مدينة شبشة الواقعة بشمال النيل الأبيض والتي تبعد حوالي 17 كلم شمال الدويم، تعتبر رائدة في مجال العمل العام نسبة لهمة ونشاط إنسانها وإحساسه بالظلم المتعمد من قبل حكومة بحر أبيض.. وبعض مناطق شمال الولاية مازالت تعيش في العصورية الحجرية، وهذه ليست مبالغة بل حقيقة إذ إن هناك مناطق ليست بها مياه أو كهرباء أومرافق صحية أومدارس أو غيرها من أبسط مقومات الحياة.. وفي النكتة أن الرئيس البشير مرّ بواحدة من هذه المناطق فوجد رجلاً طاعنا في السن ومعه زوجته، فاقترب منهما وقال لهما.. هل تعرفاني؟ قالا.. لا..لا نعرفك.. فقال لهما أنا رئيس السودان.. فما كان منهما إلا أن قالا له .. (مش إنت أزهري)؟!! هذا مايحدث بالضبط في بعض قرى وفرقان بحر أبيض، حيث الناس لاتزال في القرن التاسع عشر ومنقطعة عن العالم، ومايحدث فيه وفي ظل هذا الوضع المتأزم وعدم اللامبالاة من حكومة الولاية كان لابد من تكوين أجسام نقابية تقوم بمعالجة إخفاقات الحكومة، ويعتبر جيل (الطيب الشفيع) و (حاج أحمد الشيخ النور) و(عبدالباقي عبدالرحيم) وباقي العقد الفريد من أوائل الذين قادوا العمل العام بشبشة.. وأول مدرسة أُسست بها كانت في العام 1955م وبمجهود شعبي، وهي مدرسة عبدالله بن أبي رواحة وذلك قبل أن يدخل التعليم لكثير من مدن السودان، وفي ذلك الحين كان المجتمع ينظر للتعليم على أنه نوع من الإنحلال.. وبعدها شُيدت عدد من المدارس لمرحلتي الأساس والمتوسط، وبدأ التعليم في التوسع رأسياً وأفقياً ومعظم أبناء المناطق الواقعة شمال النيل الأبيض يتلقون تعليمهم بشبشة وإلى الآن، لأنها منارة تضئ الطريق لكل طالب علم، ثم قام عدد من أبناء شبشة بإنشاء مستشفي ريفي في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وبعدها تطور إلى أن أصبح من أكثر مستشفيات الولاية تأهيلاً بعد الدعم الكبير الذي قدمته الحكومة المركزية والبالغ 450 ألف جنيه.. وبعد لجنة الطيب الشفيع ورفاقه لم يكن هناك نشاط يذكر إلى أن جاءت (لجنة شبشة للتنمية والإعمار)، والتي يقودها نفر كريم من أبناء المنطقة يتقدمهم.. النور عبدالحميد.. برير المدني.. عدلان عبدالله.. الأمين برير.. الطيب عبدالله وآخرين وهي لجنة خدمية في المقام الأول ولاعلاقة لها بأمر السياسة وليس بينهم رئيس ومرؤوس.. فالكل سواسية طالما أن الأمر يتعلق بالمواطن.. وقد نفذت اللجنة عدداً كبيراً من المشروعات التنموية التي تصب في مصلحة مواطن المنطقة، وكانت الإنطلاقة بالمدارس، حيث شهدت تنمية عمرانية لم تشهدها منذ الإستقلال.. وبعد المدارس ستتجه للعمل على إصلاح الطرق الداخلية والمساجد والخلاوي ودور العبادة، ثم إصلاح المرافق الصحية وتأهيل الأندية الرياضية والثقافية وغيرها وكان لمنظمة (بلان سودان) القدح المعلّي في استمرار أنشطة اللجنة وبحسب جملة المشروعات التي تم تنفيذها فإن ماقدمته هذه المنظمة يزيد عن (السبعمائة ألف جنيه)- سبعمائة مليون بالقديم- وهذا الدعم الكبير لم تقدمه كل الحكومات المتعاقبة على الولاية وفي مختلف الأزمنة وهنا حري بنا الإشادة بالأستاذة (سهام صالح).. مسؤولة المنظمة بالدويم والأستاذة (إلهام قطان) المشرفة على مكتب المتابعة بشبشة.. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة تم تكوينها بعد صرخة أطلقتها مدرسة الخنساء للأساس بعد أن كانت فصولها قد قاربت على السقوط، ولم يكن هناك جسم نقابي بشبشة فما كان من أولئك النفر الكريم إلا أن (ربطوا الأحزمة) ولم يطرقوا باب أحدهم إلا وهبّ إلى نجدة الخنساء، وصغيراتها اللائي كنّ يتلقين الدروس تحت الشمس الحارقة والبرد القارس في الشتاء، حيث لا تقوى أجسادهن النحيلة على تحمل ذلك الوضع المأساوي، وكانت النتيجة أن تمت تسوية الخنساء أرضاً ثم إعادة تأهيلها من جديد وهي الآن (تغنّي وترقُص!!) طرباً ونشوةً للتطور الكبير الذي شهدته، والفضل يعود للجنة التنمية والإعمار هذه وبدعم سخي من منظمة بلان سودان تلك المنظمة التي مافتئت تقدم كل نفيس في سبيل راحة المواطن، ولم تكن لها أي أجندة أو أهداف (خلف الكواليس)، كما تفعل الكثير من المنظمات.. وحكومة الولاية لم تقدم أي دعم للجنة الإعمار سوى خمسة ملايين جنيه فقط قدمها الدكتور (صلاح فراج) معتمد الدويم وهو مبلغ مخجل مقارنة بالدعم الهائل من بلان ومعظم المشاريع التي ُنفذت مؤخراً بشبشة تقف وراءها هذه المنظمة الوطنية العملاقة ولجنة إعمار شبشة هي امتداد طبيعي للأجسام النقابية التي اشتهرت بها المنطقة منذ ماقبل الإستقلال، وهي بمثابة طوق نجاة من الظلم الواقع من قبل حكومة الشنبلي، وحسب المعلومات المتوفرة لدينا أن منطقة شبشة خارج خطة الولاية كلياً.. لا تنمية لا خدمات ولا يحزنون، والنغمة التي بات يرددها الشارع الشباشي هي.. (كنا نتعشم خيراً كثيراً في الشنبلي، لكنه خذلنا ولم يكن بالمستوى المطلوب والإنتخابات سوف تأتي)..!! وخيراً فعلت لجنة التنمية بشبشة التي قدمت ومازالت تقدم الكثير لإنسان المدينة، وبعد الجولة الميدانية التي قمنا بها على المرافق التي عملت اللجنة على تأهيلها.. ذُهلنا حقيقة.. إنهم رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه.. ونوصيهم بعدم الإلتفات لأصوات المخذلين الذين لايريدون تقدماً أو خيراً للمنطقة ولإنسانها المغلوب.. سيروا إلى الأمام لأن شبشة أحوج ماتكون لتكاتف أبنائها لأنكم أنتم الجدار الواقي من ظلم الحكومة وأتركوا (الآخرين) يتصارعوا كما يشاءون ..!! عبدالحميد..الأمين.. المدني.. الياس.. عدلان.. كما تساءل الروائي الراحل الطيب صالح عن رجال الإنقاذ وقال قولته الشهيرة.. (من أين أتى هؤلاء) نتساءل نحن معجبون.. من أين أتيتم أنتم؟ إنكم أناس من كوكب آخر إبتُعثتم لقضاء حوائج الناس.. حبب الخير فيكم وحببكم فيه..!! التحية لمنظمة بلان سودان ولربّانها (سهام وإلهام) لماقدمانه ويقدمانه لشبشة.. التحية للجنة الإعمار والتنمية التي ولدت بأسنانها- وللعلم تم إنشاؤها قبل عام واحد فقط- والشكر موصول لكل من قدم (مليماً) من أجل رفعة هذه المنطقة.. واللجنة تطمع في المزيد من الدعم