نظمت منظمة حواء بالتعاون مع المبادرة السودانية لصناعة الدستور اول من أمس بمقر المنظمة بالحاج يوسف منتدى يستهدف تثقيف المرأة السودانية بعملية صناعة الدستور،وكيفية مشاركتها في الحوارات الدائرة حول صناعة الدستور القادم للبلاد. وقد تحدث في المنتدى عدد من المهتمين بشؤون المرأة وتطورها، وشهد مشاركة مجموعة من النساء الراغبات في معرفة حقوقهن، فضلا عن مشاركة واسعة من منظمات وجمعيات نسوية اخرى، تحت شعار «نتشارك في الحلم الواحد». وبادرت رئيسة منظمة حواء، نعمات عبد الرحيم عبد الشافع بتقديم توضيحات للحضور عن المبادرة السودانية لصناعة الدستور، مبينة أن المبادرة تتشكل من مجموعة تضم اكثر من «40» منظمة تعمل على تثقيف المرأة بحقوقها الدستورية والقانونية، مشيرة ان منظمة حواء قد تعاونت مع المبادرة السودانية لصناعة الدستور لتدعيم هذه الفكرة وايصالها للمرأة، وخصوصاً المرأة المتواجدة في المناطق الطرفية. وحثت نعمات الحضور على ضرورة معرفة «المواطنة بحقوقها الخدمية والدستورية»، ذلك لأن المرأة تظل كما قالت « أساس المجتمع «، ونوهت نعمات الى ارتباط القضية بالكرامة الانسانية، التي اكدت عليها الشرائع السماوية، ورأت ان «80%» من المواطنين يعيشون بطريقة ليست مرضية. ومضت نعمات لتؤكد على ضرورة وجود ضمان اجتماعي للعاملين خارج المؤسسات، فضلا عن اصحاب الاعمال الهامشية والرعاية الصحية الاولية ، مؤكدة عدم شمولية التأمين الصحي. واتجه الامين العام لمنظمة «حواء» موسى عبد الكريم في مداخلته عن الدستور وكيفية صناعته الى ان المواطنين لا يعرفون حقوقهم التي يجب مراعاتها عند وضعه، ولا يدركون ما لهم وما عليهم، مشيرا لضرورة ان يعرف المواطن حقوقه الدستورية. وقال موسى ان علاقة المواطن بالدستور ضعيفة للغاية، ولابد من تنميتها عبر عملية ثقافة لازمة، ورأى ان عدم وجود ادراك تلك الحقوق وصيانتها هو سبب وجود الصراعات الدائرة، فكل جهة تريد ان تأخذ حقوقها في الوقت الذي لا تعرف ما لها وعليها في الاصل. ويشير الامين العام لمنظمة « حواء» ان مجتمع النساء هو الاكثر تضررا، بينما كان وسيظل شريكا اصيلا في الهم القومي. وكشف ان فئة النساء تشكل اكثر من 48% من اجمالي عدد السكان بحسب تعداد «2008»، مما يدفع الى ان تكون المرأة الاكثر عناية بقضية الدستور وبمسألة اعادة البناء الوطني، لافتا الى انه بالرغم من التطور الذي طرأ على مجتمع المرأة ،الا ان المجتمع ككل لا يزال ينظر لها بدونية، ويعتقد بأنها عنصر ضعيف. ويقول موسى عبد الكريم أن مشاركة النساء في عملية صناعة الدستور أمر ضروري لاعتبارات كثيرة اولها ان المرأة هى المكون الاساسي في المجتمع وهى شريك اصيل في قضايا الوطن، ثم ان المؤسسة التي تقوم بوضع الدستور يجب ان تعكس التنوع في السودان لتتمكن جميع الجهات من اسماع صوتها «الاحزاب السياسية، المجتمع المدني، منظمات المرأة والشباب والمنظمات الجهوية واللغوية والاثنية والدينية، الاقليات المختلفة» على ان تكون نتيجة ذلك لدى كل تلك المكونات، هو الرضا الكامل والاحساس بأن مطالبهم تم تضمينها في الدستور، وان اصواتهم سمعت ووجدت الاعتبار في المفاوضات التي ارتبطت به، وان مساهمتهم ذات نتيجة واثر في الدستور الموضوع. وشدد على ان تتم عملية صناعة الدستور في كافة مراحلها بطرق تضمن تداول المعلومات عبر كافة الوسائل المتاحة لتصل لجميع المواطنين، حتى يتمكنوا من ابداء الرأي عن وعي تام بكل ما يدور في العملية. ورأى موسى ان ذلك التوافق يستلزم الحوار والتفاوض،وليس اعتماد حكم الاغلبية، لافتا ان هذه العملية تستلزم وقتاً مقدراً مما يجعل الدستور ملكاً للشعب ومحترماً لدى كافة مكوناته بدلاً من ثنائية الرابح والخاسر التي لن تفيد ابدا. واكد الامين العام لمنظمة « حواء» على اهمية الملكية الوطنية للدستور، اي ان صناعة الدستور يجب ان تتطور بواسطة الفاعلين الوطنيين، وليس بدفع من مصالح خارجية وخبراء خارجين، اذ ان العملية التي يملكها الشعب والتي تتسم بمباديء الشمول والمشاركة والشفافية والتوافق تجسد تاريخ وثقافة الشعب، ولذلك فهى تعكس احتياجات وآمال وتطلعات الشعب. وهى ما يعزز الشعور بالملكية والذي يشمل كل القوى السياسية والاجتماعية، والقيادات والقواعد. وقدمت في المنتدى بدورها المبادرة السودانية لصناعة الدستور ورقة مراحل صناعة الدستور والتي ترى المبادرة وجوب توافرها في الدستور القادم للبلاد.و تضمنت الورقة عدة محددات منها ان تتم عملية صناعة الدستور عبر مراحل متعددة وطويلة قد تمتد لسنين، كما في تجربة جنوب افريقيا، حيث استمرت عملية صناعة الدستور من عام «1989»-»1996» ،اي خلال سبعة اعوام كاملة، مما يؤكد الاهمية الكبرى لهذه العملية، وذلك لما يمكن ان تحققه من استقرار سياسي واجتماعي، وكذلك تثبيت الحقوق والواجبات لكل من المواطنين والدولة. وقد اقترحت الورقة مراحل اشارت الى انها يجب ان تمر بها عملية صناعة الدستور، وهى اعداد قانون لعملية صناعة الدستور يضمن مشاركة مختلف الفئات بما فيها النساء في كافة مراحل العملية، وتكوين آلية قومية للدستور يراعي فيها تمثيل النساء فيها بنسبة لا تقل عن 30%، واطلاق الحملات الاعلامية والتثقيف المدني بالدستور، وصياغة مسودة مبدئية للدستور وطرحها للنقاشات العامة، وعرض المسودة على مجلس الوزراء ووزارة العدل، فضلا عن تقديم مسودة الدستور الى الجهة التمثيلية «البرلمان»، ثم عرضها للاستفتاء العام، قبل اجازة الدستور الدائم.