ربما كان الصحفيون أمهر الناس فى تصميم وإدارة المعارك، المهم ما هو الموضوع وهل يستحق؟!. هناك أمثلة، فالمعارك تكون أعتى وأمتع إذا ما قدر لها أن يكون بين طرفيها صحافيون، والأمثلة موجودة أيضاً ومن شأنها الإرتفاع بالتوزيع و تدفق الإعلانات، تماماً كما هو الحال لحظة الإشتباك بين الفريقين وتوقف المباراة كما يقول صديقنا صلاح التوم من الله.. الملاسنات الصحفية هى ذاتها تجعل الحالة العكسية ممتعة أيضاً كما في حالة دفاع صحفي عن زميله ومدحه كما سنرى.. الصحفيون الناجحون عادة لا يميلون للمدح والإشادة والثناء، وإن حدث أبدعوا فى ذلك وتفوقوا على المتنبىء فهم أدرى بمحاسن الناس كما هم أعرف بالمآخذ. هذه الحالات أكثر إثارة من المنشور تحت طائلة تهمة الإثارة الصحفية السلبية التى تطارد بعض الأقلام، وربما تتسبب فى شهرتها أو تشريدها، الأمر يستدعي الذكريات، والمهم الآن أن معركة صحفية موضوعية قد نشبت تزامناً مع قرار تعيين النائب الأول لرئيس الجمهورية الذي كان سبباً لعراك مبرور احتكم للعلامة(سيبويه) وترك الباب مفتوحاً لأحفاده فى مجمع البروفيسور عبدالله الطيب، وللكُتَّاب ومصححي الصحف، وقد تعاظم شأنها بالتوسع في فنون التحرير، بينما جرائم النشر تتفاقم ولا تجد بينها (جريمة) الإعتداء اللغوى.. ما حدود فداحة الخطأ فى إيراد خبر تسبب في هذا العراك، وأيها أصح؟ . الأمر شغلني وهممت بالرجوع إلى المدقق العام ل(آخر لحظة) الغيور على اللغة الأستاذ إبراهيم الغبشاوي، عله يفك لى طلاسم هذا العراك اللغوى، إن القارىء لا يرحم صحيفة لا تتحرى الدقة في صياغة (مانشيتها) الدال على سبقها وتميزها، فكيف تسلم من هذا الداء المدمر مع ما بلغت من رواج؟ . الأمر تحول إلى مادة صحفية ووجدت فى ذلك الشفافية بعينها، أن تنتقد الصحف نفسها، كتبت« الإنتباهة» الخميس الماضي تحت عنوان: جدل حول مانشيت «طه نائباً أولاً ») تقول( إختلفت خطوط الصحف السياسية أمس فى خط خبر تعيين على عثمان محمد طه « نائباً أولاً للرئيس » وهو الصحيح الذي أوردته ثلاث صحف خلاف بقية الصحف التي أوردت فيه كلمة «أول» ممنوعة من الصرف على غير الصحيح (هكذا أفتت الصحيفة وأضافت( لتعميم الفائدة رأينا أن نوضح ذلك،، واستطردت لتنتهي للقول(الله أعلم) مما يعني أنها تركت الباب مفتوحاً، الغائب حجته معه وهو من كتب( نائباً أول)، وقد يكون بينهم المدافعون عن الخطأ الشائع في لغة الصحافة، إن لغتنا الجميلة جديرة بأن ندير من أجلها معركة فاصلة وقد تعرضت للإستباحة فى عصر القنوات،، اللغة العربية أحوج ماتكون لمن ينتصر لها في معركة البقاء وهي التي تشرفت بالقرآن الكريم وحفظه. الأمل أن يتصدى الحادبون للمعتدين عليها قناة قناة، منبراً منبراً، مدرسة مدرسة.. أما الجامعات وإذاعات FM فتحتاج لوقت، وهذا العراك يشعل الآمال بأن نكون جميعاً (حساسين) تجاه الأخطاء اللغوية، فنتواضع ونرسي منهجاً نتحاسب عليه، فمن يسكت على تهميش لغته يسكت على كل هوان. هذه (الإنتباهة اللغوية) ربما وراءها المنهج اللغوي لرئيس مجلس الصحيفة مهندس الطيب مصطفى، فلقد شهدت له مواقف صارمة أيام عملنا بالتلفزيون لا تقل عن مواقفه(الأخرى) وإن كانت هذه متفقاً عليها ومأجور أبطالها، كان يلاحقنا بالمذكرات لنلحق بالأخطاء حتى لا تتسرب للشاشة فيعتبرها (موبقات) هكذا فلا يرحم فيها حتى نفسه، وفي إحدى مناسبات التلفزيون ألقى خطاباً أمام حشد من الدستوريين والإعلاميين وفطاحلة اللغة، ولدى عودته لداره فاجأه أبناؤه بأنهم رصدوا له ثلاثة أخطاء لغوية ! عرفنا ذلك حين كتب للإدارة المالية معاقباً نفسه بالقطع من مرتبه. من يعاقب نفسه لا يجامل غيره . لقد رأينا جمعيات تنشأ لحماية كذا وكذا من غول كذا وكذا، وكله حسن فمتى نسمع بجمعية لحماية اللغة من غول العولمة وهؤلاء وأولئك؟ لعل الصحف وطاقمها اللغوي يمضون أبعد لاستقطاب المبادرات لمكافحة المتعدين على اللغة، ولأن الأمر ارتبط بولاية أخرى للنائب الأول، الحقوقي، فلتكن ولاية لرد الإعتبار، للغة والهوية والوقت والحقوق، وما إلى ذلك. وللخواطر بقية: /1 الصحف ليست مهمتها الإشادة، وإذا حدثت تأخذ طابع المفاجأة، سررت لإشادة ببرامج تستحق منها (الصفحة الأولى) و( مع الود والتقدير) و(، حتى تكتمل الصورة،) ثم(حزمة ضوء) لو أنه يستمر ففيه تجديد لأشكال استهلكت. /2 فى العيد أفلح التلفزيون فى حشد كوكبة من نجوم النقد الفني ضد حالة التباعد والجزر المعزولة،، إتضح أن الهم مشترك، إبداع ونقد. /3 من قبيل ما يمتع صحفياً قرأت لمحمد محمد خير(الرائد) مرافعة رائعة عن برنامج ( فى الواجهة) ولعل مقدمه الصديق الوفي أحمد البلال الطيب يكتشف دواعي إعجابي بالمقال، وقد أشرفت على البرنامج فى أصعب أيامه، مشكلة برامج أحمد هى أحمد نفسه، ولي معه تجربة تؤكد ذلك أدعوه ليتذكرها ويصمم على الإستمرارية هذه المرة برغم وبرغم الظنون من تبعات النجاح. /4(أسماء فى حياتنا) مثال للإستمرارية فهو صامد منذ تسجيلاته مع الشيخ عوض الله صالح والدكتور حسن بليل، ليس صدفة أن يستمر برنامج لثلاثة عقود.. شكراً جزيلا ولعل غيري يشكرك (عمليا). /5 ما ذُكرت المعارك الصحفية إلا وتذكرنا صحيفة (كردفان) وصاحبها الذى انتزع إعجاب المستعمر بشجاعته، عاد أستاذنا الدكتور النور دفع الله من مهجره بكتاب جديد في (سيرة وصحيفة كردفان)، لها وله التحية .