أقبل إلينا شهر رمضان الكريم بفضله ويمنه، وهلّ علينا بنعمائه التي لا تعد ولا تحصي، وكلٌ منا يمني نفسه بالتوبة والغفران من الله عز وجل في هذا الشهر العظيم ، قال سبحانه وتعالي في الآيات من 183 إلى 184 من سورة البقرة:«يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون ü أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو علي سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون» .. وهذه الآيات والآيات التي تليها ، تتحدث كلها عن هذا الشهر العظيم وفضله المبين علي جميع المسلمين بشتي ألوانهم ومذاهبهم، لأنه الشهر الوحيد الذي يجمعهم في بوتقة واحدة، ويجعلهم ينظرون إلى هدف واحد هو إرضاء الله سبحانه وتعالي، وتكفير ذنوبهم، قال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي«كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي عليه». لذلك كان على الحكومات المسلمة أن تجتهد كثيراً حتى يؤدي جميع الذين تحت رعايتها من المسلمين هذا الشهر بطريقة ترضي الله ورسوله وتضمن للمسلمين بها جميعاً الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث فيما معناه: من أفطر صائماً حرم جسده على النار يوم القيامة. فما بالك أخي المسلم على من أفطر مجموعة من الصائمين، وكم هي مجموعة موائد الرحمن التي تزدان بها بعض الأماكن في شتى أنحاء العالم، والتي تساعد الصائمين المسلمين القادرين كثيراً في تلبية نداء الله سبحانه وتعالى، والتقرب إليه، ثم السؤال الذي يلي ذلك ماذا لو لم تتمكن من الإفطار أنت وعائلتك نتيجة لإهمال من الذي يرعاك في هذا الشهر العظيم. أخي المواطن، إن الزيادات الكثيرة في السلع المهمة المنتشرة في الأسواق، والتي تعشعش بيننا اليوم ليست مبررة، كما أن أبجديات الصيام للدولة المسلمة غير موجودة في سوداننا الحبيب، الذي يتبجح أهله بأنه قد صار أكثر من 96% من سكانه مسلمين بعد الانفصال، ولكن ما أحلى الوحدة إذا كان إسلامنا هكذا، دون فعل، فالدولة التي يكون سكانها أغلبهم مسلمين عليها الاستعداد التام والكامل لهذا الشهر العظيم، وتوفير كل احتياجات شهر رمضان من الألف إلى الياء.. وبالطبع هذه مسؤولية الدولة، وليست مسؤولية أي دولة أخرى، أو فرد آخر.. ما هذه الفوضي أيها الإخوة، ولماذا يطالب نواب مجلس تشريعي الخرطوم بتشكيل لجنة تقصي حقائق حول الأسباب التي أدت إلى اختفاء سلعة السكر؟ ولماذا تختفي سلعة السكر في الأصل إذا كانت من بين السلع الضرورية للمواطن في هذا الشهر العظيم ؟ إن الدكتور محمد يوسف وزير المالية بالخرطوم يحمل في جعبته الكثير لمعالجة أزمة ندرة السكر، وقد بادر بذلك، فهلا تركتم له العنان في ذلك لأن يقول ما عنده، وقد تقدم باقتراح بتحويل حصة سلعة السكر من وزارة الصناعة إلى حكومة الولاية لتوزيعها عبر المحليات ومراكز التوزيع حسب الأسعار المحددة؟ أي بعد أن تملأ الجهات ذات الاختصاص جيوبها وقد قال السيد حاج الطيب الطاهر الأمين العام للغرفة التجارية بولاية الخرطوم، إن الجهات ذات الصلة فشلت في توزيع السكر وتوصيله إلى المواطن مباشرة، الأمر الذي أدى إلى بلبلة في الأسواق، ورفع قيمة جوال السكر ألى ما لا تحمد عقباه ، كما تحدث في ذلك الكثير والكثير من المسؤولين منبهين بما فعلته الجهات ذات الصلة في سلعة السكر، وربما السلع الأخرى ، ومن هنا أيها الأخ ، يجب تقديم الجهات ذات الصلة إلى المحاكمة العادلة اليوم وليس غداً لتنال جزاءها الكامل، قبل أن يقع الفاس في الرأس، ويجب وبكل أمانة أن يقف المسؤولون على ذلك بكل قوة، لأن كيلو السكر صار اليوم بأربعة جنيهات، أما جوال السكر إذا وجد ولم يكن جوال جير، فقد صار بأكثر من مبلغ 180 جنيهاً ، وبطريقة حسابية بسيطة نجد أن هنالك مليارات من الجنيهات قد ذهبت إلى الجهات ذات الصلة، لا عفا الله عنها الي يوم الدين ، وصدقني أخي المواطن إذا لم يحاكم هؤلاء اليوم بعد الذي قيل عنهم من أقرب الأقربين، فسوف يقفون غداً ليحاكمهم الشعب الذي لم ولن ينسي ذلك. نحن لا نريد محاكمة الفساد الذي يتفشى فينا وقد يصعب ضبطه، ولكننا نريد محاكمة ذلك الفساد الذي يتحرك بيننا، ويحرمنا من رزقنا ورزق أبنائنا، وأحفادنا ومن والاهم ، لذلك يجب تكوين محكمة سريعة لمحاكمة مجرمي الفساد في شهر رمضان قبل انتهاء شهر رمضان..؟ لقد عجز جميع الفقراء ومستوري الحال من تلبية احتياجات رمضان ، وليس السكر وحده هو الذي عجزوا عنه، بل هنالك حركة مرتبة جعلت السلع كلها تزداد قبل شهر رمضان الكريم لتصل إلى ذروتها بحلول هذا الشهر الكريم ، الذي لا أرى فيه أي كرم بالسودان، فقد ازدادت الأسعار في الزيت والبصل والدقيق والبهارات وخاصة التوم، أما الخضروات ومنها الطماطم التي كان يأكلها الجوعان والحيران بالكسرة والدكوة فقد وصل سعرها إلى أكثر من 17 جنيه للكيلو الواحد، وازدادت كذلك الفواكه فقد لاحظت في الدعوات التي قدمت لي في رمضان بأن مشروب المانجو والبرتقال التقيل وبعض الفواكه صار لايقدم في الموائد الرمضانية نسبة لغلائه، وهذا بالطبع أمر جيد ليته يطبق على بقية المشروبات والخضروات واللحوم، ونكتفي بالعصيدة والبليلة والتمر. أخي العزيز، لقد قامت الحكومة بدعم الأسر الفقيرة بكل ما تملك من مال وأعمال كما يقولون، ولكنها نسيت، أو تناست بأنه لو تدخلت لضبط الأسعار في هذا الشهر العظيم لكان أولي و أنبل لها.. ورمضان كريم.