نشرت جريدة آخر لحظة الغراء في صدر صفحتها الأولى وفي مكان بارز في أعلى الصفحة في عددها الصادر في السادس والعشرين من يوليو 2011م، أن وزارة الأوقاف والتوجيه بالخرطوم تطالب بإيقاف برنامج (أغاني وأغاني) ومنع بثه في رمضان، وفي تفصيل لهذا الخبر أوردت الصحيفة أن الأمين العام لمجلس الدعوة بوزارة التوجيه والأوقاف بولاية الخرطوم صلاح عوض محمد ادريس طالب بإيقاف برنامج أغاني وأغاني في شهر رمضان.. مشيراً الى أن توقيت بث البرنامج غير مناسب لأنه بعد الإفطار مباشرة، وأن الوقت تعقبه صلاة التراويح.. وهذا ينتهي الجزء الذي نحن بصدده في هذا المقال، فمأخذ السيد الأمين العام على البرنامج أنه يبث بعد الإفطار، وفي تقديره أن الوقت غير مناسب، بينما نرى أن وقته مناسب، لأنه يبث بعد الإفطار اي بعد صلاة المغرب وينتهي بثه قبل أذان العشاء، وبعد صلاة العشاء تأتي صلاة التراويح، وهذه دعوة في تقديري من سيادته لتغيير موعد بث البرنامج فقط وليس إيقافه، كما هو واضح في حيثيات هذا الخبر، ما لم تكن الصحيفة قد حجبت عن النشر ما ورد في حديث السيد الأمين العام عن إيقاف البرنامج أو أي مآخذ أخرى. إن الصلاة لا تجدي مع الأخلاق الفاسدة التي يمنعها الإسلام، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقال عنه سبحانه وتعالى (وانك لعلى خلق عظيم) صدق الله العظيم.. وقالت عنه السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما وهي زوجته صلى الله عليه وسلم، إن خلقه كان القرآن وكان لقبه (الأمين)، ولقب آخر (الصادق)، فصاحب الأخلاق التي تبيع الدولار الأمريكي في السوق السوداء هي أخلاق منافية للإسلام، وخاصة عندما يكون البيع لحجاج بيت الله الحرام، ومن مؤسسة مسؤولة مسئولية مباشرة عنهم، ومن مهامها أن تسهل لهم اجراءات السفر وتوفر لهم العملات دولاراً أو ريالاً سعودياً بأيسر ما يكون، وبأرخص ثمن لا أن يحدث العكس.. وتأمر النفس بالسوء في موسم الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام ومرة في العام، فمثل هذه الأخلاق هي التي نريد إيقافها، والدعوة تعلو لتطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد، فكيف الحال مع من تسول لهم نفوسهم ارتكاب هذه الكبيرة بل هي عندي من أكبر الكبائر، لأنها مست ضيوف الرحمن، ومن ناحية أخرى فإن المال الذي حاز عليه هو مال حرام، فقد أخذه من أصحابه بغير وجه حق ودون علمهم وبدون رضائهم. نشهد في كل عام وعندما يطل علينا شهر رمضان المبارك برنامجاً ظل يلازم هذا الشهر لسنين خلت، وهو برنامج اختفاء سلعة السكر، فإذا جاء شهر رمضان في شهر ديسمبر كانت هنالك أزمة سكر، وجاء في شهر نوفمبر مع أزمة سكر، وجاء في شهر نوفمبر مع أزمة سكر، وجاء في شهر أكتوبر مع أزمة سكر، وجاء في شهر سبتمبر وأزمة سكر، وفي شهر أغسطس 2011 وأزمة سكر.. فهل من الممكن أن ينعدم السكر لأسباب موضوعية كلما أقبل شهر رمضان، ويتوفر في بقية الشهور؟ إن هذه الأزمة في سلعة السكر ناتجة عن أزمة في الأخلاق، وبدلاً عن توفيره للمسلمين لحاجتهم اليه في هذا الشهر الكريم، يتم تخزينه من أجل بيعه بسعر أعلى، فقد سمعنا وزير المالية يقول إن سعر جوال السكر هو مائة وسبعة وأربعين جنيهاً، بينما يباع بمبلغ يقارب المائتين من الجنيهات.. هذا الى جانب سلع أخرى يحتاج اليها المسلم أكثر في شهر رمضان الكريم، كاللحوم، والزيوت، والبصل، والخضروات، وأنواع مكونات السلطة، ومن هنا نلحظ أن الحاجة ماسة الى إيقاف مثل هذه الممارسات في بلاد تتجه حضارياً، وشهر رمضان أفضل شهور السنة، ففيه أنزل القرآن ليهدي الناس الى الرشاد ويخرجهم من الظلمات الى النور، وفيه من الأكرم تخفيض الأسعار وتوفير السلع رحمة ورأفة بالصائمين والقائمين والركع السجود، والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً. هذا وقد أوردت الصحف خلال الأسبوع الماضي أن أدوية منتهية الصلاحية منذ عام 2010م قد دخلت البلاد، ووصلت الى هيئة الامدادات الطبية ودخلت مخازنها، ونزلت الى الصيدليات، بعد أن تم تغيير ديباجة الصلاحية، لتقرأ أن الصلاحية حتى عام 2014م.. أي أن صلاحية الدواء تم تمديدها لأربع سنوات أخرى، والتهنئة لأجهزة الرقابة التي وضعت يدها على هذه الأدوية، والسؤال هو كيف وصلت هذه الأدوية الى العاصمة الخرطوم، سواء من الميناء البحري أو الميناء الجوي.. ومن يا ترى استوردها؟ وكيف سمحت له أخلاقه أن يقوم بهذه الفعلة النكراء، فهذه أدوية تعرض حياة المرضى لمزيد من الخطر، وقد تودي ببعضهم الى الوفاة، بدلاً عن إنقاذهم، والمستورد يعلم أن من قتل نفساً كمن قتل الناس جميعاً، ومن أحيا نفساً كمن أحيا الناس جميعاً وهذا قوله تبارك وتعالى الذي كرم الإنسان وفضله على كثير من مخلوقاته، ومثل هذه الممارسات هي التي من الأجدى أن تقوم هيئة الأوقاف والتوجيه بالمطالبة بانزال أقصى العقوبات على الذين يرتكبونها، لأنها تنافي الأخلاق الإسلامية وتعاليم الدين الحنيف، وتكثف من ارشاداتها للمسلمين حسب الشق الثاني من اسم الهيئة (التوجيه). وسفينة تقف بحجاج بيت الله الحرام في عرض البحر المالح لأنها لم تكن صالحة للابحار، فمن الذي منحها تصريح الإبحار، وعلى ظهرها ما يقارب الألف حاج، ومن هو صاحبها الذي لم يصنها، ويطلب منها مالاً سواء وصل ركابها الى وجهتهم أم لم يصلوا، وقد قبض منهم ما قبض من مال، فما هو التوجيه في مثل هذه الحالات؟. أذكر يوماً وأنا أشاهد منافسات رياضية للأولمبياد على شاشة التلفزيون منقولة من العاصمة البرتغالية لشبونة، كلما جاء مشهد لاعبات في الجري أوالسباحة أو منشط القفز العالي تأتي إدارة التلفزيون باعلان عن بنك الخرطوم، وتغطي خريطة السودان كل الشاشة والكتابة تحجب الرؤية (شيخ البنوك السودانية)، فهل من المعقول أن أنظر الى لاعبة رياضية وأنا في مكان قصي في السودان نظرة جنس وهي في برشلونة، المكان والزمان والمناسبة لا تسمح بذلك إطلاقاً، ومن جهة أخرى تابع كل العالم تلك المنافسات بما فيها دول عربية وإسلامية إلا انسان السودان لم يشاهد منافسات السيدات، بينما ينقل التلفزيون منافسات الرجال بصدورهم وأفخاذهم العارية فهل أصاب نساء السودان العمى؟ أم أنهن لا يتابعن؟. في جريدة الوطن الصادرة في الخامس والعشرين من يوليو 2011 قال السيد وزير المالية على محمود في حوار أجرته معه الصحيفة إن وزيراً سابقاً في حكومة الإنقاذ سافر الى دولة أوربية بمفرده على طائرة ايربص تتبع للخطوط الجوية السودانية، وهي تسع ثلاثمائة وخمسين راكباً، وذلك بغرض العلاج، فلماذا لم يتم التحقيق معه وتقوم الدنيا لعلاج ابنه في واشنطن بمبلغ اثنين وثلاثين الف دولار فقط، ويبدو أن الوزير المريض سافر على الطائرة الكبيرة على حساب الخزينة العامة، ولهذا ضرب به السيد وزير المالية المثل واستشهد به، فلو سافر على حسابه مستأجراً الطائرة لما ذكره السيد علي محمود، إنها أفعال المترفين ونعوذ بالله العظيم من أفعالهم. إن جهاز التلفزيون للثقافة والترفيه والرياضة والدين توجيهاً وارشاداً، وفي توزيع برامجه، لابد من ساعة للرب وساعة للقلب، لأن القلوب تمل وتكل، وهذا زمان لا حجر فيه على أجهزة الإعلام، فالقنوات صارت عديدة ومثلها عبر الهواتف النقالة.