لا أدري علاما أُعلق اليوم.. هل أكتب عن تصريحات باقان الاستفزازية والتي تكشف نوايا تيار الحركة المهرج، الذي يقوده باقان ويبرطع في حلبته عرمان، أم أكتب عن إضراب الأطباء الذي دخل يومه السابع، والذي امتنع فيه الأطباء عن معالجة المرضى في غرف الطوارئ، رغم القسم الذي أدوه يوم دخولهم للمهنة الإنسانية.. الأمران مهمان، مما جعلني اختار عدم تأخير أحدهما عن الآخر.. فالمهرج باقان ظلت الأيام تؤكد في كل مرة وأخرى أنه من الذين يمارسون العك السياسي، الذي يتم بلا نضج وبلا فهم أو عمق.. فالرجل يظن أن تمسك الشمال بالوحدة، يعني أن للشمال مصالح في الجنوب، وأن الشماليين سيموتون لو انفصل الجنوب، وأن أهل الجنوب حالة الانفصال سينعمون بما يجعل أهل الشمال يحرصون به على الوحدة، مسكين الرجل فهو بحكم حداثة تجربته السياسية، ووجوده في السابق خلف د. قرنق يهتف لهتافه، ويصيح بما يقول الزعيم دون فهم أو رأي.. لم يجعل لنفسه تجربة أو عمقاً يفكر به في مآلات الأمور ليقرأ مآلات الوحدة، ثم مآلات الانفصال ويقارن بين الاثنين، أنها كبيرة على أفقه الصغير، لهذا جاءت تصريحاته الأخيرة لصحيفة الشرق الأوسط بقدر حجم تفهمه للأشياء، مما جعله يحكم بانتهاء فرص الوحدة.. هكذا مرة واحدة أي والله.. وكأنه يمثل كل شعب الجنوب الذي سيصوت في الاستفتاء، بل يظهر من حديثه بأنهم رتبوا كل شئ للانفصال بما في إخراجه عبر برلمان الجنوب إذا ما دعا الداعي، والرجل بعقليته يرى أن كل شئ ممكن لتحقيق رغباته، بما في ذلك تحديد رغبات الناس في الاستفتاء، لتكون لصالح الانفصال الذي يريده.. دون أن يحسب المآلات التي تجعله ممكناً، وتجعل دولة الجنوب سهلة القيام وسهلة القيادة للحركة الشعبية، التي تعاني حالياً من تمرد عدد من الحركات عليها، والتي صعب القضاء عليها، وتحقيق الاستقرار، ومثل تصريحات باقان يجب أن تقابلها الحكومة بأخذ أمر الانفصال بجدية، لاحتمال فوز التيار الانفصالي من القادة الانفصاليين على أنصار الوحدة، الذين هم أخفض صوتاً حالياً، بما فيهم قائد الحركة سلفاكير الذي نجده يظهر في الخرطوم بأنه مع الوحدة، كما يظهر في الجنوب بأنه لا خلاف له مع تيار باقان.. وهنا أعتقد أن ما ذكره الأستاذ الزبير أحمد الحسن القيادي بالمؤتمر الوطني في البرلمان أمس خلال التداول حول خطاب رئيس الجمهورية، بأن الاستعداد للانفصال يجب أن يكون قائماً، ومطالباته بوضع التصورات له مع العمل للوحدة، هو كلام العقل في تقديري، خاصة وأننا نتعامل في الجنوب مع تيارات متصارعة، لا ندري من فيها سيقضي على الآخر في الاستفتاء، مما يجعل من المهم أن نتعامل بالاستعداد للكل، وألاَّ نضع البيض كله في سلة الوحدة، التي يمكن أن يكسرها فريق المهرجين الانفصالي. حاشية: العقوبات التي أعلنتها وزارة الصحة الاتحادية على الأطباء الذين اضربوا عن العمل، عقوبات تستحق التأييد.. بحكم أن الطب مهنة إنسانية، وإن من يختارها يجب أن يدرك أنه لم يدخلها للثراء، أو ممارسة أجندة سياسية من خلال مهنة إنسانية.. فالذي جر الأطباء من دائرة المطالب العملية إلى دائرة الأجندة السياسية، ظاهرة تتطلب الحسم والردع، وتجعلنا لن نقف مع الأطباء فيها، ونصفق على نظرهم للمرضى الذين يعانون من الألم، ولا يمدون يداً تؤكد أنهم ملائكة الرحمة.