والعنوان أعلاه استعرته من هذه الصحيفة.. غير هيابة ولا وجلة.. إن تمت معالجته والكتابة عنه في أكثر من تقرير وتحقيق، لأن الموضوع يحتمل المزيد من البحث والتقصي، فعبارة (يبقى الدائن لحين السداد) سجيناً دون تحديد أجل لفترة بقائه، فيه الكثير من الغبن عليه لأن أصل الدين يمكن الا يتعدى بضع ألوف من الجنيهات.. ويكون فعلاً عاجزاً عن سدادها، فهل تتساوى هذه العقوبة مع غير المحدودة الأجل والممتدة الى ما لا نهاية مع الفعل المرتكب، وأغلب المدينين تجار ابتعلتهم تماسيح السوق وخسروا أموالهم وأموال مدينين بها للغير في ركود اقتصادي، أو أي وجه من وجوه الخسارة التي يمكن أن يمنى بها أي مضارب في العمل. والمدين يمكن أن يكون دائناً لغيره، ولكنه تعذر عليه الحصول على مديونية من الدولة مثلاً وصحيح أن الحقوق أولى بالرد، والدين أحق بالسداد، إلا أنه في بعض الحالات يجب تطبيق روح القانون وليس أصله حرفياً، فالسجون ملأى والدولة تصرف أموالاً طائلة إذا وجهت جزءاً منها لفك بعض الغارمين لكان أجدى وأنفع. أعرف أسرة مكونة من زوجة وبنتين وزوج يقبع في السجن لخمس سنوات خلت حتى يسدد دينه البالغ بضعة ملايين، وتعرضت أسرته لشتى أنواع الذلة والحاجة زيادة على طردهم من منزل الايجار للدرجة التي باعوا فيها كل مدخراتهم، حيث لا عائل لهم سواه. العقوبة يا أهل القانون يجب أن تتساوى وتتناسب مع الفعل، فالمدين يكون بكذا مليار، لايمكن أن يتساوى مع غيره.. والأمر في النهاية أشبه بخيانة الأمانة وأقل من السرقة، لأن الأولى يكون فيها الدائن طائعاً مختاراً، والسرقة الأخذ خفية من حرز.. فكم تساوي كل من العقوبتين؟ وإذا عجز المدين عن السداد- ولابد أن يعجز- لأن الإنسان وحده في هذا الزمن الذي يحرص على حل مشاكله بعد أن اندثرت المكارم والنفرة وتشتت العوائل، وأضحت الشماتة و الفرجة هي أقصى ما يفعله الأقارب.. لِم لايكون للدين حد أقصى وأدنى كعقوبة، بدلاً من تركها مفتوحة غير محددة، وكيف للأسير السجين أن يدير أعماله ويباشر تجارته ليرد دينه؟ ومن لهذه الأسر الضعيفة التي فقدت عائلها وبقيت البنات والنساء عرضة للأهواء ومرضى النفوس وذل الحاجة. زاوية أخيرة: العدالة تقتضي النظر الى الطرفين بلا ضرر أو ضرار، وما عُرض على الرسول صلى الله عليه وسلم أمران إلا اختار أيسرهما، أحياناً تكون الرحمة فوق العدل!!