زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي «مليس زيناوي» إلى بلادنا، واستقبال السيد رئيس الجمهورية المشيرعمر حسن أحمد البشير له مساء أمس تحمل الكثير من المعاني والدلالات وتعبّر عن الكثير أيضاً من التطلعات والأمنيات بالنسبة للشعبين الشقيقين في كل من السودان وأثيوبيا. من المؤكد أن الوفد الأثيوبي الكبير الذي يزور بلادنا لمدة يومين، ويقوده رئيس الوزراء السيد «مليس زيناوي»، من المؤكد أنه يحمل في حقائبه العديد من الملفات الخاصة بالقضايا المشتركة بين «الخرطوم»و«أديس أبابا» إذ أن هناك قنوات تعاون وتبادل منافع مشتركة بين بلدينا في مجالات عديدة، منها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني حيث أن التداخل بين القبائل المشتركة وتشابك الحدود يفرض واقعاً اجتماعياً تتداخل فيه الأنشطة التجارية والزراعية والاقتصادية المختلفة، كما يفرض في ذات الوقت واقعاً آخر يتطلب نظرة أمنية دقيقة في ظل علاقات غير مستقرة على حال واحد بين عديد من دول المنطقة والإقليم. أصبحت بلادنا رئة اقتصادية لدولة أثيوبيا تتنفس منها هواء البحر استيراداً وتصديراً، كما أصبحت (ماكينة) لتشغيل الآلة الإنتاجية هناك بصادر النفط السوداني، وسوقاً للعمالة البشرية بينما أصبحت أثيوبيا سوقاً لبعض المنتجات السودانية التي تخرج عن الطريق الرسمي أن تقفز فوق الحدود وفوق قوانين التعامل الدولي، الأمر الذي يتطلب جلسة خاصة بين المختصين في البلدين لمعالجة كل ما يمكن أن يهدد اقتصاد الدولة الأخرى. هناك أيضاً ملفات المياه واتفاقية حوض النيل والتعديلات المقترحة عليها في جانب الحصص المخصصة لكل دولة من دول الحوض.. وهناك العلاقة المصرية الأثيوبية وما يجب أن تكون عليه، وهذا أمر لا يتم إلا على الأرض السودانية لعلاقة الخرطوم الخاصة والمتميزة مع كل من القاهرةوأديس أبابا. مثلما قلنا فإن حقائب الوفد الأثيوبي مثقلة بالملفات التي تقابلها ملفات عند الجانب السوداني، لكن الذي سيجري بين الرئيس عمر حسن أحمد البشير، و رئيس الوزراء الأثيوبي، سيكون قاصراً على مناقشة إحدى أهم القضايا المرتبطة بأمن المنطقة والإقليم، وتتم مناقشته - حسبما نتوقع - في دائرة ضيقة إهتمامها هو العمل الأمني ويتم التركيز على قضيتين أساسيتين أهمهما الوصول إلى حلول عاجلة في القضايا العالقة بين جمهورية السودان ودولة جنوب السودان، ولا يمكن أن نتوقع غير ذلك وقد اختتم رئيس دولة جنوب السودان السيد سلفاكير ميارديت زيارة للعاصمة الأثيوبية منذ ثلاثة أيام، ربما كانت هي الأساس الذي سرّع بزيارة رئيس الوزراء الأثيوبي للخرطوم. أما القضية الأساسية الثانية التي نتوقع أن تتم مناقشتها داخل تلك الدائرة الضيقة ستكون الوضع في الصومال ذلك البلد الذي يعاني من ويلات الحرب، وويلات الجفاف الذي أخذ يقضي على الأخضر واليابس وعلى الإنسان والحيوان والذي ستتنافس الكثير من القوى الخارجية على إيجاد أرضية لها هناك بدعاوى العمل الإنساني والمساعدة في مكافحة المجاعة. نجدد ترحيبنا بالسيد «مليس زيناوي» رئيس وزراء دولة أثيوبيا الشقيقة، ونتمنى أن يتوصل الجانبان السوداني والأثيوبي إلى اتفاقات ثنائية تعود فائدتها على كل المنطقة والإقليم.