كثيرون يطلقون على الأعلام والمشاهير من كبار الشعراء كني والقاباً من عندياتهم، أو قد تتطابق مع هؤلاء الشعراء الكبار، ومن ذلك ومن أشهر هذه الألقاب التي غدت سمة بارزة لا تذكر إلا ويذكر هؤلاء الأفذاذ مثل قولهم أمير الشعراء أحمد شوقي، الذي بايعه كافة شعراء العروبة الفطاحل أميراً عليهم، بما فيهم شاعر النيل حافظ إبراهيم، الذي قال فيه البيت المشهور:- أمير القوافي قد أتيت مبايعاً وهذي جموع الشعر قد بايعت معي وهي بيعة حق لأمير جدير بالإمارة، جدد ديباجة الشعر العربي ولا يزال، فاستحق لقب أمير الشعراء كما استحق حافظ إبراهيم لقب شاعر النيل- وهو كذلك- فالرجل مولود في قلب النيل في ذهبية ترسو في شاطيء النيل، لأب مصري مهندس في الري المصري- وارتبط بالنيل حباً وشعراً ووطنية وإخلاصاً- بل كان في تاريخه جزءاً من تاريخ وادي النيل فقد كان ضابطاً في قوة شرطة سجون السودان في وادي حلفا وغيرها ردحاً من الزمان، وهذا يثير علامة استفهام لدور الآدباء والشعراء الكبار من ضباط الشرطة والحربية، الذين جددوا مجد وديباجة الشعر العربي، ومن ثم الأدب العربي كله من عهد الضابط القائد الفريق محمد سامي البارودي، باعث نهضة الشعر العربي وصولاً إلى (الضابط) حافظ إبراهيم، شاعر النيل حتى نصل إلى جيل الضابط المصري محمد علي أحمد (همسات في ضمير الغيب تشجي مسمعي)، التي يتغنى بها أبو داؤود وصولاً إلى مبارك المغربي (حب الأديم)، وأبو آمنة حامد سال من شعرها الذهب، ومحمود أبو بكر (صه يا كنار)، وأبو بكر عبد الله حامد (ما دمت أنت سعيد)، التي يتغنى بها ابن البادية، ومن المعلوم أن المذكور كان برتبة المقدم في قوات الشرطة عليه رحمة الله، وصولاً إلى كاتب هذه السطور كضابط شرطة، والذي قدم (ريدة زمان) التي يشدو بها الكحلاوي، وغير ذلك من القصائد والدواوين.. وإذا عدنا إلى الألقاب فنجدها كثيرة غزيرة معبرة فإلى جانب أمير الشعراء، وشاعر النيل، نجد ألقاب بدوي الجبل- وباحثة البادية- وميمان وكجراي- وشاعر الكرنك.. وإذا كانت باحثة البادية- ملك حنفي ناصف كريمة الشاعر الكبير حنفي ناصف تمثل الجيل القديم- فإن نازك الملائكة الشاعرة العراقية العربية المجددة، تحمل لقباً جميلاً محبباً إلى نفسها وهو (عاشقة الليل)، الذي أخترته عنواناً لهذا المقال.. فهي تحب الليل، وتكثر من ذكره في أشعارها، ويحلو لها البوح إلى أمسياته الرائعة، ومن أرق ما قالته عن الليل قصيدتها المشهورة والتي تستهلها بالليل قائلة: الليل يسأل من أنا؟ أنا سره القلق العميق الأسود.. أنا صمته المتمرد.. ولففت قلبي بالظنون أرنو وتسألني القرون أنا.. من أكون..؟ أنا روحها الحيران.. أنكرني الزمان أنا مثلها.. في لا مكان.. رحم الله نازك الملائكة التي رحلت منذ بضع سنوات فقد كانت رمزاً لعصرها وجيلها.. وقد ألهمني لقبها (عاشقة الليل) كتابة هذه الكلمات..