قرأت بدهش بالغ ما كتبه الأستاذ عبد الرحمن جبر المشرف على صفحتكم الفنية عن وزارة الثقافة والعازف عثمان محيي الدين في عدد الجمعة 15/10/2011م تحت عنوان (لا خير فينا إن لم نقلها)، ولقد كتبت مرة وأنا أرد على صحفي شاب.. أن الكلمة المهذبة التي تصاحب مقال المدح أو الذم هي مطية الصحفي لبلوغ المراتب الأمامية في صف الصحافة، والحصول على المعلومة الصحيحة وامتلاك وثيقتها، إن تيسر أمر حتمي يبريء ذمة الكاتب ويكسبه ثقة القراء، بما فيهم الجهة التي يسوق في حقها المدح أو القدح.. ولكن (ترى أسمعت لو ناديت حياً). فوزارة الثقافة الاتحادية وأنا بأمرها عليم بحكم منصبي لا (تهدر أموال الدولة) ولكنها توظفها لخدمة الثقافة والفن بأنماطه المختلفة، بهدف ترقيتها وتطويرها والنهوض بها نحو أفق جديد، تنفيذاً للاختصاصات التي حددها المرسوم الدستوري رقم (22) الذي قضى بانشاء وزارة إتحادية للثقافة، وفي سبيل تحقيق هذه الاختصاصات وجهت الوزارة أموالها- ولم تهدرها- وللدولة مؤسسة يقظة للمراجعة تتابع بمهنية عالية أموال الدولة وتحاسب من يهدرها في غير وجهاتها بصورة سنوية راتبة، لذا فاتهام الصحفي لجهة بأنها (تهدر أموال الدولة) إتهام خطير لم يتوخ فيه كاتب المقال التروي والحذر اللازمين، والسموأل خلف الله وزير الثقافة الذي ما فتئت سهام بعض الصحف تنوشه بلا انقطاع هو الوزير الذي أحدث حراكاً ثقافياً وفنياً واسعاً بتقلده المنصب، وقد أحمدت قبيلة الثقافة لرئيس الجمهورية أن عيَّن لهم وزيراً من أهل القبيلة، فحراك السموأل قبل وبعد تقلده المنصب لا تخطئه العين إلا من عمى، ولا الأذن إلا من صمم.. أقول هذا وما عودت قلمي مدح مسؤول إلا مضطراً خشية أن يظن بي الناس الظنون، ويعلم الله وحده أن ما أقوله اليوم لا دافع له إلا مسؤوليتي كمستشار لوزير يؤدي دوره كما ينبغي، بل أكثر مما ينبغي بكثير، ولا أرى داعياً لتعداد ما أنجز السموأل في فترته القصيرة من انجازات كانت في رتق البنية التحتية للثقافة، أو في إشراك أهل الثقافة دون فرز في الشأن الثقافي أو في اشعال الساحة بالمهرجانات والمحافل الفنية والثقافية، أو تطوير العلاقات الثقافية الخارجية، فمقالي قصدت به الرد على صاحب الصفحة الفنية الأستاذ عبد الرحمن جبر وألخص الرد في هذه النقاط: 1. قولك (80 ألف جنيه استلمها عازف الكمان عثمان محيي الدين «بتهوفن» الوزارة) من الوزارة عارٍ تماماً من الصحة، فقد مول العازف عثمان انتاج الشريط والكتاب بنفسه، وكل ما ذهب إليه من الوزارة 10 آلاف جنيه تبرع بها الوزير لشراء الأشرطة، حدد أن يذهب نصفها لأسرة التاج مصطفى، وقد تبرع الوزير بمبلغ ال10 آلاف جنيه من قبل عثمان للعشرات من أهل الثقافة والفن، ويمكن مراجعة الإدارة المالية بالوزارة للتأكد من أن الوزير لم يمنح عثمان محيي الدين 80 ألف جنيه. 2. قولك إن الوزارة (تميز بين عازف متواضع الامكانات وبين أرقام موسيقية..) هو أيضاً عارٍ من الصحة، فنهج الوزارة الذي أصبح ثابتاً بعد مجيء الوزير السموأل، هو تشجيع كل صاحب مبادرة فنية ورعاية مبادرته وتزليل ما يعترضها من عقبات إجرائية ديوانية، وبعد انجاز المبادرة التي تتم تحت رعاية الوزارة يقدم له الوزير دعماً مادياً لا يتعدى العشرة آلاف وليس 80 ألف، كما أدعى عبد الرحمن جبر.. وخلال هذا العام تم دعم ورعاية العديد من المبادرات. 3. نعم هنالك من العازفين من هم أكثر من عثمان محيي الدين تجربة وتجويداً كعربي ومحمدية وغيرهم، وأبواب الوزارة مشرعة إن جاءنا أحدهم بمبادرة مثل التي طرق بها عثمان محيي الدين بابنا،، أما د.الفاتح حسين فالوزارة إدراكاً منها لمكانته الموسيقية الرفيعة عملت على إشراكه في كل مجالسها ومحافلها الموسيقية، ويعمل جنباً إلى جنب معنا للارتقاء بالموسيقى والإشراف على مهرجاناتها، ومنها المهرجان الدولي الذي تقيمه الوزارة هذا الاسبوع باشتراك سبع دول أجنبية. وعجبت أن برر الصحفي عبد الرحمن جبر دواعي مقاله بقوله (ولكن سيدي الوزير الساكت عن الحق شيطان أخرس والقلم أمانة ومسؤولية)، نعم هذا صحيح، ولكن ليس قبل توخي الدقة والالمام بالحقائق.. وله أقول إن أمسية عثمان محيي الدين الموسيقية كانت أميز وأرقى أمسية ترعاها الوزارة، وفيها تغيير لثقافة الاستماع السودانية، فقد درجنا على سماع الغناء، والأمسية كانت للموسيقى الصرفة، حضرها الآلاف، وتجاوبوا معها بصورة مدهشة، وأثنت عليها أسرة الراحل التاج مصطفى، وقد قال محمد التاج مصطفى وهو على المسرح (عثمان شقيق لنا لم تلده والدتنا).. عمل معنا لثلاثة أشهر دون انقطاع ورفض أن نساهم معه في الشريط وفي الكتاب).. وقد عرفت الصحفي عبد الرحمن جبر، وأنا من كُتاب آخر لحظة، كثير التهذيب ينأى في كتاباته الفنية عن الإسفاف والمهاترة، ولكنه بهذا المقال ينضم إلى ركب المهاترين الذين لا يستوثقون عن حقائق ما يكتبونه، وكان أحرى به- وعثمان من أبناء جيله- أن يؤازره ويشجعه عملاً بتواصل الأجيال بدلاً من مهاترته والتقليل من اجتهاده وموهبته. أما السموأل خلف الله فليعلم- وأظنه يعلم- أن للنجاح ثمناً يُدفع.. رحم الله الشاعر الفذ الراحل الهادي آدم وكأني به قد عنى السموأل الوزير المثابر إذ يقول: أرى طالع الأوطان كالناس منهم ü الحظي ومن أمسى له الحظ جافيا كذاك بلادي كلما ذر شارق ü من الأفق لم يعدم من الدهر راميا لها الله من أرض على الشوك تنطوي ü وتذرو هباءً وردها والأقاحيا مستشار وزير الثقافة