هل بقي من مساحة الحوار متسع للقول إنهم يكذبون ؟. يبدو أنه لا مجال لتكذيب الرواية الأمريكية ،خصوصاً تلك التي تخرج بملامح ((هوليوودية)) ... سيقولون كلاماً قاطعاًَ :مانعاً لأي حوار : هذه نظرية المؤامرة ; و هي نوع من أمراض تعبر عن قصور العقل و تواضع الإدراك ،و تعبير عن سوداوية في الفكرة و بناء على هذا فلا مجال مطلقاً لتكذيب أية رواية يسوقها الإعلام الغربي خصوصاً إن تعلقت بالإرهاب ،أو بعدم وجود أسلحة نووية لدى الدول العربية . سألني أحد الإعلاميين عن انطباعي حول مقتل أسامة بن لادن ،فقلت لا أعرف من هو أسامة بن لادن ،ولم أشاهده يموت ،كما شاهدت أبراج نيويورك مثلاً و هي تهوي على رؤوس البشر ،حيث كانت هنالك كاميرات تصور طائرات مدنية ،تصطدم بأبراج عالية و عاتية ،ثم تظهر ألسنة لهب ،تبدأ الخرسانة بالتهاوي.. لقد كان هنالك عدد لا بأس به من الكاميرات ،و معلقون يتحدثون بكل اللغات . لا أصدق قصة وقوف ابن لادن خلف تفجيرات نيويورك ،ولا أقر بأن صاروخ كروز سلاح مناسب لتدمير ((خشش)) في تورا بورا ،لا تبلغ كلفة الواحدة منها 100 دولار ،لأن 500 طوبة من طين و بعض ألواح زينكو لا تحتاج صاروخاً عابراً للقارات و طائرة ب 52, لتدميره وقتل شخص يتسلح بجذع أو غصن جاف من شجرة أكثر جفافاً،لا زيت فيها لتضيء كشمعة و ليس كمشكاة فيها مصباح .. لا منطق مطلقاً في تحريك قوى ((حرب النجوم)) لقصف مغارة أو ملجأ أطفال في العراق أو في لبنان ،ولا مبرر سوى الاستعراض الموضب على هامش دعاية تجارية لسلاح فتّاك، تكدس بمئات و ملايين الأطنان في مستودعات التسلح والذخيرة ،ولم يجد فارساً يتدرع به لمقاتلة طواحين هواء أو الموت شهيداً تحت وطأة ثقله على جسده المنهك. لا مجال لرفض الرواية الإعلامية الغربية، ولا مجال مطلقاً لفكرة عربية أو كلمة رافضة لما يجري ،فما آتتكم به أمريكا فخذوه وما نهتكم عنه فانتهوا .. نتعامل مع الآخر حسب زعمه وأباطيله، ثم نعود أنفسنا لنردد روايته الثانية ،ونقول كما يقولون : إن الحرب على العراق كانت خطأ ،ومقولة الأسلحة النووية كانت كذبة استخبارات ،و نكتفي ..فهم يتحدثون عن أول رائد فضاء مشى على سطح المريخ هذه المرة ،وليس عن تدمير بلدان عربية و إسلامية وقتل شعوبها وسرقة ثرواتها. وننكر أن تاريخنا كله نتاج مؤامرة صهيونية لا نعرف تاريخ انطلاقها و نلخص لفصولها الأخيرة منذ بلفور ووعده ،و(سايكس بيكو) و خرائطهم ،تلك التي رسخت حدودها في أجزاء من أدمغتنا وعلى لهجات ألسنتنا .. لا نشعر أبدًا بأننا هدف لمؤامرة تقسيمية,استعمارية، أسفر عنها حتى الآن ضياع دورنا و استقرارنا و تغييب عقولنا. قالوا بن لادن حرك أساطيله الفضائية في حرب إرهابية ضد أمريكا ،فدمروا بلدانا إسلامية وعربية،وسرقوا مقدراتها ،و أشاعوا الفوضى والتخريب،ثم أرادوا طي صفحة فقتلوا أشياء أو فزاعات أو أسماء .. لا فرق ،فنحن مجرد جمهور مسلوب الرأي والعقل ،وبعد أن عبثوا في الخريطة الDAN خاصتنا منذ قرن، حيث أصبح لدينا كما نرى أجيال وسلالات بلا إرادة . هل قلنا إرادة ؟ عن أية إرادة نتحدث .. الإرادة أيضاً أصبحت مفردة من مفردات نظرية المؤامرة ،فلا تذكروها. قولوا مات أسامة و لا تسألوا من هو أسامة؟ فليس لديهم كاميرات و غابت عن حديثهم الدموي كل اللغات ... غابت اللهجات.