كل أهل السودان، بل وكثير من الدول المجاورة، أو البعيدة الإفريقية منها، والعربية أوالأوربية وفيهم المعارضون، والمؤيدون جميعهم يتطلعون بالأمل الى ما سيكون عليه حال الإصلاح القادم، في قيادة وحكم دولة السودان الجديد، من خلال الجمهورية الثانية، وهم طبعاً يختلفون في الرأي مع المعارضين المطلقين الذين يتحدثون عن ضرورة إسقاط النظام القائم بوسائلهم التي يرتبون لها، ويعملون لإحكامها. هؤلاء المتطلعون بالأمل، والمتفائلون بمستقبل أفضل، يدعمون وجهة نظرهم، بأن البلاد لا يمكن أن تتحمل أكثر مما تعانيه الآن، وما يحيط بها من المخاطر الدولية والإقليمية، وما يعانيه شعبها من الظلم، والتهميش والتردي، في مناحي الحياة المختلفة، ولا تخلو صحيفة يومية من الحديث والتعرض لهذه المواجع بالتفصيل يومياً، لذلك هم يتمسكون بالأمل في الإصلاح الذي يرتجونه، فيما تسفر عنه الجمهورية الثانية، بعد اثنين وعشرين عاماً كانت هي الجمهورية التي انصرمت بكل ما أفرزته. إن هذه الآمال والتطلعات من كل الجهات التي ذكرت، تتجمع وتنتهي عندك أخي الرئيس، بحكم مسئوليتك القيادية، التي أولاك اياها هذا الشعب، وحملك بها مسئولية التاريخ والوطن، وقبل ذلك مسؤولية يوم السؤال الأعظم، لاسيما وأنت قد ظللت في هذا الموقع القيادي هذه السنين الطويلة.. وبلا شك أنك قد عجمت العيدان كلها، ولن تفوت على فطنتك القيادية أنك قد مايزت بينها وتعرفت على الغث والسمين.. ومن هو القوي الأمين فعلاً، ومن المدعي والمتملق، الذي يسحر الآخرين بمعسول الكلام، وفارغ التقارير التي ما قتلت ذبابة، ولا ساقت حلولاً مقنعة لأي من اشكالات البلاد وشعبها. أخي الرئيس لقد واتتك الآن فرصة ذهبية، ساقها لك الله سبحانه وتعالى، لتتدبر أمرك جيداً، في كيف تكون هذه الجمهورية الثانية، ومن هم الأشخاص أصحاب الكفاءة والقدرات، والأمانة والقبول الجماهيري، ويتمتعون بالوطنية المطلقة، والصدقية، وبالتجرد والذين يفرون من عرض الدنيا الزائل، والذين يدركون أن شعار التمكين ليس لفرد، أو لحزب دون الآخرين.. بل لكل الوطن وشعبه. الأخ الرئيس أنا كواحد من الذين ينتظرون هذه الجمهورية الثانية، بالأمل والرجاء في إصلاح شامل، سعدت جداً ببدايتك الموفقة باختيار الأخ علي عثمان نائباً أول، ولا أظنه يحتاج مني أو من غيري لتشريح في شخصيته، أو تزكية لكفاءته، وقدراته، وزهده.. ثم الأهم هو أنك قد قطعت بهذا التعيين الطريق أمام التطلعات التي احتشدت في المرحلة السابقة، أما اختيارك للأخ د. الحاج آدم نائباً لرئيس الجمهورية، فهو اختيار قد صادف أهله تماماً.. فالأخ د. الحاج آدم قد عايشته لفترة طويلة وزيراً للزراعة في الاقليم الشمالي، ثم نائباً لوالي الولاية الشمالية، ووزيراً للزراعة، ثم واليا للولاية، وفي كل هذه الفترة ما رأينا فيه غيرالورع، والتجرد، وطهر اليد واللسان، فهو من الأتقياء الذين يسبغون الوضوء على الوضوء، في حله وترحاله، وأشهد له بالتفاني في عمله، الذي يمتد حتى الساعات الأولى من الصباح.. ثم فوق ذلك كله فهو صادق مع نفسه، وجرئ في قراراته، وهو يعمل بقوله تعالى: (فإذا عزمت فتوكل على الله).. وليس ببعيد عن الأذهان انه عندما تبلورت قناعته السياسية عند المفاصلة، انضم لشيخه آنذاك في المؤتمر الشعبي، راكلاً وزارة الزراعة الإتحادية، بكل زخرف الوزارات، ووهجها، وامتيازاتها، وذهب بكل قوة ودون تردد كحال الكثيرين وقتها.. وعندما قرر العودة للمؤتمر الوطني لقناعات بررتها ظروف الوطن، قدم استقالته لشيخه في جرأة يحسد عليها، وعاد للمؤتمر الوطني.. وأعتقد انه قد أبلى بلاء حسناً في الموقع الذي تبوأه.. وفي قوة الرجال وشهامتهم النادرتين، حفظ من خرج عنهم، واحترمهم، وأقنع من انضم اليهم بالإخلاص والعمل . فلا عجب أن يقع اختيارك أخي الرئيس على أمثال هؤلاء.. لاسيما وأنهما جاءا وهما يتمتعان برضا وقبول كل أهل السودان، ولا يمثلان موازنة أو ترضية لقبيلة أو جهة. فامض في باقي خياراتك على هذا النهج، ولتكن معاييرك هي الوطنية أولاً، ثم الكفاءة والقدرة، والتجرد والطهر، لنلج رحاب الجمهورية الثانية إن شاء الله، ونحن أكثر تطلعاً لمستقبل زاهر، نستغل فيه خيرات بلادنا لخيرعامة أهل السودان. والله من وراء القصد.