يا حميد.. يا محمد الحسن سالم.. لك أطنان من الحب.. وألوان من الود.. وأمطار من الإعجاب وارتال وجموع من شعبك العظيم.. وهم يتيهون فخراً.. وشرفاً بك.. رغم الجراح رغم النواح.. رغم قسوة حياة.. بائسة.. متجهمة.. وهي من صنع البشر.. بشر ليسوا من صفوفهم، ولا من جموعهم.. ولا من «عينتهم».. بشر.. من جيرة جغرافية أخرى.. وكأنهم من طينة أخرى.. بل وكأنهم من دولة أخرى.. حياتنا غير حياتهم.. ولقمة خبزنا ليست مثل لقمة خبزهم.. حتى أشكالنا غير أشكالهم.. يا حميد.. يا لساناً صادحاً بالحق.. يا قلباً يخفق وينبض موصولاً بقلوب بؤساء وفقراء شعبك.. يا سراجاً يشق دياجير الظلام.. يا قبساً ينير الدروب المتعرجة المظلمة المقفرة.. بل يا نيزكاً يتفجر أبداً كلمة وحرفاً.. ولحناً.. يا للسعادة.. ويا لروعة صفنا.. وما أصدقك مظفر النواب.. وكأنك كنت منا.. وكأنك كنت بيننا.. وكأنك كابدت وقاسيت.. وتعذبت مثلنا.. ما أصدق لسانك وأنت تنشد.. مولاي أنا في صف الجوع الكافر.. لأن الصف الآخر يسجد من ثقل الأوزار.. وعذراً «مظفر» وأيضاً يسجد من ثقل الأموال.. بل يسجد من ثقل الأهوال.. أهوالنا نحن.. ولكنه يسجد لأنه يحملها على ظهره.. ليس رفقاً بنا.. وهو من صنعها.. ولكنها سوف تكون فوق ظهره.. حين يطوي الله الأرض.. نعم أنت إمام صفنا صف الجوع الكافر.. ومحجوب.. مأموم في ذات الصف.. وهاشم أيضاً في الصف.. والحردلو.. شامة.. تتوهج وتتوسط هذا الصف.. وعاطف عضو في الصف.. ونحن باقي الشعب المنهك.. الشعب المتعب.. الشعب الكادح.. نحن كلنا جمهرة وحشود الصف.. أنا لم أنس مصطفى.. وكيف أنسى مصطفى.. وصورته تضيء غلاف ديوان.. (مصابيح السما التامنه).. كيف أنسى مصطفى.. وأنت.. تكتب.. عنه بمضيء الحروف.. صفحة المجد والفخار والعز.. وأي مجد وأي بسالة، وأي فخار أكبر وأكثر وأنبل من حمل هموم الشعب وغنى وتغنى للشعب.. أعجبتني أبيات بطعم البطولة.. لمصطفى.. عجبت من عجبك.. ودهشت من دهشتك وأنت تماماً مثله.. أنت تماماً فعلت ما فعله مصطفى.. وهل تخلفت يا حميد يوماً واحداً عن ركب الشعب.. هل صمت لحظة عن أنين جائع.. أو حزن محروم.. أو بكاء من «إنقفلت أمامه قِبل الله الأربعة».. ومحجوب شريف مثلك ومثله وها هو.. بل ها هو قلبه المتعب المصدوم.. من أهوال يعانيها الشعب.. ها هو من إجزخانة إلى أخرى.. ومن عيادة إلى أخرى.. وهل نقول لكم شكراً .. حتماً تغضبون.. لأنكم نبلاء حد الإعجاز.. حميد.. بالله عليك دعني أهدي هذه الأبيات المترفة.. الوسيمة الفخيمة.. التي حملها ديوانك مصابيح (السما التامنه).. يا أبهر مصباح في ليل مظلم.. يا بؤرة ضوء في ليل حالك.. هل تأذن.. و«بقلب قوي» ونيابة عنك أقول.. نعم.. تغنى من التعب لا من كلاك دمَّن ولا شكراً رجيتَ لا مَن فهل يعني النهاية الموت ويتبعزق غناك سدىً أم إن الغيم حينسابق على الأرض العزيزة ندىً حميد.. أعجبني في الديوان.. كلمات وكأنها مكتوبة.. بدم الأوردة.. ومن محبرة صمام.. محتشدة بالدم.. مرة أخرى.. هل تأذن.. نعم أأذن.. كم من الفلاحين ماتوا وبين أجسادهم اشواك تكفي لبناء زريبة متواضعة.. وما بين أشواك الفلاحين وأشواق الشعراء، أشجار من الحب وكثير من الزهور المتشابكة.. حميد.. شكراً.. فقد جعلت لنا الحياة أكثر سهولة.. حفظك الله والله يغطيك..