عدتُ إلى منزلي مساء الجمعة في وقت متأخر بعد أن شاركت في حفل التكريم الذي نظمته وزارة تنمية الموارد البشرية وعلى رأسها وزيرها الأستاذ كمال عبد اللطيف، ووزير الدولة الأستاذ السماني الوسيلة ووكيلة الوزارة البروفيسور عواطف العجيمي، والسفير عبد المحمود عبد الحليم الذي علمت دون أن يعلمني أحد أنه بات أحد أركان وركائز هذه الوزارة الكبيرة، وقد شارك أكثر منسوبيها في ذلك الحفل الذي خصص لتكريم الكابتن طيار الشاب ياسر محمد الصفي وبقية طاقم طائرة سودانير الفوكرز «50» التي نجا ركابها بفضل الله ورعايته من كارثة كادت أن تودي بهم أجمعين، إلا أن الله سبحانه وتعالى ألهم الكابتن الصفي الصواب، فنجا وأنجى أرواح أربعة وأربعين غيره، نحسب أنه قد كُتب لهم عمر جديد، نسأل الله أن يمضوه في الطاعات. عدت إلى المنزل متأخراً وأخبرتُ زوجتي بأن الكابتن وافراد الطاقم شباب صغار السن، لو أنني كنتُ من ركاب الطائرة وشاهدتهم لترددت في الصعود إليها.. ولكن بعد الذي حدث أحسب أنه لم يعد من ينافس الشباب في شأن الطيران و «شارة الكابتنية» كما في لغة كرة القدم. كان ملفتاً لي بشكل خاص مشاركة أحد آباء الطيران في بلادنا، الكابتن شيخ الدين محمد عبد الله والذي أحسب أنه كان أول من هبط إضطرارياً خارج مدرج الطائرات في مطار الخرطوم، وكنت حتى مساء أمس الأول أحسب أنه قد هبط بالطائرة على النيل لو لا أن صححني الخبير السوداني العالمي المهندس محمد الحسن المجمر بأن الهبوط كان في الميادين المحيطة بالمطار وقت الحادثة، التي لا أذكر تاريخها بالتحديد لصغر السن آنذاك. والذي لم يكن ملفتاً لي لأنه كان متوقعاً، فهو وجود الوزير فيصل حماد الذي كان أول من بادر وأشاد بالكابتن وطاقمه ودفع بالترقية الخاصة لهم وقدم تنويراً كاملاً أمام جلسة مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الماضي، وكذلك وجود الأخ الفاضل الكريم السيد العبيد فضل المولى علي مدير عام الخطوط الجوية السودانية، وسعادة الفريق يوسف إبراهيم أحمد عمر نائب مدير الطيران المدني، وقد سألت من يعرف: «أين اللواء مهندس محمد عبد العزيز، مدير الهيئة العامة للطيران المدني؟» فعلمت أنه خارج الوطن يستشفي من علة طارئة نسأل الله أن يشفيه وأن يعيده سالماً غانماً معافى إلى وطنه وأسرته في الطيران المدني وأهله، فقد أسس الرجل لأنظمة سلامة حديثة في مطارات بلادنا، بعد حادثة إحتراق طائرة سودانير المشهورة في العام 2008م، خاصة وأن تعيينه جاء في أعقاب تلك الحادثة، وقد شهد له من معه ومن يتعاونون مع الهيئة بالانجازات التي تحققت في عهده، وأحسب أن شهادة الأخ الفريق يوسف هي أقوى الشهادات. تكريم الكابتن ياسر الصفي كان فرصة طيبة لنا أن نلتقي بوالده ووالدته وأسرته الكريمة وأن نلتقي بكل الطاقم الشجاع الذي تسلح بالإيمان والمعرفة فنجا وأنجى غيره، وقد خرجنا بدرس عظيم هو أن التنسيق والتعاون بين كل الجهات ذات الصلة بعمل الطيران سيقود حتماً للسلامة المرجوة، فالشكر أجزله للأستاذ كمال عبد اللطيف وكل أركان الوزارة والشكر لوزارة النقل ووزارات الدفاع والداخلية وللطيران المدني ولسودانير ولكل من أسهم في «تبييض» وجه السودان يومذاك، والشكر لفرفور ومحمد خضر بشير وللفرقة الموسيقية المدهشة لأنهم زرعوا البهجة داخل نفوسنا.. والشكر للصحافة والإعلام وممثليهما والشكر من قبل ومن بعد لله رب العالمين.