عبد المسيح إسطفانوس: كتب الدكتور القس عبد المسيح كتاباً عنوانه المسيحية والمسيحيون واللغة العربية فى القرون الأولى حتى سنة 600م، وجيد جداً أن يحدد الباحث مدة الدراسة حتى سنة 600م، ولكن نحن نفهم أن الإسلام لم يقض على المسيحية، نعم لقد انتشر الإسلام، ولكن انتشاره لم يلغ المسيحية والتي هي باقية حتى الآن لدى عدد مقدر من مواطنى البلاد العربية، بل إن الثقافة المسيحية لم تزل فى كيان الذين قبلوا الأسلام، وفى عاداتهم وطقوس حياتهم رواسب ذات أدلة وشواهد، والكتاب صفحاته ثلاثة وتسعون ولكنها مختصر مفيدة فى علاقة المسيحية ومكانتها فى البلاد العربية، وهنا أذكر أن الأقباط وقد أمروا أن لا يتكلموا بلغتهم القبطية فى الدواوين الحكومية، ورغم أن العربية ليست لغتهم، لكنهم أبدعوا فيها، وكان من بينهم من هو فى قوة سيبويه في قواعد اللغة العربية، بل إنهم أيضاً تفوقوا فى الخط العربي، وكتبوا آيات الكتاب المقدس بالخط الكوفي، وكان الأستاذ رفعت حكيم قد وضع آية الله محبة بالخط الكوفي في صدر دعوات إفطار رمضان التي يشرفها رئيس الجمهورية. ويعترض القس عبد المسيح على الذين يربطون بين المسيحية ولغات غير عربية، وكأن اللغة العربية غريبة عن المسيحية والمسيحيين، وهى ليست كذلك، فاللغة العربية حظيت بإهتمام المسيحيين العرب الذين كان لهم دور كبير فى تطوير اللغة العربية وتحسينها لأغراض أدبية ودينية قبل ظهور الإسلام، وأن الدراسة المدققة تؤكد إن الخط العربي بصفة خاصة نشأ أيضاً وتطور في أحضان المسيحية والمسيحيين، ونقول أنه وحتى الآن قد احتفظ المسيحيون به، وظلوا أوفياء للغة العربية، واستمر هذا حتى الآن، وهنا أذكر أن الشيخ عدلي منسي شيخ الكنيسة الإنجيلية كانوا يقولون عنه إنه ملك الإعراب، وأن القمص تاوضروس المحَّرقي كاهن كنيسة الشهيدين كان ضليعاً فى اللغة العربية، وكنت استعين به فى حل مشكلة التشكيل، وكان المواطن السوداني القبطي رئيس الكنيسة القبطية نيافة الأنبا دانيال يملك موهبة الكلام شعراً ونثراً، وكنت أجلس إليه لمراجعة كلمة العيد فى التليفزيون السوداني، وكان يقظاً جداً لقوة اللغة العربية، وكان لا يخفى ألمه عندما يسمع خطيباً يلحن أو يخطىء فى اللغة العربية، ولا مانع عنده من أن يوقف الخطيب ويطلب منه أن يتكلم العربية صحيحاً حتى لا تنتحر اللغة العربية على فمه كما قال طه حسين. ويؤكد القس إسطفانوس أنه كانت توجد ترجمة باللغة العربية للكتاب المقدس، وكانت هذه الترجمة أساساً عندما طبع الكتاب المقدس باللغة العربية، تحت إشراف أساتذة مسيحيين عرب متفوقون، منهم المعلم البستاني، وناصيف اليازجي، حيث جاءت أول طبعة عربية 23 أغسطس1864م، بينما أنجز فهرس الكتاب المقدس للعلامة جورج يوست فى عام 1875م، كما يشرح المؤلف عبد المسيح أن التراث العربي المسيحي غني جداً ويشتمل على إسماء لامعة وهو يطالب أن يكون كتابه هذا توضيحاً للمفاهيم، وضوءاً على الحقائق، وحافزاً للكنائس قادة وشعباً للإهتمام باللغة العربية كتابة وإلتزاماً بقواعد اللغة، ويشير إلى المخطوطات من بينها ما كشف في نجع حمادي، إبراز أهمية هذه الدراسة. اللغة العربية: واللغة العربية فى قلب المسيحيين منذ بدء المسيحية وحتى الآن، وإذا كانت كلمة عرب كلمة سامية تعني سكان البادية، أو البادية لأن العرب سكنوا الصحراء، والكتاب المقدس يقدم إشارات عن العرب في العهد القديم مثلما جاء في أشعياء وأرميا وحزقيال . 1. ففي أشعياء يتحدث عن خراب بابل ويقول عنها: لاَ تُعْمَرُ إِلَى \لأَبَدِ وَلاَ تُسْكَنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ وَلاَ يُخَيِّمُ هُنَاكَ أَعْرَابِيٌّ وَلاَ يُرْبِضُ هُنَاكَ رُعَاةٌ.(أشعياء13 :20) والإشارة هنا واضحة أن العرب هم سكان الخيام. 2. وفى أرميا يقول عن غياب أورشليم عن عبادة الله انها: فِي \لطُّرُقَاتِ جَلَسْتِ لَهُمْ كَأَعْرَابِيٍّ فِي \لْبَرِّيَّةِ (أرميا3 :2) فى إشارة إلى أن العرب هم أهل البرية، وأنهم يجلسوا خارج خيامهم. 3. أما حزقيال فيذكر العرب تجاراً: اَلْعَرَبُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ قِيدَارَ هُمْ تُجَّارُ يَدِكِحُرَّانُ وَكِنَّةُ وَعَدَنُ تُجَّارُ شَبَا وَأَشُّورَ وَكِلْمَدَ تُجَّارُكِ. هَؤُلاَءِ تُجَّارُكِ بِنَفَائِسَ بِأَرْدِيَةٍ أَسْمَانْجُونِيَّةٍ وَمُطَرَّزَةٍ(حزقيال27 : 21 24) .أما في العهد الجديد فقد ذكر العرب مع المجتمعين في حلول الروح القدس سنة 34م، بل هناك من يقول إن السيد المسيح نفسه ذهب إلى منطقة صور وصيداء، ويذكر هذا متى البشير(21:15) ويعتبر هذا أول أتصال مسيحى بالمنطقة المعروفة بالعربية وبخاصة منطقة قيصرية فيلبس (متى13:16)، وهى مدينة تقع على مسافة حوالي أربعين كيلو متراً شمال شرق بحيرة طبرية، وكان غالبية شعبها غير يهود، وقيصرية هذه هي بانياس وتحمل اسمها حتى الآن، وكانت ذات علاقة بالعرب منذ البداية.