسالة، ولا بصاحبتها التي نسأل الله لنا ولها ولشبابنا الهداية.. ولمجتمعنا الإحساس بالمسئولية.