رغم التغيرات التي طرأت على السودان خلال السنوات الماضية.. تغيرات سياسية واقتصادية أثقلت كاهل «السوداني» البسيط... إلاّ أنه مازال صامداً... يكابد العناء.. والفقر.. وارتفاع الأسعار.. وضيق ذات اليد.. ومازال يمد يده لفعل الخير.. ومازال يواصل الأرحام... ويواسي الجيران والمعارف.. ويلبي دعوات الأفراح.. ويجامل في الأتراح.... وتجده في كل كبيرة وصغيرة، وكما يقول أهلنا «في الحارة والباردة»... رغم بعد المسافات إلا أن السودان «بلدي».. كل جزء فيه هو أرضي.. وطني.. رغم المحن وقساوة الزمن.. إلا أن السودان وطني.. «محل ما أقبِّل.. أشرِّق أو أغرِّب.. السودان وطني»..!! شاءت الأقدار أن أذهب أمس إلى أرض المحنَّة الجزيرة... وهي المرة الأولى التي أزور فيها الجزيرة.. لم أتصور أنها بهذه الروعة والجمال... كنت أسمع عنها سمع.. «حكاوي».. أو «ونسه» الصورة التي كنت أتخيلها لا علاقة لها بالواقع الذي رأيته... لم أتخيل أنها بتلك الحنية... والطيبة.. والروعة.. مناخ جميل.. و طبيعة ساحرة.. تشعر وأنت داخل عليها بأنها تحضنك.. تفتح ذراعيها لك لتأخذك روعة اللقاء... يروادك شعور أن لا تترك حضنها الدافيء... أهلها تكسو وجوههم النيِّرة الطيبة وسماحة اللقيا... البشاشة والبساطة..مازال الكرم الحاتمي هناك فالكل يتسابق لاستقبالك، الكل يحاول أن يقدِّم لك العون.. أيضاً نسيم الجروف.. الطين... الخضرة تشعرك بالطمأنينة.. رغم أن بعض الناس يتخوفون من طريق مدني لكثرة «حوادثه».. لم يراودني ذلك الإحساس حيث كنت مبسوطة في تلك الرحلة.. كنت أمتع ناظري بتلك المشاهد الرائعة.. مدني يافتية.. مدني ياحنية.. مدني الأصالة.. وذلك رغم أنني لم أمكث فيها غير ساعات.. وذلك لذهابي في مناسبة «ابن خالي».. إلا أنني استطعت أن أقرأها تماماً وأن أشاهدها تماماً.. شكراً أهلي في أرض المحنة لا تتركوا ظروف البلد تؤثر على تلك الطيبة والكرم.. اللهم أعد مشروع الجزيرة سيرته الأولى.. واجعله لهم خيراً وبركة وازدهاراً.. اللهم آمين.