جاء قانون المشورة الشعبية لسنة 2009م مشتملاً علي خمسة فصول وسبع عشرة مادة كما أنه جاء من حيث الموضوع متفقاً مع نص المادة 182/2 من الدستور الانتقالي لسنة 2005م والتي تنص علي (تخضع اتفاقية حل النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق للمشاورة الشعبية من قبل سكان هاتين الولايتين عبر المجلسين التشريعيين المنتخبين ديمقراطياً في كل منهما وفقاً للأحكام الواردة فيها ) ومتسقاً مع الفقرة الثالثة شاملة من الفصل الخامس (حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان / جبال النوبة والنيل الأزرق من اتفاقية السلام الشامل ) . حيث نصت المادة الأولي منه علي اسمه قانون تنظيم المشورة الشعبية ، بينما نصت المادة الثانية علي المصدر ونطاق التطبيق وفيها - أي هذه المادة- ، أخذ القانون بحق المجالس التشريعية المنتخبة في الولايتين في أن تعبر عن مواطني المنطقتين تعبيراً ديمقراطياً حراً لتأكيد تطلعات الناخبين وحقهم في حياة دستورية وسياسية وإدارية واقتصادية بما يعود بالنفع علي مواطني الولايتين . ويحقق الاستقرار والسلام والتنمية ، الأمر الذي يؤدي إلي تحقيق مقاصد اتفاقية السلام الشامل ، كما تدل هذه المادة علي ممارسة الديمقراطية ممارسة حقيقية من داخل مؤسساتها المنتخبة عبر انتخابات حرة نزيهة . أما المادة الثالثة فقد اشتملت علي تفسير لمعنى المشورة الشعبية وفقاً لما جاء في نص الفقرة 3-1 من بروتوكول حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق . كما حددت النطاق الجغرافي لكل من الولايتين وفقاً لما أقر به في الدستور الانتقالي واتفاقية السلام الشامل ، وجعلت من البروتوكول حكماً عدلاً ومرجعية لهذا القانون ، كما أضافت المفوضية البرلمانية المنشأة بموجب المادة السابقة من هذا القانون ، كما أشارت إلي المفوضية المستقلة والمنشاة بموجب المرسوم الجمهوري رقم 29 لسنة 2007م وأبان هذا القانون المعنى المقصود من الترتيبات الدستورية السياسية والإدارية والاقتصادية . ونجد المادة الرابعة من هذا القانون قد قطعت قول كل خطيب ومزايد علي سلامة الوطن وأمنه واستقراره ، حيث حددت هذه المادة مرجعيات المشورة الشعبية والتي حصرتها في أربعة لا خامس لها وهي اتفاقية السلام الشامل ، والدستور القومي الانتقالي لسنة 2005م ودستوري ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق للأعوام 2005م/2006م وبهذا يكون هذا القانون قد حدد النطاق الجغرافي لتطبيق المشورة الشعبية تحديداً فاصلاً وقاطعاً مستنداً في هذا إلى المرجعيات أعلاه . أما المادة الخامسة فقد نصت حصراً علي أهداف ممارسة المشورة الشعبية ، حيث جملتها في ثلاثة أهداف هي : تأكيد وجهة نظر مواطني الولايتين بشأن اتفاقية السلام الشامل والى أي مدي حققت تطلعاتهم ، أما الهدف الثاني فقد تمثل في التسوية النهائية الشاملة للنزاعات السياسية في الولايتين لأجل تحقيق الاستقرار وإرساء السلام ، أما الهدف الثالث والأخير فقد جعل تصحيح أي قصور في الترتيبات لا بد وأن يأتي في إطار اتفاقية السلام الشامل . أما المواد من المادة السادسة وحتى الحادية عشر فقد تحدثت عن إنشاء المفوضيات البرلمانية في الولايتين من داخل المجالس التشريعية المنتخبة وحددت أجلهما والسلطة المنشاة لهما وهي رئاسة الجمهورية والجهة التي يجب رفع التقارير لتصحيح أي قصور أو إجراء لها . كما أشارت المادة السابعة إلي طريقة تكوين المفوضيات وتحديد عدد أعضائها علي أن تمثل فيها المرأة . يكون مقر المفوضيات في عواصم الولايتين ، كما يشترط في رئيس وأعضاء المفوضية البرلمانية أن يكونوا أعضاء منتخبين من المجالس التشريعية ، بينما نجد المادة العاشرة من القانون قد حددت شروط فقدان عضوية المفوضيتين البرلمانيتين . أما المادة الحادية عشر فقد حددت المصادر المالية للمفوضيتين ، والمادة الثانية عشر من الأهمية بمكان إذ أنها تحدثت عن مراقبة إجراءات المشورة الشعبية ، وهنا لا بد من الإشادة بهذا القانون إذ ساوى هذه الإجراءات بمثيلاتها الواردة في اتفاقية السلام الشامل . وهذه ضمانة كبرى تبعث علي الاطمئنان وتدعو للثقة وتدل علي جدية الحكومة في إنفاذ وتطبيق اتفاقية السلام الشامل كما جاءت ، إذن هذه المادة تخرس كل إدعاء قائم بغير ساقين تقوى علي حملة ، حيث جعلت مراقبة إجراءات المشورة الشعبية هي ذات إجراءات ضمانات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والتي تمثلت في : (أ) منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية (ب) منظمة الأممالمتحدة (ج) الاتحاد الإفريقي (د) منظمة الإيقاد (ه) شركاء الإيقاد (و) جامعة الدول العربية (ز) الاتحاد الأوروبي . أما المادة الثالثة عشر فقد تحدثت عن وجوب وضمان الفرصة المتساوية لمواطني الولايتين للتعبير عن الآراء المختلفة حول إنفاذ المشورة الشعبية عبر الأجهزة الرسمية للولايتين ، كما حظرت تقييد حق التعبير ، وأعطت ممثلي أجهزة الإعلام الأجنبية الحق في الحصول علي المعلومات المتعلقة بإجراءات المشورة الشعبية ، علي أن تقوم أجهزة الإعلام الرسمية القومية والولائية بنشر نتائج المشورة الشعبية المعلنة رسمياً بحياد ودقة عالية وأمانة . وهذا ما نص علية الدستور الانتقالي في الباب الثاني وثيقة الحقوق . أما المادة الرابعة عشر فقد حددت خيارات وإجراءات ممارسة المشورة الشعبية . خيارات وإجراءات ممارسة المشورة الشعبية :- (1) عند ممارسة حقهم الشرعي في المشورة الشعبية تكون خيارات مواطني ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر المفوضيات البرلمانية الولائية كالأتي:- أ/ الموافقة واعتماد اتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين واعتبارها حسماً للنزاع السياسي في الولاية المعنية . ب/ اعتبار أن الاتفاقية بخصوص أي من الولايتين لم تحقق تطلعات مواطني تلك الولاية . (2) تكون إجراءات ممارسة المشورة الشعبية علي النحو التالي : أ/ فور انتخاب أعضاء المجلس التشريعي لكل ولاية ينشيء المجلس التشريعي المعني مفوضية برلمانية لتقويم وتقدير تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بخصوص أي من الولايتين من خلال التقارير التي تقدم إلية مع استصحاب أراء مواطني الولاية والفعاليات السياسية والأهلية والمجتمع المدني بالولاية المعنية . ب/ إذا قرر أي من المجلسين التشريعيين عند النظر في تقرير المفوضية البرلمانية أن الاتفاقية الخاصة بأي من الولايتين قد حققت تطلعات مواطني تلك الولاية ، تعتبر الاتفاقية الخاصة بالولاية المعنية تسوية نهائية وشاملة للنزاع السياسي في تلك الولاية. محامي/عضو المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل