كل الوقائع وكل الأفعال تؤكد شيئاً واحداً هو أن من يقودون خط الانفصال في الجنوب بلا نضج سياسي، وأنهم مجرد تجار في سوق السياسة، تحركهم جيوبهم لا عقولهم، ولهذا تأتي مناداتهم بالانفصال والسعي اليه من رغبة المصالح الخاصة التي تجعل تصرفاتهم مكشوفة، وأقوالهم مفضوحة، مما يجعل المراقب يلاحظ أن التظاهرة الأولى التي سيرتها القلة الانفصالية إلى مقبرة الزعيم الراحل د. جون قرنق، تؤكد غياب التلقائية وغش الصناعة التي فضحها ظهور السيارات الحكومية، التي عليها لافتات حكومة الجنوب، كما أكدت أن من ورائها غائبو العقل بتسييرهم التظاهرة إلى قبر رجل كان خطه وهدفه السودان الجديد وليس الانفصال، وأن آخر كلماته التي يذكرها الناس قبل رحيله هي: (إن السودان بقى واحد تاني مافي حكومة للبشير وأخرى لقرنق).. الشئ الذي يؤكد أنها تظاهرة مصنوعة بلا ذكاء، فضحتها نوعية المشاركين ومحدودية العدد الذي لو سمح النافذون الانفصاليون بغيرها لشاهدنا مسيرات الرد المليونية المناهضة للاتجاه الانفصالي، الذي يقوده الشاب المهرج باقان أموم، الذي كان قريباً من قرنق في حياته، ولكنه سارع بالابتعاد عن روحه وأفكاره بعد رحيله، ولا يريد الالتزام حتى بالاتفاقية التي نصت على أن يعمل الطرفان على جعل الوحدة جاذبة، مغالطاً الواقع الذي يؤكده صمود الاتفاقية كل السنوات الماضية، دون أن يعكر صفوها شئ بخلاف ( برطعة) الانفصاليين، الذين ليس لهم سند شعبي، ومع هذا يصرون على الحديث باسم الجنوبيين بلا تفويض. إنها العربة الفارغة التي تكون أكثر جلبة من الممتلئة، وهكذا أصحاب الرؤوس الخاوية من النضج السياسي، والفهم العميق لمآلات الأمور، الذين لا يحسبون الخطوات إلا بما يحقق مصالحهم الضيقة.. ولهذا وفي ظل (الجلبة) جاءت التظاهرات المصنوعة الأخرى، والتي لم تخرج كلها عن الصناعة المفضوحة التي تؤكد أحساس الانفصاليين بضعف حجمهم في الجنوب، واعتقادهم أن إيهام المواطن الجنوبي بأن الانفصال رغبة لدى الكثيرين قد ينجح، وقد فشلوا من خلال ضعف المسيرات، فأخذوا يهددون دعاة الوحدة بالذبح، مما يؤكد أنهم توصلوا إلى أن الانفصال ليس قناعة أهل الجنوب، وما يؤكد ذلك، تهديد أصحاب الأجندة المواطنين بذبحهم حال تصويتهم للوحدة، ناسين أن أهل الجنوب سيكون ردهم بأنهم ليسوا غنماً يساقون بالعصي، وليسوا بكماً يتحدث أصحاب المصالح إنابة عنهم، ويقيني أنه مثلما أكدت الوقائع والأقوال إن المهووسين بالانفصال من القادة في حالة غياب للوعي، لأسباب يعلمونها ونعلمها، ستؤكد الوقائع أن زمان القطيع قد انتهى، وسيخسر الانفصاليون (القلة) رهانهم من خلال كلمة الصناديق.. ونواصل