جاءني تلفون غاضب صباح أمس من الأخ حاتم احمد علي كرار!! وهو من أهلنا «أعيان» مويس!! ويكفي هذه الصفة!! قال لي الناس «فايرة» في شندي. وزعلانين من (آخر لحظة) وقبل أن يكمل حديثه فقد عرفت سبب الزعل!! فقد نشرت (آخر لحظة) في صدر صفحتها الأولى أمس الأول الخبر الذي أوردته زميلتنا «مي علي آدم» محررة أخبار الجريمة. والذي يتعلق بتوجيه محكمة جنايات شندي برئاسة مولانا حاتم عثمان الطيب تهمة الاغتصاب والقتل لمتهم باغتصاب وقتل طفلة زوجته ذات الأعوام الأربعة!! ü الأخ حاتم يعتقد أن الوقائع لا تشبه المنطقة والمجتمع المعروف عنه بأنه متماسك ويخلو سجله من مثل هذه الجرائم «الكبيرة» و«المعقدة» ويقول إن الناس غاضبون وأن مرتكب الجريمة من خارج المنطقة وو.. إلخ حيثيات مثل هذه الأحاسيس التي تندرج تحت طائلة أن «الشينة منكورة»!!. ونحن في الصحافة وعلى المستوى الإنساني لا نختلف في مشاعرنا وأحاسيسنا عن مثل هذه الانفعالات النبيلة التي أوردها لنا «حاتم كرار» ومثل هذه الأخبار «صادمة» و«مؤلمة» ووقعها على النفس «حار» و«قاسي»!! ولكننا نعمل في مثل هذا المجال بعيداً عن «الانفعالات» ولسبب واحد!! وبسيط بأن هناك مهنية تحكمنا! ولا نستطيع منها فكاكاً وأبسط قواعد المهنية تقول إن «الخبر مقدس والتعليق حر»!! فنحن نورد الأخبار كما جاءت من مصادرها خاصة اذا كانت المصادر ذات صلة بالقضاء!! ففي هذه الحالة لا تختلف الصحافة عن قاعة المحكمة فالأخيرة أيضاً مفتوحة للعامة وجلساتها علنية والنشر متاح والفرق هنا أن الصحافة تخاطب مساحة أكبر من الرأي العام!! وعندما ننشر الخبر فاننا لا ننظر لموقعه الجغرافي من أين اتى؟ فشندي مثل نيالا ومثل مدني. وطوكر عندنا هي قيسان. فالنظرة واحدة والمقياس واحد ولا تعرف «الجهويات» و«القبليات» طريقها لمذاهب نشر الخبر. ومع ذلك فإننا نجد أن هناك مدارس متباينة إزاء نشر أخبار الجريمة في المجتمع فهناك من يؤيد النشر وله مبرراته وهناك من يرفض وأيضاً له أسبابه. وهو مثل أخونا «حاتم» فالذي يؤيد يقول إن الحجب يعني دفن الرؤوس في الرمال. وغض النظر عن حقيقة موجودة وماثلة للعيان ولا يفيد كثيراً الانكار هنا والنشر في حد ذاته بمثابة إنارة «مصباح أحمر» لينتبه الناس خصوصاً في مثل الجرائم المتعلقة بالإطفال من قتل وإغتصاب وإختطاف وهي جرائم للأسف الشديد أصبحت ذات وجود يومي ولا سبيل لمكافحتها والحد منها سوى أن نسلط عليها أضواء كاشفة وهذا ما تفعله الصحافة السودانية وهو على الأقل جهد المقل. ونشر أخبار الجريمة ليس مطلقاً فهناك إلتزام بالمسؤولية الاجتماعية تجاه الأسر ولا نسعى للتشهير بالأشخاص ونكتفي ب«الترميز» حتى لا يذهب الشك بعيداً فأفراد الاسرة في غالب الأمر لا ذنب لهم فيما حدث. وتبقى الأمنيات والدعوات بأن يحفظ الله بلادنا ومجتمعاتنا من كل شرور والعتبى لأهلنا في شندي ان اصابهم بعض «الرزاز». فمثل هذه الأحداث العابرة والدخيلة لا تفت في عضد المجتمع «الراكز» في أعماق سحيقة بقيم الأخلاق الفاضلة والسمحة.!!