تصف بعض الدوائر الرسمية ذات الاختصاص الأستاذة نعمات مالك ارملة القيادي الشيوعي الراحل عبد الخالق محجوب بالأكثر معارضة للحكومة وعداوة، في حدود امكاناتها بلا مبررات أو أسباب واضحة.. والسيدة نعمات عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي وعضو المكتب السياسي ومرشح الحزب في الدائرة «28»، وهي من أسرة بابكر بدري ولديها ولدان من الراحل عبد الخالق محجوب. تصف نعمات الوضع السياسي الراهن بالضبابية السياسية، وعدم وجود السياسة في الأصل، معتبرة النظام يقود البلاد الى هوة سحيقة خطوة بخطوة، وطالبت في الحوار الذي أجرته معها «آخر لحظة» بمنزلها بضاحية الرياضالخرطوم، بدولة علمانية وقالت للحكومة ووفقاً لما يجري في العالم العربي «بلو رأسكم».. وهذا نص الحوار:- كيف تنظرين للوضع السياسي الراهن؟ - هذه ليست سياسة لأن السياسة أفكار واضحة أساسها المواطن وراحته وحريته، لكن الموجودين الآن يتحدثون بلغة غريبة بعيدة تمام البعد عن السياسة التي نعرفها مثل «ألحس كوعك» هذا حديث لم نسمع به من قبل. قصدت بالسؤال الأحداث السياسية المهمة مثل جنوب كردفان، وانفصال الجنوب، واتفاقية الدوحة؟ - إن الاتفاق عندما يستثنى بعض الأطراف بما فيها القوى السياسية والمجتمع المدني ليس بصحيح، ولن يكون له مردود مثل اتفاق نيفاشا، أي اتفاق ثنائي لا يشمل كل الأطراف لن تكون له فائدة، واطلعت على اتفاقية الدوحة وفي تقديري أن الحكومة وافقت عليها لورود بعض البنود التي «فاتت» عليها في ابوجا أرادت اكمالها بالدوحة. ماذا تقصدين بذلك؟ - تقسيم الأقاليم ورد في الدوحة واختيار الوالي وهذه سياسة «فرق تسد»، لكن عدم توقيع الرافضين جعل من الدوحة كنظيرتها فاشلة، لأن هؤلاء الرافضين لهم وزنهم في الميدان ويستطيعون ان يفعلوا الكثير، إذاً اتفاق الدوحة تذروه الريح، وفشله سيكون مدعاة لحمل المزيد من السلاح، كما حدث في ابوجا بخروج مناوي ثانية، لعدم جدية الحكومة في التنفيذ، وكل الاتفاقيات التي يوقع عليها المؤتمر الوطني توضع صياغتها للتحمل أكثر، ما تنازلوا عنه في ابوجا استردوه في الدوحة وأكثر. أستاذة نعمات تحديداً كيف تنظرين للأوضاع التي تتعلق بجنوب كردفان ودارفور؟ - ما يحدث الآن في جنوب كردفان ودارفور يؤكد أن المؤتمر الوطني يقصد التقسيم والتشتت، وهذه سياسة بدأها قديماً إلا أن أول نتائجها هو انفصال الجنوب. الأوضاع السياسية الراهنة بافرازاتها التاريخية وما ينتج عنها حتى في أوضاع الناس المعيشية هي نتاج لسياسة القوى السياسية مجتمعة، ما هو رأيك؟ - الضائقة المعيشية ازدادت وستزداد الى أن تصل الى الخرطوم، لكن ستضخم الى «مجاعة»، وكل ذلك على أثر الغلاء الذي يحدث الآن ويزداد يوماً بعد يوم، في تقديري أن السبب الأساسي فيه تشريد بعض الموظفين من وظائفهم، والبطالة وتغيير السلوك بالغش والكذب والخداع واللامبالاة، وهذا شئ ابتدعته الانقاذ. في تقديرك ما هي أبرز الأحداث السياسية طيلة الحقب الماضية؟ - الجريمة التي لا تغتفر وسيحاسبهم عليها التاريخ هي الانفصال، انفصل الجنوب في الوقت الذي تتوحد فيه كل دول العالم، للأسف بعض السياسيين الشماليين ذبحوا الذبائح في الشوارع ابتهاجاً بهذا الحدث، وبعض الشيوخ استباح دماء الناس، هذا ليس بدين بل استغلال للدين، لأن الجنوبيين اخواننا قبل كل شيء بغض النظر عن أبواب الساسة، لكن كما ذكرت سابقاً تغيير السلوك السوداني وهذا تتحمل مسؤوليته الإنقاذ، في الخليج سابقاً لا يوظفون إلا السودانيين لأمانتهم وتأهيلهم واخلاصهم في الوقت الذي كانت في الجامعات قليلة، لكن الآن ومع كثرة الجامعات إلا أن العامل الأكاديمي والثقافي ضعيف جداً، الحكومة كأفراد تستثمر البشر في تعليمه وصحته وقوته، في السابق كانت السلع مدعومة والتعليم مجاناً، الصحة كذلك كانت بقيمة بسيطة يستطيع الموظف توفير حاجة أهله منها، لكن الآن هذه حكومة الجبايات. فالباب يضرب في اليوم أكثر من 10 مرات ولاحظت أنه بكل الايصالات المالية يوجد جنيه لا يحسب، هذا يدعونا الى غياب دولة القانون، والمواطن لا يعرف حقوقه، واذكر في الأيام الماضية «جاءوا ناس البلدية وقاموا بتثبيت لافتة صغيرة على الباب عبارة عن حديدة صغيرة كتب عليها رقم المنزل وطالبونا ب «35» ج، وعندما ناقشتهم في تصرفهم بتثبيت اللافتة دون إذن صاحب المنزل وقيمتها توصلت الى معلومة أن هذا عمل شركة جديدة، هذه المنطقة قديمة جداً «الرياض» لماذا يخططون لهذا الآن بالتأكيد لفائدة بعض منهم، وهو صاحب الشركة التي قامت بذلك وقس على ذلك «اليدو في الموية ما زي اليدو في النار» هذا المثل السوداني يوضح المسافة بين المواطن والمسؤولين وقطوعات الكهرباء التي تحدث في هذه الأيام تعد مشكلة كبيرة، ففي بعض الدول إذا حدث ذلك يستقيل الوزير المسؤول، لكن في هذه البلاد للمواطن ثلاثة خيارات فقط.. وهي إما أن تخرج من الوطن، أو تعيش معهم بشكلهم الحالي، أو تموت من القهر والظلم.. لكني أقول للحكومة «بلوا رؤوسكم»، فالشعب السوداني ابتدع الثورات ضد الأنظمة الديكتاتورية وهو كفيل باسقاط النظام. لماذا تتمسكون حتى الآن بالفكر الشيوعي؟ - الدول التي لدينا علاقات جيدة معها تعد بأصابع اليد وهذه أزمة حقيقية أكثر دولة علاقتها جيدة الصين وهي شيوعية، والحكومة لديها رأي في الشيوعية، هذا تناقض غريب، كما انهم يقدمون تنازلات لرفعهم من لائحة الارهاب، وأمريكا أكثر دولة لديها مصلحة في السودان. كثير من السياسيين يقولون الحل للازمات بالتحول الديمقراطي، أي إزالة الحكومة، كيف تنظرين الى حل الأزمات؟ - الحلول في اسقاط النظام فقط وأي حديث عن استقلال القضاء وحكم القانون والنماء والرفاء لن يكون الا في دولة مدنية «علمانية» ويجب أن لا يخاف الشعب من كلمة علمانية، فهي التي تحفظ لهم حقوقهم بكل حرياتهم، وقيام حكم ديمقراطي بدستور مدني واضح ومحدد، وتتساوى فيه جميع الاثنيات والأديان، نحن كنساء يجب أن نهتم لأمر الدستور لأننا نعاني من بنوده التي تقول في كل بند يخصص للنساء عبارة «ما لم يتعارض مع القوانين» يجب أن يكون للمرأة حق في كل فقرة من فقرات الدستور، دون أن يجبها لفظ أو جملة أو قانون ويجب أن يبني الدستور على أساس المواثيق الدولية، وحقوق الإنسان في الدستور الحالي عبارة تطبيق الشريعة يقصد بها المرأة، وقانون النظام العام يطبق على النساء فقط كأنما وضع للمرأة فقط، المرأة السودانية خطت منذ فترة بصورة متقدمة على النساء في الدول الاخرى ولن تتراجع مهما وقع عليها قهر واستقصاد، وباستطاعة المرأة أن تكون أحد مكونات تغيير البلاد، والوصول به الى الامام، ولن نقبل بالتهميش. في الفترة الماضية اعتذرت بعض رموز مايو عن الأخطاء التي صاحبت الحقبة ما هو تعليقك؟ - بعد كم عام تعتذر؟ أفهم أن الحكومة تعتذر وبعد أن تنتهي مباشرة تعتذر لكن بعد 30 عاماً، تجاربي كثيرة مع مايو والنظام الحاكم الآن، بعد استشهاد عبد الخالق لم يكن لابنائي شيء فقام عم أبنائى بتسجيل منزل باسمهم في «أم درمان الشهداء» وبمجئ الحكومة الحالية باسبوع واحد اتخذوا منزل ابنائي لاستخباراتهم، وخاطبت كل المسؤولين في هذا الشأن دون أن أقحم الحزب الشيوعي في ذلك.. وأقدم شكوى لكل وزير عدل الى ان جاء سبدرات وقابلني به د. عبد الرحمن ابراهيم وارجعوا لي حق أبنائي، لكن بعد أن تعرض لنهب وتكسير وتخريب، هل الاسلام قال لهم ان يستبيحوا حق الأيتام؟ (اذا كانوا بيخافوا الله صحيح يجب ان يصلحوا حال المنزل) لأنه حق أيتام، وليس لعبد الخالق أو نعمات، ما فعلوه هذا أي نوع من الدين والحكم والعرف؟