المناسبة خاصة جداً.. والحدث شخصي.. والاحتفال عائلي، لكنه يجمع الأصدقاء المقربين لصاحب الدعوة.. واليوم هو ذكرى مولدي أو مولدك، أو مولد أي شخص آخر، أو إنه «عيد الميلاد»، وقد جرّني للكتابة عن هذا الموضوع، ما أثير أول من أمس، من خلال جلسة حوار مفتوح، مع الداعية الإسلامي، والأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، فضيلة الشيخ سلمان العودة، وذلك على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عندما قال أحد المتداخلين: «يا شيخ، أحترمك، وأحترم اجتهادك، فلماذا أفتيت بجواز عيد الميلاد، الذي حرم بالإجماع، وأنت لست بمفتي؟. كان رد الشيخ العودة، إن يوم الميلاد ليس عيداً، وإنه مناسبة شخصية، وإن القول بتحريمه «غريب»، فهو يخص صاحبه ولا يخص الآخرين. تابعت جلسة الحوار المفتوح التي جرت على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وقد عجبت من السؤال، لأن مثل هذه الاحتفالات هي مناسبة للفرح الخاص، وتجلب قدراً من السعادة الشخصية، لفرد واحد أو أسرة أو مجموعة، وطالما أنّه ليس في الأمر «عيب» ولا «حرمة» فلا مانع من أن يحتفل الإنسان بكل ما يرى أنه جدير بالاحتفال، مثل ذكرى الميلاد أو التخرّج، أو إعلان الخطبة، أو عقد الزواج.. أو الحصول على وظيفة، أو نجاح أحد المقاصد مثل الهجرة من أجل العلم أو المال، أو القبول للتخصص أو الترقية.. أو غير ذلك كثير. بالأمس وطالما أن الشيء بالشيء يذكر تلقيت رسالة من إحدى شقيقاتي والتي تقيم مع زوجها وأطفالها خارج السودان، الرسالة عبارة عن طرد صغير، في داخله شريط كاسيت «قديم» طلبت أن استمع إليه وزوجتي فقط، وحددت ألا يستمع إليه أكبر أبنائنا «مؤمن» وذكرت في رسالتها أن يتم الاستماع إليه بعيداً عن الآخرين. قطعاً في مثل هذه الحالة فإن القلوب «تؤدي وتجيب» وتتقافز الأسئلة الساخنة التي تبحث عن إجابات عما يضمه الشريط. أخذنا نستمع إلى الشريط الذي تسلمناه صباحاً، وفككنا أسره بعد أن فضضناه من داخل مُغّلف بلاستيكي محكم الغلق، وجاء إليّ أول ما جاء صوت جدتي لأبي عليهما رحمة الله تتحدث إليّ وإلى آخرين، وهو صوت غاب عن هذه الدنيا، منذ أن رحلت منذ نحو عشرين عاماً، ثم تتداخل أصوات أخرى تكشف لي عن تاريخ تسجيل الشريط الذي جاء في مناسبة خاصة، قبل أكثر من ربع قرن، كانت مناسبة محضورة، شاركني فيها وأسرتي، أصدقائي الأعزاء، العميد أركان حرب وقتها أبوقرون عبد الله أبوقرون، والأستاذ عوض إبراهيم عوض، قبل أن يحصل على درجة الأستاذية أو الدكتوراه قبلها، والزميل الزين أحمد محمد، والفنان محمد تركي، والموسيقار فتحي المك، قبل أن يحطم عوده في الحزام الأخضر، ويحرق النوتة الموسيقية، ويلتحق بالجماعات السلفية، ويطلّق التلحين والغناء «بالثلاثة»، بعد أن قدم عدداً من الألحان الشجية مثل «تحرمني منك» للأستاذ عبد العزيز المبارك و «أرخي الرمش» وغيرها. عدتُ بذاكرتي لذلك الحدث الموثق صوتاً في شريط الكاسيت المرسل إلينا من خارج السودان، وقد ضمّ أصوات الذين ذكرتهم وآخرين.. والمناسبة كانت مرور عام على مولد ابني البكر «مؤمن» الذي سيكون أول المندهشين عندما يسمع ذلك الغناء وتلك القصائد، وكل ما جاء على ألسنة الجمع الكريم. قصصت تلك الأحداث على زميلنا الأستاذ علي فقير عبادي صباح أمس، إذ إنه الوحيد الذي أجده قد سبقني الى الصحيفة، في الصباح الباكر، فقال لي: «لماذا لا نفكر في إقامة منتدى ثقافي وفني للصحيفة؟» ثم تحادثنا في تفاصيل كثيرة، من بينها مكان المنتدى وتوقيته ومردوده على الصحافة والثقافة.. و.. نبدأ بعد الأسبوع الأول الذي يعقب انتهاء عطلة العيد، مباشرة، ويكون موضوعنا الأول، مفاجأة، ويكون زميلنا الأستاذ مؤمن الغالي ركيزة أساسية ترتكز عليها افتتاحية «منتدى «آخر لحظة» الثقافي الاجتماعي الفني» بإذن الله.