الشباب في أي أمة هم قوتها وأملها، والأمة تريد من الشباب أن يكونوا سنداً لها وثروتها، وتعلّق عليهم الآمال العراض سواءً على مستوى الأهل والأسرة أو على مستوى الوطن والأمة، نظراً لما يملكونه من إمكانات وطاقات هائلة، وتُقاس الأمم المتقدمة بحجم شبابها وقدرتهم على العطاء والبناء، هذا وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر شريحة في المجتمع السوداني هي شريحة الشباب، وهذا يعد بحد ذاته مكسباً لو أحسنّا استغلاله، لأن بناء هؤلاء الشباب كما يجب، يجعلهم قوة جبارة لو وجّهناها الوجهة الصحيحة، لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، باعتبارهم عنصراً أساسياً في العملية التنموية، إذ من خلالهم يمكن رؤية المستقبل، لذا فإن رعايتهم وتنميتهم تعد عملية على درجة عالية من الأهمية على المدى القريب والبعيد، يكون عائدها على شكل خبرات بشرية تمثل الثروة الحقيقية التي ننشدها لتحقيق تنمية وطنية شاملة ومستدامة، حيث أن مجتمعنا بالرغم من تمتعه بالامكانات المالية والثروات الطبيعية، إلا إنه يواجه كغيره من المجتمعات تحديات أمنية في بيئته وفي مخزونه المائي والغذائي،وفي تعرضه لتأثيرات العولمة والتطور التكنولوجي، وبخاصة في مجال المعلومات والتحديات الصحية الماثلة،وانتشار السلوكيات الضارة، فإن ذلك يجعل من عملية رعاية الشباب وتنميتهم واجباً وطنياً، وضرورة ملحة تفرضها مصلحتهم ومصلحة الوطن ونمائه. هل نحن سعينا لإصلاح الشباب وتلبية احتياجاته ورغباته وحل مشاكله وتفهّم معاناته؟. الإجابة بالطبع لا، لأن المهمة صعبة وتتطلب تبني استراتيجية وطنية تشارك فيها كافة الجهات وخاصة المعنية بالشباب، كوزارة الشباب ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، والمهتمين بهذه القضية، لأنه بات من الواضح أن هناك عوامل بعينها كانت سبباً في تدني مستويات الشباب، وأن ثمة استهداف وعمليات منظمة للتأثير والتشويش عليهم معنوياً ونفسياً واجتماعياً ومادياً، فإذن لابد من التشمير والجدية والتنسيق مع المؤسسات التي يقع العبء الأكبر عاتقها، كمؤسسات تربوية من مدارس وجامعات وأندية ومعاهد، فهي مسؤولة أكثر من غيرها عن تربية الشباب، وشحذ هممهم، وتصويب وجهتهم، من خلال المنهج الصحيح وتنمية مواهبهم وقدراتهم وإعدادهم للعمل، وغني عن القول إن إنشاء مؤسسات خاصة لرعاية الشباب، وحل مشاكلهم، لنعدّ جيلاً يحترم العلم والعمل، هي من الضرورات لمجابهة المتطلبات الاجتماعية والاحتياجات الثقافية ومتطلبات التنمية. والشئ الملاحظ في الدول العربية قاطبة، أنها تنشئ هذه المؤسسات لرعاية الشباب والرياضة معاً، الأمر الذي شغل الشباب بالرياضة(أعلاماً وسلوكاً وتشيجعاً) أكثر مما يشغلهم بالأمة وقضاياها ومستقبلها، وصورنا وكأن الرياضة كل شئ في حياة الشاب وأهملنا الشابات، ولهذا حري بنا التوجه لتطبيق استراتيجية واضحة المعالم وشاملة للشباب من الجنسين، تؤكد على الجوانب الكمية والنوعية معاً، في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتقنية والعلمية المتلاحقة والسريعة التي يواجهها المجتمع السوداني كغيره من المجتمعات، تشمل حتي مناطق السكن العشوائي، وتأهيل برامج الحد من الفقر والاهتمام بحماية الطفل والأسرة، والارتقاء بالأداء النوعي للتعليم وتطوير النظام التربوي. نحن نرغب أن نرى سياسة وطنية تنطلق منها الاستراتيجية الوطنية للشباب، تضمن وضع قضايا الشباب على سلم أولوياتها عبر رؤية، الهدف منها تنشئة وتنمية شباب واعٍ لذاته وقدراته، منتم لوطنه ومشارك في تنميته وتطوره، مشاركة حقيقية وفاعلة، بوعي وثقة واقتدار ضمن بيئة داعمة وآمنة، وبناء قدراتهم للمساهمة بشكل أكثر فعالية في عمليات اتخاد القرار في البيت والمدرسه والكلية والجامعة والعمل، والمجتمع المحلي. نعم سياسة وطنية مستمدة من الشريعة الإسلامية التي كفلت كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية وحريته، وحرمت العدوان على ماله ودمه ومنحت المرأة كامل أهليتها في جميع حقوقها. رُوي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- عندما قال لأصحابه ذات يوم تَمَنُّوا. فقال رجل: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً، أنفقه في سبيل الله عز وجل. فقال: تمنوا. فقال رجل: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله- عز وجل- وأتصدق به، ثم قال: تمنّوْا. قالوا: ما ندري ما نقول. قال عمر: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة؛ أرمي بهم أكتاف عدوِّهم في سبيل الله.